كرة قدم
.
كشف تحقيق بريطاني عن تفاصيل خطة موضوعة من قبل نقابات المراهنات الراغبة في التلاعب في نتائج المباريات بالدوري الإنكليزي الممتاز "بريميرليغ"، من أجل التواصل مع بعض لاعبي المسابقة وإشراكهم في تلك الأنشطة غير المشروعة.
وقالت صحيفة "التلغراف" البريطانية إن نقابات المراهنات والتلاعب في المباريات قامت بالتواصل مع 5 لاعبين على الأقل من البريميرليغ، من أجل الإسهام في تنفيذ خططها.
ونقلت الصحيفة تصريحات لموسيس سوايبو، اللاعب السابق لعدة فرق آخرها سوتون يونايتد ووايت هوك والذي تم سجنه بتهمة التلاعب في المباريات بعد تحقيق أجرته "التلغراف" سابقا، أكد فيها أن نقابات المراهنات غير القانونية باتت تستهدف بقوة المستويات العليا في الكرة الإنكليزية.
وقال سوايبو، الذي كان يعمل مع الاتحاد الإنكليزي ورابطة البريمييرليغ بين عامي 2015 و2019، منذ أن تغيرت حياته، لتثقيف لاعبي كرة القدم الشباب حول مخاطر النزاهة، إن اللاعبين أخبروه عن الأساليب التي تم اتباعها معهم من قبل تلك المنظمات لتوريطهم في المراهنات.
موسى سوايبو
أكد سوايبو لصحيفة "التلغراف" أن اللاعبين كشفوا أنهم تعرضوا لإغراءات كبيرة للمشاركة في تلك الأنشطة وعندما رفضوا تعرضوا للاعتداء من قبل متلاعبين بنتائج المباريات خارج ملاعب التدريب، أو في كازينوهات لندن.
وأشار إلى أن كثيرا من اللاعبين شعروا بالارتباك بسبب القواعد التي تمنعهم من المراهنة على المباريات، رغم أن الشركات الراعية لأنديتهم أو للمسابقة هي شركات مراهنات في الأساس.
وفجر مفاجأة بالتأكيد على أن بعض اللاعبين الذين تواصلوا معه لمناقشة قضايا المراهنات والقمار يلعبون الآن على المستوى الدولي.
تم فرض حظر عالمي على المراهنات في كرة القدم لجميع المشاركين في الدوري الإنكليزي الممتاز وباقي مسابقات الكرة الإنكليزية بمختلف مستوياتها.
ويعد إيفان توني لاعب برينتفورد وساندرو تونالي لاعب نيوكاسل من أبرز الأسماء التي تورطت في فضائح مراهنات خلال السنوات الأخيرة، وقد وقعا في مخالفة لقواعد المقامرة، حيث قضيا عقوبة الإيقاف لمدة 18 شهرًا بينهما، على الرغم من عدم وجود ما يشير إلى أي تلاعب في نتائج المباريات من جانبهما.
وأشارت تلغراف إلى أن سوايبو لم يخبر مسؤولي البريميرليغ بما قيل له، لأنه لا يريد فقد ثقة اللاعبين الذين وثقوا به، وقد أدلى بتصريحاته للصحيفة قبل أن يبث تسجيلا صوتيا لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، يكشف فيه كيف أصبح متورطًا في العمل مع نقابات المراهنة غير القانونية.
كان سوايبو أدين في عام 2015 بعد تحقيق سري بشأن التلاعب بنتائج المباريات أجرته صحيفة "التلغراف" هو ولاعب آخر يدعى ديلروي فيسي، بالتآمر للحصول على رشوة بعد محاكمة في برمنغهام.
كما أدين رجلا أعمال - تشان سانكاران وكريسنا غانيشان - إلى جانب لاعب كرة القدم مايكل بواتينغ، بمحاولة التلاعب في مباريات كرة القدم في محاكمة سابقة، وتبين أن الرجلين لهما صلات مع ويلسون راج بيرمال، وهو متلاعب دولي سيئ السمعة في المباريات.
وقال سوايبو، الذي يعمل الآن على حماية لاعبي كرة القدم الشباب من التورط في المراهنات غير القانونية، إن أحد المتلاعبين بنتائج المباريات الروسية تواصل معه لأول مرة عندما كان يلعب مع نادي لينكولن سيتي هو وفيسي، الذي لعب سابقًا لأندية بولتون واندررز ووست بروميتش ألبيون وهال سيتي.
مايكل بواتينغ
أوضح سويبو أنه وزملاءه حصلوا في البداية على حوالي 60 ألف جنيه إسترليني، لكنهم أعادوها في اليوم التالي بعد أن قرروا عدم المشاركة في التلاعب.. ومع ذلك، فإن نقابة المراهنات الصينية تواصلت مع سوايبو بعدها عندما لعب مع بروملي وشارك هذه المرة في التلاعب.
