هل يتحكم ميسي في مصير المدربين؟

لم يكن قرار رحيل مارتينو مفاجئا كليا، إذ أكدته وسائل إعلام قبل 48 ساعة من إعلانه من قبل النادي بشكل رسمي، بل نقلته بصيغته ومسبباته (أسباب شخصية) ذاتها.

وبمجرد ظهور الخبر للمرة الأولى، بدأت تكهنات البديل تشتعل بسرعة، وقبل إعلان رحيل مارتينو بساعات تصدر كل من مدرب برشلونة الإسباني السابق تشافي هيرنانديز، ومدرب شباب الأرجنتين خافيير ماسكيرانو قائمة المرشحين.

ولم يمض الكثير من الوقت حتى كسب ماسكيرانو الجولة على حساب تشافي، وبات المرشح الأبرز لتدريب إنتر ميامي، والاجتماع بصديقه وزميله السابق في برشلونة ومنتخب الأرجنتين ليونيل ميسي، وزملاء آخرين في برشلونة، وهم جوردي ألبا وسيرجي بوسكيتس ولويس سواريز.

صحيفة "سبورت" الكتالونية المقربة من برشلونة نشرت تقريرا تحليليا عن سبب خروج تشافي مبكرا من دائرة ترشيحات إنتر ميامي، وأشارت إلى ضلوع ميسي بشكل أو بآخر في الأمر.

ورغم عدم وصفها علاقة تشافي وميسي بالسوء أو التدهور، فإنها، بالمقابل، رأت أنها في الآونة الأخيرة بدت أقرب إلى المنطقة الباردة منها إلى التواصل عن قرب، وذلك بسبب عدة متغيرات طفت على سطح الأحداث.

ومن جهة أخرى، ركزت الصحيفة على وجود خلاف حقيقي بين تشافي وجوردي ألبا، بسبب اعتماد المدرب في برشلونة على الوافد الجديد أليخاندرو بالدي على حساب الخبرة وزميل الملعب ألبا.

في سياق ابتعاد تشافي، رأى موقع "فوت ميركاتو" الفرنسي أن إدارة إنتر ميامي قدرت علاقة ميسي بصديقه جوردي ألبا، لذا سعت لاستبعاد تشافي، والاتجاه نحو ماسكيرانو، الذي تجمعه صداقة بميسي، تجلت في أبهى صورها في تغزل مدرب شباب الأرجنتين بميسي ودعوته بإلحاح للعب مع منتخب التانغو تحت 23 سنة في أولمبياد باريس.

ومن جهتها، زعمت صحيفة "ماركا" الإسبانية أن ماسكيرانو تقدم الترشيحات لتدريب إنتر ميامي بسبب تزكية من زميله ومواطنه ليو ميسي، حيث لعبا جنبا إلى جنب لمدة 8 سنوات في برشلونة، وحققا معا عدة ألقاب بما في ذلك الدوري الإسباني 5 مرات، ودوري الأبطال مرتين، كما وصلا معا إلى نهائي كأس العالم 2014.

في يونيو 2023، التقطت الكاميرات المدرب الأرجنتيني جيراردو "تاتا" مارتينو وهو يغادر مقر إقامة ليونيل ميسي في مدينة روزاريو بالأرجنتين، وذلك بحسب ما نقله موقع "ذا اثلتيك".

ووفقا للمصدر ذاته، جاء الاجتماع بعد أيام قليلة من إعلان ميسي الانضمام إلى إنتر ميامي خلال حوار شهير مع صحيفة "موندو ديبورتيفو" الإسبانية.

ولم تمر سوى أيام على انضمام ميسي وزيارة مارتينو له في منزله حتى قام إنتر ميامي بتعيين الأخير مدربا للفريق في 28 يونيو 2023.

وكان التقاء مارتينو بميسي هو الثالث بين المدرب واللاعب، إذ كان الأول في برشلونة 2013، ثم في منتخب الأرجنتين 2014، وفي ميامي العام الماضي.

والآن، وفي ظل الغموض الذي صاحب رحيل مارتينو، وإرجاعه الأمر لأسباب خاصة، بدت بعض التكهنات تشير إلى ميسي، خصوصا في ظل خيبة الأمل التي يمر بها اللاعب الذي يعشق البطولات وإثارة النهائيات.

في 2020 أثار المدير الرياضي السابق لبرشلونة أندوني زوبيزاريتا الكثير من الجدل، حول دور ميسي الحقيقي في برشلونة، ومقدرته على إقالة كل مدرب، باعتراف أحد مدربي برشلونة.

وقال زوبيزاريتا إن مدرب برشلونة السابق، المقال من ميامي حديثا، جيراردو "تاتا" مارتينو، أخبره يوما ما بأنه اختلف مع ميسي خلال جلسة تدريبية في ملعب كامب نو، قبل أن ينفجر في وجه اللاعب، قائلا: " أعلم أنك إذا اتصلت بالرئيس فسوف يطردني، لكن لا داعي لأن تظهر لي ذلك كل يوم.. أنا أعرف ذلك بالفعل".

لكن مارتينيو خرج بعد فترة قليلة، لينفي الأمر، قائلا: "هذه الكلمات لم تخرج من فمي أبدا".

وفي برشلونة ظل ميسي بمنزلة الحاكم الفعلي لمصير المدربين، وإن كانت بعض الصحف ظلت تغلف الأمر بطابع إيجابي، عن كونه تحكما، يحدث عبر جهد اللاعب، وتحصينه للمدربين بالألقاب التي يهديها للنادي مع نهاية كل موسم.

وكمثال لقوة ميسي، قد تحضر قصة مدربه السابق في برشلونة إرنستو فالفيردي، الذي ظل الإعلام وإدارة النادي ممثلة في الرئيس السابق جوسيب ماريا بارتوميو ينتقدونه بشدة، لكن رغم ذلك ظل محميا من ميسي، الذي اتجه إلى التقاعس بعد إقالة فالفيردي وتعيين كيكي سيتين، الذي تجرع الفريق في عهده هزيمة تاريخية بطعم العلقم من بايرن ميونخ الألماني 2-8 في دوري أبطال أوروبا.

وفي الأرجنتين أيضا، يجد ميسي نفسه متهما بالتحكم في مصير كل مدرب، وفي هذا السياق سبق أن واجهه الإعلام بالأمر، إذ اتهمه في 2017 بتعيين المدرب السابق إدغاردو باوزا ودعمه، حتى يسهل له اختيار من يرغب في اللعب معهم في المنتخب، واستبعاد من لا يرغب فيهم ميسي.

ومن جهته، نفي ميسي الأمر بشدة، وقال: " هذا الأمر كاذب.. لا يمكن لي أن أتحكم في المدربين واللاعبين الذي يلعبون مع الفريق الوطني".