هل تتحول "عودة العواجيز" من الاعتزال إلى ظاهرة؟

في أبريل الماضي، فاجأ البرازيلي روماريو الجميع، بإعلانه عودته من الاعتزال بعمر 58 عاما، ليشارك بجانب نجله رومارينيو في الفريق الذي يترأسه وهو أميركا دي ريو دي جانيرو.

وقال روماريو المتوج بمونديال 1994 مع البرازيل في تغريدة مثيرة: " لن أشارك في كامل جولات البطولة، لكنني سألعب بعض المباريات مع فريق قلبي وأحقق حلمي الأخير: اللعب إلى جانب نجلي".

ورغم اعتزاله مبكرا، ودخوله عالم السياسة، فإن روماريو، لم يبتعد تماما عن كرة القدم، إذ ظل يظهر بين الفينة والأخرى في فعاليات خيرية، مسترجعا جزءا من ألق الماضي.

وفي سبتمبر الماضي، فاجأ نجم الهلال والمنتخب السوداني السابق منصور بشير الشهير بـ"تنقا" الجميع، بعودته من الاعتزال رغم تجاوزه سن الـ60، إذ وقع لفريق دبروسة وادي حلفا.

ورغم غرابة القرار، فإنه فُهم في الأوساط السودانية في اتجاه كونه بادرة معنوية من قبل النادي الواقع في شرقي السودان، هدف من خلالها إلى إلهاء النجم السابق وتخفيف معاناة نزوحه من العاصمة الخرطوم بسبب الحرب.

وفي سياق العودة الغريبة، لفت الحارس البولندي فويتشيك تشيزني الأنظار بقرار مثير، تمثل في تعليق اعتزاله الكرة بعد أشهر فقط من إعلانه.

واعتزل تشيزني في نهاية أغسطس الاعتزال بعمر 34 عاما، بعد تجربة طويلة في الملاعب، كان آخرها مع يوفنتوس الإيطالي، قبل أن يعود ليوقع لبرشلونة الإسباني في مطلع أكتوبر الماضي.

وسبب الغرابة هو تمسك تشيزني بالاعتزال رغم صغر سنه نسبيا، قبل أن يتراجع بشكل مفاجئ.

أثارت جائزة الكرة الذهبية هذا العام جدلا كبيرا، بعد فوز الإسباني رودري بها على حساب البرازيلي المرشح بقوة فينسيوس جونيور.

وبعيدا عن جدل الأحقية والسلب، بدأ البعض يلقى باللوم على غياب المواهب، إذ في رأيهم، أنتهى عصر اللاعب المقنع بخروج الثنائي ميسي ورونالدو من القائمة.

وفي البرازيل لم يتوقف الجدل طوال الأعوام الماضية، عن نضوب المواهب، ووصل الأمر إلى طالب الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، أخيرا، بالاعتماد على لاعبين من الدوري المحلي، في ظل خفوت بريق المحترفين.

وعلى منوال أحاديث عن تحول كرة القدم حاليا إلى ممارسة سهلة لا تتطلب موهبة، نسج النجم المصري ميدو تصريحاته الأولى عن العودة، وقال إنه في ظل المستوى الذي يراه حاليا، سيجل 10 أهداف بكل سهولة.

وقد يحمل هذا في طياته، على الأرجح، بعضا من استسهال اللعبة حاليا، خصوصا عند إدراك حقيقة أن اعتزال ميدو في 2013، جاء لشعوره بعدم مقدرته على مجاراة رتم اللعبة وقتها، مع الأخذ بالاعتبار فارق الدوري مكان الاعتزال ودوري العودة المعتزمة.

وبنفس طريقة ميدو، قال توتي إن جاهزيته للعب في الدوري الإيطالي حاليا، لن تحتاج منه سوى شهرين من التدريبات فقط، مشيرا إلى تلقيه عرض أو اثنين من أندية إيطالية للعب له.

وبتدقيق أكثر في واقع اللعبة، قد تتبدى الكثير من الحقائق التي تنسف هذه الفرضيات، وتحولها إلى سطحية، والمقصود هنا شكاوى الجميع، الآن، من صعوبة كرة القدم، في ظل تضخم الروزنامة، وتحولها إلى قاتل مدمر للنجوم الصغار، ناهيك عن نجوم تخطوا عقدهم الرابع.

يرفض الأسطورة البرتغالي كريستيانو رونالدو رفع راية الاستسلام للعمر، إذ لا يزال يركض بحماس شاب عشريني مع النصر السعودي ومنتخب البرتغال، رغم تبقي نحو شهرين فق على دخوله سن الـ 40.

وفي اليومين الماضين، أضافت الصحافة ترفا جديدا لاستمرارية الدون الملهمة، إذ رشحته بخوض مونديال 2030 مع البرتغالي، رغم بلوغه سن الـ 46 وقتها.

ويعد رونالدو أبرز الأمثلة الكروية في الحفاظ على اللياقة، وتطبيق مقولة خالدة مفادها "العمر مجرد رقم".

ويشاركه في هذا الإنجاز أسطورة كرواتيا وريال مدريد لوكا مودريتش، الذي لا يزال يركض بعمر 39 عاما.

وقد يبدو، على الأرجح، أن أمثال رونالدو ومودريتش قد تسببوا في ندم لدى بعض النجوم ممن اعتزلوا كرة القدم في مطلع أو منتصف الثلاثينات، مثل ميدو وتوتي، قبل أن يتجهوا إلى قراراتهم الأخيرة والمثيرة.