هل يؤرخ 2024 لانطلاق ثورة تغيير "الجنسيات الرياضية"؟

حقق الاتحاد المغربي لكرة القدم نجاحا كبيرا في مارس الماضي، بعدما أغرى جناح ريال مدريد إبراهيم دياز باللعب له على حساب المنتخب الإسباني، حيث ولد النجم في مدينة ملقة، لأم إسبانية وأب من أصول مغربية.

ومثل إقناع دياز بتغيير جنسيته الرياضية، ضربة معنوية للمغرب، لجهة حجم اللاعب ومكانة ناديه، وأيضا لتمسك الاتحاد الإسباني به، وتشجيعه له على رفض العرض المغربي، والاستمرار مع لاروخا الذي خاض معه مباراة واحدة، فيما لعب لعدد من منتخبات فئاته السنية.

وتزامن مع انضمام إبراهيم دياز للمنتخب المغربي، وصول الظهير الأيسر لرديف ريال مدريد يوسف لخديم (19 عاما)، الذي غير جنسيته الرياضية أيضا، باختيار ارتداء قميص المغرب على حساب إسبانيا.

وشهد الشهر ذاته (مارس)، انضمام موهبة موناكو الفرنسي إلياس بن صغير (19 عاما) لأسود الأطلس، والذي سبق له تمثيل فرنسا في عدة فئات عمرية.

ولاحقا، توج بن صغير مع المنتخب الأولمبي المغربي ببرونزية الألعاب الأولمبية بباريس 2024، وظهر اسمه في قائمة المرشحين لجائزة كوبا 2024 لأفضل لاعب شاب، من فرانس فوتبول، كما تم ترشحيه لجائزة الفتى الذهبي 2024، من صحيفة توتو سبورت الإيطالية.

وفي سبتمبر الماضي، خطف المغرب أيضا الظهير الأيسر لرديف بايرن ميونيخ آدم أزنو (18 عاما)، والذي مثل بالفعل أسود الأطلس في 3 مباريات دولية هذا العام.

رغم هذه النجاحات للمغرب في خطف مواهب منتخبات الفئات السنية الأوروبية، فإنه بالمقابل مني بخيبة كبيرة، بعد فشل محاولاته، لضم جوهرة برشلونة لامين يامال (17 عاما).

وكان يامال محل صراع كبير بين مدربي المغرب وليد الركراكي، ومدرب إسبانيا لويس دي لا فيونتي، قبل أن ينجح الأخير في ضمه، ليتألق بشكل غير مسبوق، ويقود لاروخا للفوز بلقب يورو 2024.

وأغرى هذا الإخفاق الاتحاد المغربي لإحكام قبضته على جوهرة ليل الفرنسي أيوب بوعدي (17 عاما)، والذي أكدت تقارير موافقته على اختيار المغرب على حساب فرنسا، فيما ينتظر فقط صدور جواز السفر الخاص به، ليبدأ المهمة مع أسود الأطلس.

على غرار المغرب، يبدو المنتخب الجزائري أحد أكثر المنتخبات العربية استقطابا لأبناء المهجر في عام 2024.

وتمثلت آخر نجاحات الاتحاد الجزائري لكرة القدم في تعزيز كتيبة المدرب فلاديمير بيتكوفيتش بعنصر مشبع بالخبرة، وهو الظهير الأيمن لنادي فيردر بريمن الألماني ميتشل وايزر (30 عاما)، والذي مثل منتخب ألمانيا في عدة فئات عمرية، دون أن يحصل على استدعاء للمنتخب الأول.

ونجحت الجزائر أيضا، في إقناع موهبة نادي كوبنهاغن الدانماركي أمين شياخة (18 عاما)، بتمثيل الخضر، بعدما مثل المهاجم الموهوب منتخب الدانمارك في فئة الشباب.

أما الضربة الأهم، فتمثلت في خطف الموهبة إبراهيم مازة (19 عاما)، مهاجم هيرتا بيرلين الألماني، من المنتخب الألماني، بعدما ارتدى قميصه في الفئات السنية.

وبالمقابل، كان الفشل الأبرز للاتحاد الجزائري لكرة القدم، هو تسرب موهبة ميلان سابقا وفيورنتينا حاليا ياسين عدلي، الذي اختار تمثيل فرنسا رافضا عرض الجزائر.

نجح منتخب سوريا في تعزيز تشكيلته باسم كبير في عام 2024، وهو النجم محمود داوود‏، الذي لمع اسمه في سماء كرة القدم الأوروبية.

ويلعب داوود (28 عاما) حاليا مع نادي آينتراخت الألماني، وارتدى من قبل قمصان أندية كلا من بوروسيا دورتموند، بوروسيا مونشنغلادباخ، وبرايتون الإنكليزي.

ومثل النجم البالغ من العمر 28 عاما منتخبات المانشافت في عدة فئات عمرية، ووصل للفريق الأول تحت قيادة يواخيم لوف في 7 أكتوبر 2020، حيث تواجد على دكة الاحتياط في مباراتين، دون لعب أي دقيقة، ما أتاح له تغيير جنسيته الدولية.

قد يتمثل السبب الأول في التغيير الإجرائي الذي قام به كونغرس الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا الـ 70، والذي انعقد عبر الفيديو في 2020 بسبب كورونا.

وأقر الكونغرس تعديلات جديدة، بالسماح للاعبين بتغيير جنسياتهم الرياضية، بشرط ألا يكون اللاعب قد شارك في أكثر من 3 مباريات كحد أقصى مع المنتخب الذي بدأ معه مسيرته الدولية، بما في ذلك مباريات التصفيات المؤهلة إلى المنافسات العالمية والقارية، وذلك قبل بلوغه سن الحادية والعشرين، بالإضافة إلى عدم مشاركته في بطولة دولية أو قارية مثل كأس العالم أو كأس أوروبا.

أما السبب الثاني، فقد يرجع للنجاح التاريخي للمنتخب المغربي، بوصوله إلى نصف نهائي مونديال 2022 في قطر وإقصائه لمنتخبات ثقيلة مثل البرتغال وإسبانيا، إذ أرسل هذا التألق رسائل إيجابية في اتجاه تطور الكرة الأفريقية، وإمكانية تفوقها على نظيرتها الأوروبية.

وفي السياق ذاته، تزامن هذا التألق العربي ـ الأفريقي مع برود من قبل مدربي المنتخبات الأوروبية الكبيرة، تجاه المواليد، قابل ذلك حماس وسعي من بلدان جذورهم، مثل المغرب والجزائر، وتبرز هنا حالة إبراهيم دياز، الذي عانى من تجاهل المدرب السابق للماتادور لويس إنريكي.

وبشكل عام، وبعيدا عن جدل اثاره مدرب منتخب تونس المؤقت قيس اليعقوبي أخيرا، عن تقديم المغرب والجزائر إغراءات مالية، فإنه وبنظرة أعمق لوضع المنتخبين، قد يبدو أن النجاح على أرض الملعب هو سر جذبهما اللاعبين، إذ سبق منتخب الجزائر نظيره المغربي بالتتويج بلقب أمم أفريقيا 2019، كآخر منتخب عربي يتوج بهذا اللقب.

ويعني ذلك أن الشيفرة لخطف المواهب هي تحقيق إنجاز مدو، لكن من جهة أخرى، قد يؤشر العدد الكبير للاعبين الذين غيروا جنسياتهم الرياضية هذا العام بتحول الأمر إلى ظاهرة في مقبل الأعوام المقبلة.