تُفاخر جائزة الكرة الذهبية بأمرين، الأول هو عراقتها، إذ ظلت مستمرة لقرابة 70 عاما، وتعد هذه هي النسخة 68 منها، والثاني يتعلق بعدم فقدان بريقها، رغم اختبار التغييرات الذي دخلته في 2010.

واندمجت الكرة الذهبية مع جائزة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) للأفضل، لتصبح "كرة فيفا الذهبية"، ولاحقا انفصلت عن فيفا، لتعود إلى شكلها القديم في 2015.

ورغم هذه التذبذبات، ظلت الكرة الذهبية محافظة على زخمها، وظلت تخطف الأضواء عن جائزة "ذا بيست" التي يقدمها الفيفا.

وتدين الكرة الذهبية في ذلك الثبات إلى الثنائي الأسطوري ليونيل ميسي وكريسيتانو رونالدو، بفضل تألق غير مسبوق لتلك الثنائية الخالدة في كرة القدم.

ولم يغب الثنائي معا عن ترشيحات الكرة الذهبية منذ 21 عاما، كما فازا معا بـ13 كرة ذهبية (8 كرات لميسي و5 كرات لرونالدو)، كما أنه ومنذ 2008 لم يفز بالكرة الذهبية لاعب آخر غيرهما سوى لوكا مودريتش في 2018 وكريم بنزيما في 2022.

وظل ميسي ورونالدو يشعلان صراع الكرة الذهبية بأرقام تاريخية وقياسية، بجانب حصولهما على سند جماهيري غير مسبوق، لجهة الجماهيرية الضخمة لقطبي الكرة الإسبانية، عندما كان ميسي يرتدى شعار برشلونة، فيما يحلق رونالدو بقميص ريال مدريد.

وحتى عندما قامت الكرة الذهبية بتغيير جذري وتاريخي في 2022 بأن باتت تمنح على أساس موسم كروي وليس عاما تقويميا، ليفوز بها ميسي، لم ينل الجدل من سمعتها، والسبب هو بريق الأسطورة الأرجنتيني المتوج بالمونديال مع التانغو في قطر.

لا تتمثل تحديات الكرة الذهبية في نسخة هذا العام فقط بغياب ميسي رونالدو معا وحرمانها من شبيعة جارفة لكليهما أو أحدهما في أسوأ الأحوال، بل تزامن غيابهما معا مع مفارقة غريبة في موسم المرشحين.

ورأى المحلل في قناة "يورو سبورت" الفرنسية، ماكسيم دوبوي، أن أزمة الكرة الذهبية هذا العام هي غياب النجم المتوهج بشكل فريد في الموسم الماضي.

وأرجع هذه الأمر إلى التغيير في معيار منح الكرة الذهبية، إذ كان من الممكن أن يكون النرويجي إيرلينغ هالاند مرشحا فوق العادة لها، بحال كانت تمنح على أساس عام تقويمي كامل، إذ قاد السيتي بأرقام مرعبة إلى الفوز بثلاثية تاريخية في 2023.

لكن بحسب ماكسيم دوبوي، فإن معيار منحها على أساس موسم جعل الكرة الذهبية تفقد بريقها، إذ إن فينيسيوس جونيور رغم تصدره للترشيحات، لم يسجل سوى 24 هدفا الموسم الماضي.

وبالنسبة للمرشح الثاني جود بيلينغهام لم يسجل سوى 23 هدفا، ويعتمد رفقة فينيسيوس على إنجاز دوري الأبطال مع الريال والفوز بالليغا، لكنهما بالمقابل عانيا مع منتخبي بلادهما.

وبمقارنة الثنائي مع فوز ميسي بالكرة الذهبية عن موسم 2022ـ2023، الذي أثار جدلا، فقد كان الأرجنتيني سجل 32 هدفا في الموسم المذكور.

ولم يحقق فينيسيوس جونيور أي تألق يذكر مع منتخب بلاده في كوبا أميركا الصيف الأخير، كما فشل بيلينغهام في قيادة إنكلترا للفوز على إسبانيا في نهائي يورو 2024 بألمانيا.

ومن جهته، رغم التألق المبهر لفتى برشلونة لامين يامال في يورو 2024 مع إسبانيا، فإنه بالمقابل خرج بموسم سلبي مع برشلونة.

وسيخذل رودي عدم الفوز بالأبطال مع السيتي، رغم تفوقه بلقب يورو.

رغم منح ثنائية ميسي رونالدو الكرة الذهبية الكثير من الزخم والأضواء اللامعة، فإنهما بالمقابل ظلا يجران عليها بعض الانتقادات، خصوصا فيما يتعلق بقضية "التسويق" وكونه المعيار الأول في منح الجائزة.

وفي 2016 فتح لاعب بايرن ميونخ السابق فيليب لام النار على الكرة الذهبية، وهيمنة الثنائي، وقال إن الغرض من ذلك هو ترويجي بحت.

وانتقد لام حصر الجائزة في المهاجمين فقط، وتجاهل دور المراكز الأخرى في كرة القدم.

وبعد فوز ميسي بالجائزة الثامنة في أكتوبر الماضي، نسج لاعب مانشستر سيتي رودري على المنوال ذاته، وقال إن فوز ميسي جاء بدوافع تسويقية.

وأضاف رودري في تصريح شهير لصحيفة "ميرور" البريطانية في فبراير الماضي: "لست مندهشا، والسبب هو أن منح الجائزة يعتمد على التسويق والمال والإعلانات".

والآن، قد تبدو الفرصة سانحة أمام الكرة الذهبية، للتخلص من تهمة المحاباة بغرض التسويق، بل قد يتحول الأمر من الزاوية ذاتها إلى حجة قوية لصالحها بحال فاز بالجائزة فينسيوس جونيور.

ولا يعد فينيسيوس جونيور من الوجوه التسويقية في كرة القدم الحالية، بفعل إثارته للجدل، وردود أفعاله على استفزاز الجماهير، التي باتت تستغل نقطة ضعفه وتأثره بإشكال العنصرية، من أجل تشتيت تركيزه لإبعاده عن التألق داخل المستطيل الأخضر.