وأوضح أنه شارك خلال موسم واحد في التلاعب في نحو 5 مباريات، بعضها تضمن التلاعب في النقاط، مشيرا إلى أنه كان على علم باللاعبين الآخرين الذين تم إرسال "الرصاص" إليهم بعد عدم المضي قدمًا في العملية، من أجل تهديدهم.
وقال سوايبو إنه بعد خروجه من السجن عمل مع الدوري الممتاز واتحاد كرة القدم لتثقيف اللاعبين، وأكدت مصادر الهيئة الحاكمة أن "تجربته الحية في التلاعب بنتائج المباريات" تم تضمينها سابقًا في ورش العمل التعليمية حول النزاهة للاعبي أكاديمية الدوري الإنكليزي الممتاز.
وأضاف المطلعون: "شارك موسيس قصته في البداية عبر مقطع فيديو مسجل مسبقًا، ثم حضر بعد ذلك عدة جلسات للمشاركة أيضًا في المناقشات.. وقد لاقت هذه الدورات ردود فعل إيجابية من اللاعبين والأندية، ونحن نقدر مساهماته فيها".
ويلسون راج بيرمال
في معرض تعليقه على الفترة التي قضاها في تلك الأنشطة، قال سوايبو: "أخبرني اللاعبون بأنهم يقامرون.. كانوا يقولون: (أنا أقامر لأننا ترعانا شركة قمار، فلماذا لا أستطيع أن أفعل ذلك؟)".
وقال أيضًا إن ممثلي عصابات المراهنة غير القانونية اتصلوا باللاعبين، موضحا: "أخبرني اللاعبون في الواقع في عدة مناسبات بأن المتلاعبين اتصلوا بهم خارج ملاعب، وطلبوا مقابلتهم في الكازينوهات أو حيث يتنزهون في لندن".
وردًا على اعترافات سوايبو، قال الاتحاد الإنكليزي في بيان أرسل إلى صحيفة التلغراف: "إن نزاهة كرة القدم الإنكليزية، في جميع مستويات اللعبة، لها أهمية قصوى.. المقامرة على كرة القدم من قبل لاعبين محترفين محظورة تمامًا".
وأضاف: "في كل موسم نقدم تعليمات مخصصة لجميع الأندية واللاعبين المحترفين ومعلومات ونصائح أساسية حول مخاطر المراهنة والتلاعب بنتائج المباريات في كرة القدم.. كما نشجع جميع المشاركين في اللعبة على الإبلاغ مباشرة عن أي انتهاكات محتملة لقواعدنا ولوائحنا".
أوردت "التلغراف" بعض كواليس فضيحة التلاعب التي كشفت عنها من قبل، موضحة أن بعض الأشخاص الآسيويين يتواصلون مع اللاعبين، ويطلبون منهم تلقي عدد معين من الأهداف، أو نتيجة معينة مقابل مبلغ معين، ويكون هناك التزام من كل طرف بما يتم الاتفاق عليه.
وأشارت إلى أنه لكي يطمئن المتلاعبون إلى أن المخطط يسير وفقا ما تم الاتفاق عليه قد يحصل اللاعب على بطاقة صفراء في بداية المباراة، ناقلة تصريحات عن شخص سنغافوري قال فيها إن "تكلفة الأمر في إنكلترا مرتفعة للغاية، وعادة ما تبلغ 70 ألف جنيه إسترليني بالنسبة للاعبين".
وأشارت الصحيفة إلى أن التحقيقات التي قامت بها وتم تصويرها بواسطة كاميرات سرية تم الاستيلاء عليها من قبل ضباط شرطة قاموا بمتابعة المتلاعبين على مدار 18 شهرا، قبل أن يتم القبض عليهم، موضحة أن معظم اللاعبين كانوا في الدوريات الدنيا.
ونقلت التلغراف تصريحات لريتشارد وارنر، قائد فرع الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة، قال فيها إن رجال الأعمال حاولوا بناء "شبكة من اللاعبين الفاسدين في المملكة المتحدة"، مضيفا: "هذه ليست الرياضة التي يعرفها محبو كرة القدم.. إنه فساد ورشوة مرتبطان بجريمة منظمة خطيرة".
واصلت الصحيفة نقل اعترافات سايبو، الذي أشار إلى أن المتلاعبين كانوا يتواصلون معهم ليلة المباراة ويطلبون منهم "خسارة مواجهة الغد".
