ناديا الجزائرية.. قصة الوعد والأمل وراء "حديقة مايا"

بدأت قصة السيدة ناديا تخرج إلى النور "محلياً" منذ أن قررت إنشاء صفحة لها على فيسبوك للترويج لمنتوجها الخاص بصناعة المربى بالطريقة التقليدية التي ورثتها عن جدتها، أسمتها "Jardin De Maya" أو حديقة مايا.

تقول ناديا لبلينكس إن فكرة الصفحة جاءت بعد تقاعدها، لتواصل بها هواية عشقتها ومارستها لعقود داخل أسوار مطبخها وهي صناعة "المعجون" بالطريقة التقليدية، أو المربى كما يُسمى في الجزائر، وأنها بهذا المشروع تحقق الوعد الذي قطعته لجدتها بأن تحافظ على الطريقة الجزائرية التراثية في صناعة هذا المنتج.

لم تحافظ ناديا على هذا الموروث التقليدي فقط، بل عملت على تطويره وابتكار أنواع أخرى من المربى التي لم تتوقف عند الفواكه، بل نجحت في صناعة "مربى الخضراوات"، لعل أكثرها رواجاً "مربى اليقطين"، أو كما يسمى في الجزائر "الكابويا"، وحتى "مربى الطماطم".

وعبر صفحتها تعرض ناديا، ما جاد به مطبخها البسيط من مربى للتين الأسود، والأخضر، والبرتقا،ل والمشمش، والفراولة، والإجاص، والتفاح، والليمون الهندي وغيرها، وكذلك مزجها نوعين من الفواكه في مربى واحد مثل مربى المشمش والفراولة.

لكن ما هي "طريقة ناديا"؟

تقول ناديا لبلينكس إنها حافظت على المكونات الطبيعية الخالية من الإضافات الكيميائية، أبرزها السكر، الكمية بنفس وزن الفاكهة، وكوبين من الماء لكل كيلوغرام من الفاكهة، مع إضافة عصير الليمون وحبة ليمون بعد تقطيعها إلى نصفين.

ولا تزال ناديا من سيدات البيوت اللواتي يصنعن "حلوى المربى" التي تسمى "معجون الطباسة" من مختلف أنواع الفواكه، يكون بحجم حبات الحلويات التقليدية الجزائرية، وتقوم بتزيينه بالمسكرات مثل الفول السوداني أو الجوز أو اللوز أو الفستق.

وتضيف أن الطلبيات تصل إلى ذروتها في فصل الشتاء وشهر رمضان، ما يحتم عليها ربط الليل بالنهار لإكمال الطلبيات التي تصل إلى 20 علبة في اليوم، ما يعادل نصف كيلوغرام للعلبة.

وبهامش ربح رمزي كما تحكي لبلينكس، يصل سعر علبة تزن نحو كيلو غرام 2500 دينار جزائري، حوالي 18.85 دولار، وتحدد سعرها على حسب أسعار الفواكه وبقية المستلزمات.

وتحرص ناديا في الترويج لمنتوجاتها على وضع المربى في علب زجاجية مغطاة بأقمشة مستمدة من التراث الجزائري في ألوانه ورموزه.

ليست موهبة صناعة المربى هي "الصديقة المقربة والصامتة الوحيدة" في حياة ناديا، بل ابنتها مايا أيضاً. في عمر 22 سنة، لا تتفوه بحرف، بل تنطق إما بابتسامة خجولة أو ألماً يكون صامتاً أحياناً وصارخاً أحياناً أخرى.

هكذا قدمت ناديا الجزائرية ابنتها عند دخولها بصعوبة برفقة والدها إلى قاعة الاستقبال، بخطوات ثقيلة وجسم نحيف، وساقين لا تقويان على حمل جسدها الضعيف دون مساعدة من والدها.

مايا مصابة بـ"متلازمة ريت" النادرة منذ أن كانت في الشهر السادس من عمرها، ومع كل سنة تتحور المتلازمة في جسدها ليتحول إلى كومة من الأمراض الأخرى تعيق حركتها، وتصل إلى مرحلة الإعاقة الذهنية وعدم القدرة الكاملة على النطق، كما تقول ناديا عن حالة ابنتها.

كل سنة تتحور المتلازمة في جسدها ليتحول إلى كومة من الأمراض الأخرى تعيق حركتها، وتصل إلى مرحلة الإعاقة الذهنية وعدم القدرة الكاملة على النطق، كما تقول ناديا عن حالة ابنتها.

وفي الوقت الذي تغيب فيه الإحصائيات الرسمية عن عدد حالات متلازمة ريت في الجزائر، تكشف ناديا عن تعرفها على عائلات لم تجد إلا "التستر" على مرض أبنائها، وبينها من يجهل مرضهم، وأرجعت ذلك إلى التهميش الذي تعانيه هذه الحالات وكذلك إلى عدم وجود مختصين في الجزائر لهذا النوع من الأمراض النادرة.