هل أصبح ليفربول أقوى فريق في العالم؟

ألقت صحيفة "ماركا" الإسبانية الضوء على انطلاقة ليفربول خلال الموسم الحالي، متسائلة: هل أصبح أقوى فريق في العالم حاليا؟

لكن الصحيفة الإسبانية عادت بالذاكرة عامين إلى الوراء، عندما بدأ "الريدز" موسمهم بطريقة مشابهة، وكان فريقا مرعبا للجميع بقيادة كلوب، واعترف الكثيرون بأنه الأقوى في العالم، لكن كل شيء تغير في السنوات التالية.

وتأهل ليفربول إلى نهائي دوري أبطال أوروبا 2022، وكان الأقرب للفوز على ريال مدريد الإسباني لولا براعة حارس الفريق الملكي البلجيكي تيبوا كورتوا، ونجم هجومه البرازيلي فينيسيوس الذي خطف له هدف الفوز والتتويج.

وتوج الفريق حينها بكأس الرابطة الإنكليزية، وكأس الاتحاد الإنكليزي، والدرع الخيرية، ولم يفلت من بين أنيابه على الصعيد المحلي إلا الدوري الإنكليزي الذي ذهب بفارق نقطة واحدة إلى مانشستر سيتي.

لكن المواسم التالية شهدت سقوطا مفاجئا لليفربول، لدرجة أنه خرج من الموسم التالي 2022-2023 خالي الوفاض بلا أي بطولة، بل وتأخر ترتيبه في دوري الأبطال إلى المركز الخامس، ليغيب عن دوري أبطال أوروبا.

رهان سلوت الناجح

أشارت "ماركا" إلى أنه كانت هناك شكوك كثيرة حول مع المدرب الهولندي أرني سلوت إلى مقاعد البدلاء في أنفيلد، وتساؤلات مدى قدرته على تصحيح مسار الفريق وإعادته إلى مستواه المعهود.

لكن بمرور الأسابيع أثبت سلوت أنه كان رهانا ناجحا من جانب الإدارة الرياضية في النادي الإنكليزي، وتمكن بلمسات فنية واضحة من تكوين فريق قادر على المنافسة على كل البطولات بكل قوة وشراسة.

كما أنه أبدى قدرة فائقة على استخدام كل أسلحة الفريق المتاحة تحت يديه، من أجل معالجة نقاط الضعف في فريقه، أو تعويض الغيابات، ولم يتوان عن اللجوء إلى فريق الشباب حال الحاجة، من أجل سد الثغرات.

وأدت تلك الاستراتيجية إلى منح الفرص للكثير من اللاعبين للمشاركة، واكتشاف قدرات عناصر كانت مدفونة على دكة كلوب، بسبب عدم منحها الفرصة الكاملة، مما أثمر عن النتائج المبهرة والصدارة المحلية والقارية.

ظهرت بصمات سلوت في عدة أمور، أبرزها الخطة التي يلعب بها ليفربول، والتي تعتمد على الصلابة الدفاعية، والدفاع المتقدم من ملعب الخصم، ثم الهجوم الكاسح الذي يمكنه على حين غرة ضرب دفاعات المنافس بكل قوة وهز شباكه.

وأعاد سلوت إحياء مسيرة عدة لاعبين، بينهم الهولندي ريان غرافنبيرخ، الذي بات أحد أفضل لاعبي الوسط في البريميرليغ، بعدما كان مهمشا في حسابات كلوب، لكن مواطنه سلوت تمكن من إعادة اكتشافه مجددا ومساعدته على تقديم أفضل ما عنده.

كما تمكن من تقوية خط دفاع عبر إحياء اليوناني كونستانتينوس تسيميكاس، وجعله يساند ثنائي قلب الدفاع فيرجيل فان ديك وإبراهيما كوناتي من الجانب الأيسر لإضفاء الصلابة على الخط الخلفي.

بينما في خط الوسط تولى أليكسيس ماك أليستر زمام الفريق وأسهم معه الشاب كورتيس جونز أو دومينيك سوبوسلاي بأشياء مختلفة اعتمادًا على الخصم، ووفقا لمميزات وقدرات كل منهما، لكنها جميعا كانت خيارات رفيعة المستوى أثبتت فاعليتها.

أما هجوم ليفربول فهو قاطرة الفريق، التي سجلت 19 هدفًا في الدوري الإنجليزي و10 في دوري أبطال أوروبا، مدمرة كل دفاعات المنافسين.

وكان الوجه المرئي لذلك الخط هو محمد صلاح، الذي عاد إلى ذروته، وبدأ يأخذ الكرة يمينا ويسارا لتبدأ دفاعات الخصوم في الارتعاش.. لكنه لم يعد مهاجما هدافا في الأساس كما كان في 2018، بل أصبح صانعا للعب دون أن يفقد تفوقه في الأمتار الأخيرة، بما جعله أشبه بالأسطورة ليونيل ميسي في الأرجنتين.

وبجانب صلاح، لم يكن رفاقه بعيدين عنه.. ولم يعد لويس دياز اللاعب البطيء، حيث وجد أفضل حالاته ومستوياته سواء على اليسار أو في الوسط، وبدأ يستخدم سرعته ومراوغته لإيجاد مواقف مواتية للحسم ليصبح هدافا قادرا على قيادة الهجوم بمفرده.

بينما كان أفضل شيء هو عمق الفريق الهجومي، الذي كان كودي جاكبو اللاعب الأساسي فيه في المباريات القليلة الماضية، ليعود ذلك اللاعب الذي خطف الأضواء بقميص هولندا.

ومع ذلك، هناك العديد من الخيارات الأخرى على مقاعد البدلاء، مثل ديوغو جوتا المفيد دائمًا، أو داروين نونيز القوي للغاية، حتى فيديريكو كييزا، الذي جاء من يوفنتوس راغبا في إثبات نفسه، رغم أنه لم يحصل على العديد من الفرص حتى الآن.

نتائج عمل سلوت في ليفربول ظهر جليا في أرض الواقع بالنتائج التي تحققت على صعيد كل البطولات حتى الآن، ففي الدوري الإنجليزي خاض الفريق 10 مباريات حقق فيها 8 انتصارات مقابل خسارة مفاجئة من نوتنغهام فورست إحدى مفاجآت الموسم، وتعادل مع أرسنال.

وجمع الفريق 25 نقطة، بفارق نقطتين أمام مانشستر سيتي حامل اللقب في آخر 4 مواسم، بينما امتلك الريدز أقوى دفاع مستقبلا 6 أهداف فقط، مع ثالث أقوى هجوم بـ19 هدفا، بفارق هدفين خلف السيتي وهدف واحد خلف تشيلسي.

وعلى صعيد دوري أبطال أوروبا، خاض الفريق 4 مباريات حقق الفوز فيها جميعا متلقيا هدفا واحدا فقط، على حساب كل من ميلان الإيطالي 3-1 ومواطنه بولونيا 2-0، ولايبزيغ الألماني 1-0 ومواطنه باير ليفركوزن 4-0 بطل التتويج التاريخي بالدوري الألماني الموسم الماضي بلا هزيمة.

كما تأهل الفريق لربع نهائي كأس رابطة المحترفين الإنكليزية، وضرب موعدا مع ساوثهامبتون، ولم يبدأ مشواره في كأس الاتحاد الإنكليزي بعد.

لكن الفيصل في موسم ليفربول ومدى كونه أصبح الفريق الأقوى في العالم من عدمه سيتضح خلال الفترة المقبلة، التي ستكون حافلة بتحديات أكبر على كل الأصعدة.

فهل يتمكن ليفربول "الرهيب" حاليا من الصمود في نتائجه الكاسحة حتى نهاية الموسم وترجمتها إلى تتويج بالبطولات، أم سيتعطل القطار في المتصف وينتكس كما حدث له في مواسم سابقة؟