موسى سوايبو
وحكى سوايبو عن أحد المواقف قائلا: "جاءنا أحدهم أنا وفيسي (صديقه) في غرفة الفندق، وقال حرفيًا بعد بضع دقائق تقريبًا (أريدكم يا رفاق أن تخسروا غدًا)، مضيفا (كل ما أحتاجه هو هدفان في الشوط الأول)"، موضحا أن المنسق أعطاهما 60 ألف جنيه إسترليني في حقيبة من القماش الخشن وشجعهما على النوم.
وأكد سوايبو، الذي كان يبلغ من العمر 20 عامًا تقريبا وقتها، أنه كان يعلم أنه لن يفعل ذلك، وفي اليوم التالي، قرر اللاعبون إعادة الأموال، مشيرا إلى أنها لم تكن المرة الوحيدة التي تم التواصل معه فيها، وأنه عندما حدث ذلك بعدها، كان رد فعل سويبو مختلفًا.
وأشار إلى أنه بعد عدة أشهر، كان سوايبو يلعب لفريق بروملي، عندما عاد التلاعب بنتائج المباريات، موضحا أن أحد زملائه اقترب منه وقال: "هناك بعض الرجال يريدون مقابلتك أو مقابلتنا في فندق مايفير.. يريدون منا أن نخسر المباراة غدا".
في الاجتماع، تم منح اللاعبين مبلغ 5 آلاف إسترليني نقدًا "مصروف جيب"، مضيفا: "في اليوم التالي قيل لنا إذا خسرنا بهدفين فستتم الصفقة وسنحصل على المال، مشيرا إلى أن هذا الاجتماع كان "مفصلا" بشكل لا يصدق.. موضحا: "قالوا لنا كيف يريدون منا أن نتعامل مع المباراة من الناحية التكتيكية وما يريدون منا أن نفعله في الشوط الأول".
ويتذكر سوايبو كيف عُرضت على اللاعبين مبالغ مكونة من 6 أرقام، وخط النتيجة الذي يحتاجونه، مؤكدا أن الأمر انتهى به إلى الاستيلاء على معظم الأموال بعد أن أشارت نقابة التلاعب إلى أن اللاعبين الآخرين لم يلتزموا بما اتفقوا عليه.
وقال إنه كان يعلم أن ذلك كان خطأ، لكنه حاول تبرير ذلك لنفسه بالقول إن النادي تأخر عن دفع راتبه، أو إنه اختلف مع المدير، كما كان يعلم أن الأموال الإضافية ستغير ظروفه بشكل كبير، مؤكدا أن كل شيء تغير بعدما عرضوا عليه أن يتولى هو إدارة الأمور، موضحا: هنا بدأ كل شيء".
خلال الموسم التالي، قال سوايبو إنه شارك في نحو 5 صفقات أخرى، بعضها يشمل المراهنة الفورية، بحيث يحصل اللاعبون على بطاقة صفراء أو ركلة ركنية في نقطة معينة من اللعبة، وكلها يمكن أن تكون مربحة على المستوى الآسيوي في سوق المراهنات.
وفي الأشهر التي تلت ذلك، أصبح اللاعب أكثر دراية بالطريقة التي تعمل بها المجموعة التي كان يعمل بها، وقال: "بدأت أفهم كيفية الدفع وحركة التوزيع، ومن يجب أن يفعل ماذا.. أدركت مدى ضخامة عملياتهم على المستوى الدولي".
أدرك سوايبو أنه كان يعمل لصالح "مجموعة إجرامية منظمة" مقرها لندن، وقال إنه شعر في ذلك الوقت بأنهم "مجموعة الصداقة" التابعة له، وهي طريقة تشبه الطريقة التي تعمل بها معظم العصابات، لكنه كان يدرك أيضًا الجانب المظلم من العملية.
وقال: "بشأن ما إذا كنت خائفاً فإن الأمر لم يكن كذلك حتى اكتشفت أن بعض اللاعبين الآخرين تلقوا رصاصات، موضحا: "مجموعة اللاعبين الذين كان من المفترض أن ينفذوا الاتفاقات لم ينفذوها، لذا فإن المحادثة التالية التي دارت بينهم كانت: (هذه رصاصة لكل منهم)".
بعد فترة قصيرة في وايت هوك، اعتزل سوايبو كرة القدم وفكر في الانضمام إلى نقابة التلاعب وتوسيع العملية في أوروبا، وهي الفترة التي تورط فيها مع مافيا التلاعب، بعد تلقي مكالمة هاتفية من بعض "الرجال السنغافوريين" الذين قالوا إن لديهم مستثمرين جددا وكانوا يعرضون 60 ألف جنيه إسترليني.
كما اتصل به لاعب يعرفه، هو مايكل بواتينغ، الذي تواصل معه سويبو وفيسي، يتذكر كيف قال فيسي إنه كان "يتوسل للاعبين".
