غوديسون بارك.. "السيدة العجوز" التي دمرت بيليه
يخوض فريق رجال نادي إيفرتون آخر مباراة على ملعب غوديسون بارك التاريخي العريق، عندما يستضيف الفريق نظيره ساوثهامبتون يوم الأحد، في الجولة 37 من الدوري الإنكليزي الممتاز "بريميرليغ".
وتُمثل المباراة المرتقبة "نهاية حقبة" استثنائية في كرة القدم الإنكليزية، على ملعب ظل يحتضن المباريات بشكل مستمر على مدار 133 عاما كاملا، وهو مصنف بين أشهر الملاعب على الإطلاق في تاريخ اللعبة.
لكن ما هي قصة هذا الملعب الكلاسيكي؟ وكيف كان شاهدا على صرخات الأسطورة البرازيلية بيليه؟ وماذا ينتظره في المستقبل؟
من أنفيلد إلى غوديسون بارك
هل تصدق أن إيفرتون كان في الأساس يخوض مبارياته على ملعب أنفيلد التاريخي، معقل جاره وغريمه الأزلي ليفربول؟ هذا بالضبط ما حدث في الفترة بين عامي 1884 و1892، وهناك تُوج بأول ألقابه في تاريخ الدوري الإنكليزي على الإطلاق، قبل أن يضيف إليه 8 ألقاب لاحقا في غوديسون بارك.
كان أنفيلد شاهدا على انطلاقة إيفرتون نحو المجد، عندما احتفل "التوفيز" باللقب الأغلى الأهم في كرة القدم الإنكليزية خلال نسخة عام 1891 بين حضور جماهيري غفير بلغ 20 ألف متفرج آنذاك.
لكن نزاعا مع رئيس نادي إيفرتون وقتها، الذي كان يملك الأرض، دفع مسؤولي النادي إلى شراء ملعب يقع على الجانب الآخر من ستانلي بارك وبناء استاد جديد هو غوديسون بارك.
تم افتتاح هذا الملعب عام 1892، واستضاف نهائي كأس الاتحاد الإنكليزي بعد سنتين، وفي 1924 احتضن مباراة بيسبول استعراضية بين فريق شيكاغو وايت سوكس ونظيره نيويورك جاينتس في جولتهما العالمية.
يعد ملعب غوديسون بارك مثالا مشهورا لأعظم مهندس في السنوات الأولى لكرة القدم، وهو الاسكتلندي أرشيبالد ليتش.
بدأ أرشيبالد ليتش، الذي صمم العشرات من ملاعب كرة القدم والرغبي في أوائل القرن العشرين، العمل في إيفرتون بمدرج غوديسون رود خلال عام 1909، وقورن هذا البناء الضخم بسفينة ركاب عابرة للمحيطات تسمى موريتانيا.
ويبلغ عمر المدرج الرئيسي في Bullens Road الآن 99 عاما بالتمام والكمال، ولا يزال يحتفظ بميزة Leitch المميزة، وهي العوارض المتقاطعة على شرفة المستوى العلوي.
مشاكل بيليه في غوديسون بارك
شارك أيقونة كرة القدم العالمية بيليه، في 14 مباراة خلال 4 نسخ مختلفة من بطولة كأس العالم من 1958 إلى 1970، ولم يخسر سوى مباراة واحدة فقط، كانت هناك في غوديسون بارك.
كان ملعب غوديسون بارك مقرا لمنتخب البرازيل خلال مرحلة دور المجموعات عام 1966، وتعرض نجم الفريق، حامل اللقب مرتين، لمعاملة قاسية وقتها.
سجل بيليه هدفا في المباراة الافتتاحية التي انتهت بفوز البرازيل 2-0 على بلغاريا، لكنه كان مصابا بشدة ولم يتمكن من مواجهة المجر، التي فازت على فريقه الوطني لاحقا 3-1.
عاد بيليه لمباراة حاسمة ضد البرتغال بقيادة الأسطورة أوزيبيو، وتعرض مرة أخرى لتدخلات عنيفة متكررة، وخسر مع السامبا 1-3 ليودع البطولة، ويغادر هو ملعب غوديسون بارك يعرج في مشهد حزين ودرامي، ظلّ عالقا في الأذهان حتى الآن.
مباراة ملحمية في المونديال
استضاف ملعب غوديسون بارك، مباراة ربع النهائي الملحمية في نسخة مونديال 1966، عندما تقدمت كوريا الشمالية بـ3 أهداف مبكرة أمام البرتغال، قبل أن يُسجل أوزيبيو رباعية "سوبر هاتريك"، لتفوز بلاده بنتيجة 5-3.
وكان من المفترض أن يستضيف الملعب ذاته مباراة دور الأربعة بين إنكلترا والبرتغال، لكن الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA بقيادة رئيسه الإنكليزي ستانلي راوس، نقلها إلى استاد ويمبلي.
وبدلا من ذلك، استضاف غوديسون بارك مباراة ألمانيا الغربية التي هزمت الاتحاد السوفيتي.
وقال إيزيبيو عام 2009 خلال زيارة عودة إلى غوديسون بارك: "كان أفضل ملعب قضيت فيه حياتي كلاعب".
أعظم مباريات غوديسون بارك
بالنسبة للعديد من مشجعي إيفرتون، لا شيء يتفوق على الأجواء التي سادت الملعب، الذي يشار إليه غالبا باسم "السيدة العجوز العظيمة"، عندما تغلب فريقهم على بايرن ميونخ الألماني بقيادة لوثر ماتيوس بنتيجة 3-1 في إياب نصف نهائي كأس الكؤوس الأوروبية 1984-1985.
اهتز الملعب التاريخي بقدر ما اهتز بالفرح عندما نجح إيفرتون في تحويل تأخره بثنائية إلى فوز على نظيره ويمبلدون 3-2 في اليوم الأخير من موسم 1993-1994 للبقاء في الدوري الممتاز.
كما أعلن أسطورة مانشستر يونايتد وإيفرتون واين روني، البالغ من العمر وقتها 16 عاما، عن نفسه أمام العالم عندما دخل من مقاعد البدلاء ليسجل هدفا في اللحظة الأخيرة من مسافة بعيدة لينهي مسيرة أرسنال التي لم يهزم فيها لمدة 30 مباراة بالدوري المحلي خلال شهر أكتوبر 2002.
وفي فبراير 2025، أُقيمت آخر مباراة ديربي ميرسيسايد للرجال على ملعب غوديسون، ووقتها سدد جيمس تاركوفسكي كرة قوية في سقف المرمى في الدقيقة 8 من الوقت بدل الضائع، ليضمن لإيفرتون التعادل 2-2 مع ليفربول.
ينتقل فريق إيفرتون للرجال إلى براملي مور دوك، على الواجهة البحرية لليفربول لبدء الموسم المقبل 2025-2026، وهو الملعب الذي استضاف بالفعل مباريات تجريبية.
ومن المقرر أن يستضيف الملعب ذاته أيضا مباراة رغبي بارزة بين إنكلترا وأستراليا في الأول من نوفمبر المقبل، كما يحتضن بعض المباريات بطولة أوروبا "يورو 2028".
وكان من المقرر هدم ملعب غوديسون بارك، لكن ملاك إيفرتون الجدد، وهم أفراد من عائلة فريدكين من تكساس، أعلنوا هذا الأسبوع أن فريق السيدات، الذي يلعب في الدوري الممتاز، سيخوض مبارياته هناك.