النجمة اللبناني.. رحلة صناعة البسمة من رحم القصف

حزم مدافع النجمة قاسم الزين، صاحب الـ33 عاما والمتزوج والأب لولدين، ما تيسّر من حقائب وخرج من منزله بحثا عن مكان آمن لعائلته، بعيدا عن لهيب الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية، شأنه شأن لاعبين آخرين في فريقه وأندية لبنانية أخرى.

نزَحَ قاسم وعائلته بعد أن تضرّر منزلهم جزئيا بسبب القصف، إلى مدينة عاليه في جبل لبنان (تبعد 22 كم عن بيروت)، ليقطن مع أقارب له في بناية مؤلفة من شقق عدة، وعلق على ذلك في تصريحات لـ"فرانس برس" بالقول: "اضطررنا للخروج من منزلنا لأنه يقع في منطقة غير آمنة".

وأوضح مدير الفريق هيثم التنير أن "أكثر من 60% من لاعبي فريقنا اضطروا للنزوح من الضاحية والجنوب، إما بسبب أضرار لحقت بمنازلهم أو بحثا عن مناطق أكثر أمنا، فيما يسكن اللاعبون الأجانب وعدد قليل من المحليين في بيروت"، مؤكدا أن "9 لاعبين دُمِّرت منازلهم كليا أو جزئيا".

يواصل الزين، قائد النجمة الذي بدأ مسيرته في النادي بعمر 9 سنوات، والذي حمل الفريق على كتفيه لخطف لقب الدوري اللبناني من غريمه الأنصار الموسم الماضي، أن الظروف تغيرت فجأة، موضحا: "كل شيء كان على ما يرام، والحياة طبيعية، والدوري بدأ، قبل أن يتبدّل كل شيء".

ونجا الزين من غارة جوية على منطقة الغبيري في ضاحية بيروت الجنوبية في سبتمبر الماضي، وكتب يومها على منصة "إكس": "الحمدالله أنا بخير، صودف مروري بمكان الغارة.. شكرا لكل من اتصل بي للاطمئنان.. الله يحمي الجميع".

وخاضت الأندية اللبنانية جولة واحدة من عمر الدوري المحلي بين 20 و22 سبتمبر الماضي، قبل أن يصدر اتحاد الكرة قرارا بتجميد النشاط حتى 30 نوفمبر بسبب الحرب.

رحلة قاسم، الذي اقتنص هدف الدوري التاسع والذي كان غائبا منذ عقد عن خزائن النادي البيروتي العريق، لم تتوقف في عاليه، إذ كان عليه أن يحزم حقائبه مجددا للتوجّه هذه المرة مع فريقه إلى قطر في معسكر قصير، ومنها إلى بوتان للمشاركة في البطولة القارية.

وحاول قائد الفريق قدر الإمكان حصر تركيز اللاعبين في كرة القدم، لكنه اعترف بأن ذلك كان صعبا، موضحا: "اللاعبون على تواصل دائم مع ذويهم ويتابعون الأخبار لحظة بلحظة.. نحاول أن نُخرجهم من الأجواء الصعبة، لكي يكون هذا المعسكر متنفسا نفسيا لهم أولا، قبل أي شيء آخر".

ووافقه الرأي نجم الفريق المخضرم ربيع عطايا، الذي دُمّر منزله في مدينة صور الجنوبية التي استهدفت مجدّدا (الأربعاء) بغارات أعقبت طلبات إخلاء إسرائيلية أثارت موجة نزوح منها، حيث قال: "نحاول أن نفرّق بين الوضع العام وكرة القدم، لكن مهما حاولت ستبقى تفكّر في عائلتك وأصدقائك ومن تحبهم".

لكن ربيع صاحب الـ35 عاما بدا متفائلا بتحقيق نتيجة إيجابية في البطولة، وقال: "سنحاول تقديم صورة لائقة، وزرع البسمة على وجوه اللبنانيين، لأنهم يستحقون".

شرح مدرّب حراس المرمى في الفريق خالد حمصي الصعوبات التي واجهت الجهاز الفني بقيادة عباس عطوي بعد توسّع الحرب، حيث قال "الوضع كان صعبا جدا بعد توقف الدوري، بسبب الظروف النفسية والنزوح والتنقل. سألنا اللاعبين: هل لديكم القدرة على المشاركة في آسيا؟ فأتى الجواب: نعم، بالتأكيد".

وتلقى الفريق ضربة جديدة قبل التوجه إلى قطر، حيث اعتذر المدير الفني للفريق الصربي دراغان يوفانوفيتش عن عدم إكمال المهمة "لأسباب خاصة"، فيما لم يترك الثلاثي الأجنبي الغاني نيانتيه كوابينا داركو، وموسى بابا عبدولاي، وكولينز أوباري لبنان بعد بدء الحرب.

حرب في الملعب

قال أوباري، الذي يقطن مع مواطنيه داركو وعبدولاي في شارع الحمراء في غرب بيروت، إنه يسمع أصوات الانفجارات الناتجة عن القصف بوضوح، مضيفا: "شعرت بالخوف لأنني لم أعتد على ذلك، لكن لدي عقدا، وعليّ احترامه".

وأضاف: "ما حصل يمنحنا الدافع لإسعاد الشعب اللبناني.. لن نخسر في بوتان"، مشيرا الى أن الفريق سيقاتل داخل الملعب ويخوض المباريات وكأنه ذاهب إلى حرب.

يذكر أنه منذ سنة يتبادل حزب الله وإسرائيل إطلاق النار والقصف عبر الحدود اللبنانية على خلفية الحرب في غزة، لكن المواجهة تحولت لحرب مفتوحة في 23 سبتمبر، مع تكثيف الغارات الجوية على مناطق محسوبة على حزب الله لا سيما في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب البلاد وشرقها.

وبدأت في نهاية سبتمبر عمليات توغّل بري عبر الحدود، وأرغم ذلك التصعيد أكثر من مليون شخص على ترك بيوتهم، وفق السلطات.