كان سوايبو متشككا عندما أخبره بواتينغ بأن "رجلا أبيض" يريد مقابلتهما لمناقشة اتفاق، لكن على الرغم من هذا ذهب معه جنبا إلى جنب، موضحا: "ذهبت إلى الزقاق في نهاية الشوط الأول.. لقد سلموني المال في حقيبتي القماشية".. بعدها ذهبوا إلى مطعم هندي قريب، ليتم القبض عليهم.
أدين سوايبو بالتآمر للحصول على الرشوة وحكم عليه بالسجن لمدة 16 شهرا، وعثرت الشرطة على هاتفه أثناء التحقيق، وكان "خائفًا" من اكتشاف الاتفاقات الأخرى، لكن يبدو أنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى البيانات.
بعد خروجه من السجن، تواصل سوايبو مع اتحاد الكرة وقدم معلومات عن نقابة التلاعب، وكيف أن شركة مراهنات "تستهدف ناديا بريطانيا"، موضحا: "هؤلاء الرجال سوف يذهبون لشرائه وسوف يضعون كل هؤلاء اللاعبين هناك، وسيحصل هؤلاء اللاعبون على أموال جيدة".
وواصل: “سوف يذهبون ويحصلون على سيارة.. وسيحقق هذا النادي إيرادات من سوق المراهنات"، ويتذكر أن هذه الشركة مرتبطة بالصين.
زار سوايبو الأندية للتحدث مع اللاعبين حول مخاطر التلاعب، وقال إنه خلال هذه المحادثات قال نحو خمسة لاعبين في الدوري الإنكليزي الممتاز إن وسطاء اتصلوا بهم، أغلبهم أشخاص آسيويون.
يتضمن التلاعب بنتائج المباريات قيام اللاعب بتحديد نتيجة حدث بأكمله مسبقًا، بينما يستهدف التلاعب بالنقاط لحظات أو أحداثا معينة داخل المباراة.. ويعد التلاعب بنتائج المباريات جريمة أكثر صعوبة في التنفيذ حيث يعتقد المتلاعبون أنك تحتاج بشكل عام إلى حوالي 5 لاعبين - أو حارس مرمى - للتعاون.
ويقول الخبراء إن التلاعب بالنقاط أكثر انتشارا في المستويات العليا من الرياضة.. ويمكن أن تمر عملية التلاعب بالنقاط بسهولة تحت الرادار لأنها تتضمن عمومًا تآمر لاعب واحد أو عدد قليل من اللاعبين في لحظة معينة، مثل إعطاء رمية تماس أو ارتكاب خطأ.. وفي كثير من الأحيان، لا تثار الشكوك إلا من خلال أنماط الرهان غير المنتظمة.
وكشف تحقيق التلغراف أن المتلاعبين بنتائج المباريات من آسيا كانوا يستهدفون المباريات في جميع أنحاء بريطانيا، ونتيجة لذلك، تمكنت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة من تنفيذ مجموعة من الاعتقالات، مما أدى في نهاية المطاف إلى إدانة مايكل بواتينغ، وكريشنا سانجي غانيشان، وتشان سانكاران، وموسيس سوايبو، وديلروي فيسي بتهمة التآمر لأخذ الرشوة.
واستمرت الادعاءات في الظهور منذ ذلك الحين، لكنها ظلت غير مثبتة.. وفي عام 2017، ادعى جوي بارتون، الذي تم منعه من ممارسة كرة القدم لمدة 18 شهرًا لوضعه 1260 رهانًا، أنه "ليس هناك شك في ذلك" عندما سئل عما إذا كان التلاعب بنتائج المباريات يحدث في الكرة الإنكليزية.
جوي بارتون
وعن ذلك أضاف: "تسمع النتائج وتقول نعم، هذا ما يحدث إذا سمحت للأشخاص بعدم الحصول على رواتبهم ودخول الأندية في الإدارة.. فجأة أصبح الناس يائسين.. هذا شر يغفل عنه اتحاد كرة القدم".
بعد معارك طويلة وضغط من الحكومة، وافقت أندية الدوري الممتاز العام الماضي بشكل جماعي على سحب رعاية شركات القمار من مقدمة قمصان الأندية في أيام المباريات.
وعندما تم التصويت، كانت هناك 8 أندية من الدرجة الأولى مع استمرار شركات القمار كرعاة للقمصان، بقيمة تقدر بـ60 مليون جنيه إسترليني سنويًا.. لكن اعتبارًا من بداية موسم 2026-2027، لن يكون هناك إعلانات مراهنة سوى على أكمام القمصان ولافتات الملعب.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة