ماذا تتوقع الكرة السعودية من الإيطالي مانشيني؟

بعد أن صال وجال في المستطيل الأخضر كلاعب مع أندية بولونيا وسامبدوريا ولاتسيو وليستر سيتي الإنكليزي، ومثّل المنتخب الإيطالي، دخل مانشيني عالم التدريب عام 2001 مع فيورنتينا، وانطلق بعدها في عدة مراحل تدريبية، ختمها بالمنتخب الإيطالي، قبل استلام تدريب السعودية.

الأمر المهم في مسيرة مانشيني هو أنه نجح في ترك بصمة في جميع الفرق التي دربها، ما عدا سان بطرسبرغ الروسي الذي دربه لموسم واحد (2017 ـ 2018).

وحقق مانشيني إجمالا 13 لقبا في مسيرته التدريبية مع الأندية، أهمها لقب الدوري الإنكليزي الممتاز في 2012، بعد الفوز الدراماتيكي بهدف أغويرو في كوينز بارك رينجرز، ليمنح السيتي أول لقب في الحقبة الإماراتية، وكذلك الأول له منذ 44 عاما في البريمييرليغ.

إلى جانب نجاحاته مع الأندية، كتب مانشيني قصة ملهمة مع الآزوري، بعد أن حوله من منتخب مفكك تحاصره الشكوك والإحباط إلى بعبع مخيف لأوروبا.

ومنذ توليه المهمة في أغسطس 2018، قاد مانشيني إيطاليا إلى تحطيم الرقم القياسي لأطول عدد مباريات بدون هزيمة، وذلك بعدما وصل في سبتمبر 2019 إلى 36 مباراة بدون هزيمة، ليحطم رقما كل من البرازيل وإسبانيا السابقين.

وكان الإنجاز الأبرز هو التتويج بلقب يورو 2020 المؤجل إلى 2021 بسب كورونا، وذلك على حساب المنتخب الإنكليزي، وهو الإنجاز الذي يعتبر الأهم للمنتخب الإيطالي، ربما، أكثر من تتويجه بمونديال 2006، كونه جاء بعد فترة إحباط مخيفة، كاد فيها نجم الآزوري قريبا من الأفول إلى الأبد.

ومنذ فشله في بلوغ نهائيات كأس العالم 2018 في روسيا، وهو الغياب الأول له منذ 1958، عاشت إيطاليا تحت وطأة الشكوك إلى أن جاء مانشيني، وأخرجها منها.

إلى جانب السجل التدريبي الحافل والمرصع بالإنجازات لمانشيني، فإن تعيينه في هذا الوقت، ربما يكون إيجابيا للسعودية، لجهة التشابه الكبير في أسلوبه التدريبي مع الأسلوب السابق للفرنسي هيرفي رونار.

ويتجسد وجه التشابه الأول في ضم المواهب الصاعدة، ودمجها في المنتخب تكتيكيا، مثلما فعل رونار مع نجوم مثل عبدالإله المالكي وسعود عبدالحميد، خصوصا الأخير الذي تطور مستواه كثيرا مع المدرب الفرنسي في المنتخب.

وبدوره، يمتلك مانشيني تجربة رائعة مع تقديم عدد من النجوم إلى الشهرة من بوابة المنتخب، ويتصدر هؤلاء لوكاتيلي، الذي أبهر الجميع في يورو 2020، قبل أن يستعيره يوفنتوس بعد البطولة من ساسولو ويشتري عقده لاحقا.

وحدث الأمر ذاته مع فيدريكو كييزا، الذي تألق تحت قيادة مانشيني في يورو 2020.

هناك تشابه في أسلوب اللعب بين كل من رونار ومانشيني، إذ حول المدرب الإيطالي بمجرد استلامه تدريب الآزوري لأسلوب لعبه من"3 ـ 5 ـ 2"، أي من طريقة "الكاتناتشو" التي تتمحور عبر القوة الدفاعية، والتي كان يلعب به سلفه دي فينتورا، إلى طريقة 4 ـ 3 ـ 3، الحديثة، ليحقق طفرة مبهرة في النتائج، بحسب موقع بيشين فور فوتبول مانجر.

أما بالنسبة لرونار، ورغم اعتماده أحيانا على طريقة 4 ـ 3 ـ 2 ـ 1، لكنه تخلى عنها منذ أشهر من المونديال ليعتمد طريقة 4 ـ 3 ـ 3، التي هضمها اللاعبون، ويبدو أنهم مستعدون لها مع مانشيني.

وتألق الأخضر السعودي بفعل هذه الخطة في مونديال 2022 الأخير، وهزم بها منتخب الأرجنتين بقيادة ميسي، قبل أن يتوج الأخير بلق البطولة.

لعل أحد أبرز الأمور التي دفعت السعودية إلى التعاقد مع مانشيني، هو تشابه الوضع في الدوري السعوي حاليا مع الأوضاع التي عاصرها مانشيني خلال تدريب الآزوري.

والمقصود هنا، تحول الدوري السعودي إلى العالمية بعد تعاقده مع عدد من الأسماء الكبيرة مثل نيمار وبنزيمة وكانتي ومحرز وماني وميتروفيتش وغيرهم، وهو ما يتوقع أن يقلل نوعا من فرص النجوم الوطنيين في الدوري، مثل سالم الدوسري وكنو وحسان تمبكتي وغيرهم.

وبدوره، كان مانشيني، كثير الشكوى من عدم اكتراث أندية الكالشيو بالمواهب الإيطالية، لكنه رغم ذلك نجح في توليف منتخب قوي من العدم، حقق معه طوال 5 أعوام 39 انتصارا و13 تعادلا و9 هزائم، فيما سجل المنتخب 130 هدفا واهتزت شباكه 49 مرة، خلال 61 مباراة.

طوال تاريخها الكروي، كانت الأسماء الأجنبية هي الأكثر نجاحا مع المنتخب السعودي.

وفي كأس العالم شاركت السعودية 6 مرات، قادها في 5 مرات منها مدربون أجانب، فيما كان ناصر الجوهر المدرب الوطني الوحيد، عندما قاد السعودية في مونديال 2002 بكوريا واليابان وخرجت السعودية من الدور الأول، الذي تعرضت فيه لهزيمة تاريخية 8 ـ 0 أمام ألمانيا.

وكانت أفضل نتيجة للمنتخب السعودي في المونديال خلال مشاركته في نسخة 1994 في أميركا، عندما بلغ الدور الثاني، بالفوز والهدف التاريخي للنجم سعيد العويران في بلجيكا، وكان ذلك بقيادة المدرب الأرجنتيني خورخي سولاري.

وفي مونديال قطر 2022 الأخير، حقق الأخضر السعودي فوزا تاريخيا على الأرجنتين 2 ـ1 في مباراتهما الأولى بالمونديال، قبل أن تتوج "أرجنتين ميسي" لاحقا باللقب على حساب فرنسا.

وفي كأس آسيا الذي توجت به السعودية في 3 مناسبات (1984، 1988 و1996)، كان لقبين منهما مع مدربين أجانب هما البرازيلي كارلوس ألبرتو بيريرا الذي قادهم للفوز بنسخة 1988 في قطر، والبرتغالي نيلو فينغادا في 1996 في الإمارات.

وبدوره، كان المدرب الوطني خليل الزياني هو أول من قاد الأخضر للفوز باللقب الآسيوي نسخة 1984 في سنغافورة.