هنري ديلوناي.. ابتلع صافرة فاخترع اليورو

تحفل بطولة كأس أمم أوروبا بالعديد من المواقف الطريفة والغريبة، بعيدا عن العشب الأخضر ومنصات التتويج وحتى مدرجات الجماهير.

وجاءت البداية درامية ومثيرة للغاية في أوائل القرن الماضي، من خلال صاحب براءة الاختراع، الفرنسي هنري ديلوناي.

وُلد ديلوناي في باريس عاصمة النور، يوم 15 يونيو من عام 1883، واتجه سريعا إلى مجال كرة القدم لاعبا ثم حكما، حتى تقلّد العديد من المناصب الإدارية، لكن واقعة واحدة فقط تعرّض لها غيّرت مجرى الأمور تماما في أوروبا.

ابتلع صافرة فاخترع اليورو

أثناء عمله كحكم ساحة، كان ديلوناي يدير مباراة محلية في فرنسا بين فريقي غاريني دوفز وإي إس بينيفولينس، وكانت الأمور تسير على ما يُرام حتى احتسب ركلة حرة مباشرة انبرى لها أحد اللاعبين، بينما كان هنري يضع الصافرة في فمه.

لكن لسوء حظه اتخذ ديلوناي موقعا غير مناسب أمام اللاعب المُكلف بالتسديد، ليوجه الأخير الكرة نحو رأسه، وجاءت العواقب وخيمة؛ حيث ابتلع الصافرة وتحطمت أسنانه ليسقط أرضا قبل تلقي الإسعافات، وفي غضون أيام قليلة اتخذ قرارا حاسما بالاعتزال والتفرغ للعمل الإداري الرياضي.

وبدا للجميع أن ديلوناي عانى من "فوبيا التحكيم"، وقرر أن يبتعد تماما عن المستطيل الأخضر ويركز على تطوير اللعبة من طريق آخر، فأصبح أيقونة في عالم كرة القدم الأوروبية والعالمية.

شمس أمم أوروبا تشرق مبكرا

شغل ديلوناي العديد من المناصب، وكانت تربطه علاقة قوية بمواطنه جول ريميه أحد أشهر من تقلدوا رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، وهو صاحب براءة اختراع كأس العالم، المسابقة الأشهر والأقوى على الإطلاق.

في عام 1927 بدأت فكرة تدشين بطولة تجمع بين المنتخبات الوطنية في أوروبا تجول في أذهان ديلوناي، لكنه واجه صعوبات بالجملة في ظل النزاعات السياسية بين دول القارة العجوز وقتها، والتي مهدت لاحقا لاندلاع الحرب العالمية الثانية.

ومع تأسيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، بات ديلوناي أول من شغل منصب الأمين العام لـ"يويفا"، وهنا بدأ يأخذ الأمور على محمل الجد وبذل جهودا مضنية في سبيل تأسيس كأس أمم أوروبا، قبل وفاته بشكل مفاجئ في نوفمبر 1955.

الحلم أصبح حقيقة

وفاة هنري مثّلت الحافز الأكبر لنجله بيير ديلوناي لاستكمال حلم والده، وواصل المضي قدما في الطريق نفسه، وفي يونيو 1958 اقترح إيبي شوارتز، وهو أول رئيس لليويفا، أن تحمل النسخة الأولى من البطولة اسم "كأس هنري ديلوناي" تقديرا له.

وبالتزامن مع هذا الإعلان، قرر بيير بوشوني رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم آنذاك تكليف بيير ديلوناي بمهمة تصنيع الكأس تكريما لوالده الراحل، بعد أن شغل الأخير منصب الأمين العام خلفا للأب، ليصبح حلم ديلوناي حقيقة، ونتاج الصافرة التي ابتلعها عن طريق الخطأ.