كرة قدم
.
انهارت مسيرة البرتغالي جوزيه مورينيو بشكل تدريجي على مدار السنوات، بعد أن كان مُصنفا كواحد من بين أفضل المديرين الفنيين في التاريخ، بمنافسة شرسة مع الإسباني بيب غوارديولا والإيطالي كارلو أنشيلوتي.
لم يكن أشد المتشائمين يتوقع ما آلت إليه مسيرة مورينيو، الذي ظلّ لعدة سنوات محطا لأنظار أعرق الأندية الأوروبية، بما فيها ريال مدريد الإسباني ومانشستر يونايتد وتشيلسي الإنكليزيين، بخلاف إنتر ميلان الإيطالي وغيرها.. ولكن كيف بدأت مسيرة المدرب الاستثنائي؟ ولماذا انهارت في السنوات الماضية؟ وهل يعود من بعيد على غرار الأسطورة الإيطالي كارلو أنشيلوتي؟
جاءت انطلاقة مورينيو في عالم التدريب من بوابة فريقي بنفيكا وجامعة ليريا في البرتغال، لكنها لم تستمر طويلا هنا وهناك، حتى تولى زمام الأمور الفنية مع بورتو ومعه حقق نجاحات استثنائية ستظل محفورة في تاريخ كرة القدم الأوروبية لعدة سنوات قادمة.
لم يكن بورتو "وقتها" مصنفا بين كبار القارة الأوروبية، لكن مورينيو حوّله بالفعل لأحد أندية الصفوة في الفترة من 2002 إلى 2004، واكتسح معه الألقاب المحلية والقارية أيضا.
تحوّل مورينيو بعدها إلى القائد الحقيقي والملهم لمشروع تشيلسي الإنكليزي، تحت قيادة الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش، وحمل على عاتقه مهمة إعادة كبرياء "البلوز" بعد عقود طويلة من الابتعاد عن منصات التتويج بالألقاب الكبرى محليا وقاريا.
وبين عامي 2004 و2007، تحوّل تشيلسي بالفعل إلى "مرعب" لكبار الأندية الإنكليزية والأوروبية، وتسيّد البطولات المحلية تحديدا لكن التحدي الأكبر المتمثل في دوري أبطال أوروبا ظلّ صامدا أمامه.
وبعد فترة تنقّل خلالها مورينيو بين إنتر ميلان وريال مدريد، حطّ الرحال مجددا في تشيلسي بين عامي 2013 و2015، لكن نجاحاته في "ستامفورد بريدج" اقتصرت على الصعيد المحلي.
يُمكن القول إن الفترة الذهبية لمورينيو على المستوى التدريبي، كانت مع إنتر ميلان الذي قاده لـ5 ألقاب متنوعة من 2008 إلى 2010، وموسمه الأخير تحديدا شهد ثلاثية تاريخية لا تُنسى، مكونة من الدوري الإيطالي وكأس إيطاليا ودوري أبطال أوروبا، وهي نجاحات دفعت ريال مدريد ليتحرك نحو التعاقد معه.
ورغم أنه ذهب إلى ريال مدريد بتوقعات هائلة، إلا أن أغلب محبيه اعتقدوا أن تلك الخطوة بمثابة "بداية النهاية" في مسيرة مدرب أطلق على نفسه لقب "الاستثنائي"، لدرجة أنه حقق 3 ألقاب فقط مع "الملكي" خلال 3 سنوات كاملة، رغم وجود كتيبة من النجوم بقيادة مواطنه الأسطوري كريستيانو رونالدو، البرازيلي ريكاردو كاكا والكرواتي لوكا مودريتش وغيرهم.
بعد ريال مدريد، عاد مورينيو إلى تشيلسي، واكتفى بعدة إنجازات محلية قبل إقالته لسوء النتائج في عام 2015.
بشكل مفاجئ، أعلن نادي مانشستر يونايتد التعاقد مع مورينيو أملا في إعادة إنجازات الفريق الغائبة منذ اعتزال الأسطورة الاسكتلندي أليكس فيرغسون، ويؤمن الكثيرون بأن فترة "مو" هي الأنجح ولو بقدر بسيط في تاريخ "الشياطين الحمر" منذ اعتزال "السير"، مقارنة بما قدمه غيره من أمثال الأسطورة الهولندي لويس فان غال.
حقق مورينيو 3 ألقاب مع مانشستر يونايتد، أبرزها كأس الدوري الأوروبي 2017 رغم معاناة الفريق وقتها من إصابات ضربت أبرز عناصره، وبخاصة الأسطورة السويدي زلاتان إبراهيموفيتش، لكن بعد رحيله عن "ريد ديفلز" لم يتول المدرب البرتغالي قيادة أي من الفرق الكبرى حتى الآن.
قاد مورينيو توتنهام هوتسبير، جار تشيلسي في العاصمة لندن بين عامي 2019 و2021، ولم يحقق معه أي لقب، ثم تراجع خطوة أخرى بتدريب روما الإيطالي لكنه فاز معه بالدوري الأوروبي للمرة الأولى في تاريخه 2021-22، حتى تمت إقالته بطريقة اعتبرها محبوه "مهينة" في حق تاريخه الكبير.
وفي صيف 2024، وبينما كان الجميع يترقب انتفاضة مورينيو وعودته كواحد من صفوة المدربين، باغت هو نفسه محبيه واتجه إلى الدوري التركي من بوابة فنربخشة ليؤكد أن اعتزاله أصبح مسألة وقت.
منذ اليوم الأول له في فنربخشة لم يتوقف مورينيو عن توجيه النقد والإهانات، لدرجة أنه صرّح بأن "الدوري التركي رائحته كريهة ولا أحد يشاهده خارج حدود البلاد".
وجاء تصريح مورينيو تعبيرا منه عما وصفه بـ"سوء الأداء التحكيمي ومجاملة منافسي فنربخشة" لكنه لم يمر مرور الكرام على مسؤولي الاتحاد التركي لكرة القدم، الذي وقعوا عقوبات قاسية عليه بين إدارية ومالية.
وانتقد حارس مرمى غلطة سراي موسليرا، الموقف الذي يتخذه مورينيو في تركيا، وقال إن "الإهانات التي يوجهها هو لكرة القدم التركية وحقيقة أنه هاجم بعض الحكام كلها أمور تزعجني، هذه هي المرة الأولى منذ 14 عاما التي أشعر فيها بأنني مضطر لإلقاء خطاب من هذا النوع".
وأضاف "لقد فزت بـ17 لقبا في 14 عاما، وبالنظر إلى مساهمتي فإن هدفي الدائم هو تطوير كرة القدم التركية. إذا انتقد مورينيو، الذي جاء إلى هنا قبل 4 أشهر فقط، كرة القدم التركية ولم يعجبه، فيمكنه الرحيل. عليهم أن يخبروه بذلك".
وأتم : "نحن بحاجة إلى المزيد من الاهتمام بأولئك الذين يطورون كرة القدم التركية".
لكن الوضع زاد سوءا من طرف مورينيو، الذي صرّح مجددا بقوله "أنا غاضب من فريق فنربخشة الذي أحضرني إلى هنا، لقد أخبروني بنصف القصة. لو قالوا لي كل شيء، لما أتيت مطلقا".
خلال سنوات قليلة مضت، تراجعت مسيرة مدرب ريال مدريد كارلو أنشيلوتي، وتحديدا عندما ترك العملاق الألماني بايرن ميونخ، وتولى بشكل مفاجئ قيادة نابولي الإيطالي ثم تراجع مجددا بالموافقة على تدريب إيفرتون، ليتوقع الكثيرون نهاية أسطورة واحد من أنجح المدربين عبر التاريخ.
في الفترة من 2017 وحتى 2021 لم يُتوج أنشيلوتي بأي لقب، حتى تحدى رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز الجميع وقرر إعادته إلى ملعب سانتياغو برنابيو، وكان كارلو على قدر المسؤولية وأعاد كبرياء الفريق خاصة على مستوى دوري أبطال أوروبا، وتُوج باللقب في نسختي 2022 و2024، بخلاف نجاحات محلية أخرى.
وبالعودة إلى مورينيو، تؤكد صحيفة "غارديان" البريطانية أنه في حالة انفصال نيوكاسل يونايتد الإنكليزي عن إيدي هاو، فإن "سبيشال وان" لديه أفكار إيجابية للغاية بشأن العودة إلى الدوري الممتاز.
وتضيف الصحيفة بقولها إنه "في تركيا، لن يتفاجأ أحد بعود مورينيو إلى الدوري الإنكليزي من بوابة نيوكاسل" الذي يمتلك إمكانيات مادية كبيرة ربما تساعد المدرب البرتغالي على العودة إلى صدارة المشهد ولو بشكل تدريجي، على غرار أنشيلوتي.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة