أندية "الطرف الثالث" منجم ذهب أوروبا
يعتبر نادي آينتراخت فرانكفورت الألماني نفسه طرفا بين ناديين، يشتري المواهب الواعدة، ويطورها، ثم يبيعها إلى ناد آخر من بين كبار أوروبا، ليضمن الربح المالي، وهذه الخطة تتبعها أندية أخرى، على رأسها مواطنه بروسيا دورتموند.
وأتمّ فرانفكورت بيع مهاجمه الفرنسي هوغو إيكيتيكي إلى ليفربول الإنكليزي هذا الصيف، في صفقة قدرت قيمتها بأكثر من 90 مليون يورو شاملة الإضافات، ليلحق بشريكه في هجوم النادي الألماني، المصري عمر مرموش في البريميرليغ، بعد أن سبقه الأخير إلى مانشستر سيتي في يناير الماضي.
إذا تمت صفقة إيكيتيكي فسيرتفع صافي أرباح فرانكفورت منذ صيف 2023 وحتى الآن، إلى 161 مليون يورو، مستفيدا من الصفقات الضخمة التي أبرمها، وعلى رأسها راندال كولو مواني إلى باريس سان جيرمان الفرنسي، وعمر مرموش إلى مانشستر سيتي.
الثنائي المصري والفرنسي انضما إلى فرانفكورت مجانا في صفقات انتقال حرّ، لكن التألق في بوندزليغا، منح النادي الألماني 165 مليون يورو بعد انتقالهما إلى مانشستر سيتي وباريس سان جيرمان.
وباحتساب صفقة إيكيتيكي سيصل إجمالي أرباح النادي الألماني إلى 345 مليون يورو (405 ملايين دولار) في آخر 6 سنوات فقط، وذلك حصيلة بيع المهاجمين المتألقين مع الفريق بشكل مستمر خلال السنوات الماضية.
يعترف المدير الرياضي لنادي آينتراخت فرانكفورت، ماركوش كروشه، في تصريحات لـ"ذا أثلتيك"، بأن ناديه يعد طرفا ثالثا في عملية بين ناديين آخرين، مضيفا: "نسمي النادي التالي في الصفقة.. نادي الطرف النهائي"، في إشارة إلى أندية مثل باريس سان جيرمان وليفربول ومانشستر سيتي، موضحا: "موقعنا يكون بين النادي الذي نضم موهبته والنادي الذي نبيعها له".
ولا يخفي النادي الألماني كونه مكانا مثاليا لعرض المواهب، ويوضح كروشه: "أقول للاعبين دائما: إذا كان تطوركم أسرع من تطورنا كناد، فسأسمح لكم بالرحيل إذا حصلت على المبلغ الذي أتوقعه، لذلك تحرص المواهب الشابة على الانتقال إلى فرانكفورت، لأننا نعرف كيف نطورهم".
وينفي كروشه وجود مكان للعاطفة في ناديه، موضحا: "بيع اللاعبين جزء من وظيفتي، ولست عاطفيا حيال هذا الأمر، لأن هذا عملي"، ورغم رفض الجماهير التفريط في نجوم الفريق، يستمر النادي الألماني في بيع اللاعبين واستغلال المال في تطوير مرافق التدريب والمنشآت والبحث عن مواهب أخرى بأسعار زهيدة.
يتعامل فرانكفورت مع خبراء في التغذية وأخصائيين نفسيين، ومرافق تدريب واستشفاء مثالية، من أجل إعداد المواهب الشابة واللاعبين الواعدين، للانتقال إلى الأندية الكبرى، وإنعاش خزينة النادي بعشرات الملايين من اليوروهات.
ويُخصص النادي الألماني فريقا من المدربين المتخصصين للعمل الفردي مع كل لاعب، لتطوير الأداء، ومعالجة السلبيات التي يلاحظها محلل الأداء من خلال متابعة التدريبات والمباريات، خاصة للاعبين الشباب.
ويُعد الهدف الأول للنادي الألماني من خلال عملية متابعة المواهب ورعايتها، هو صنع منتج يمكن بيعه إلى صفوة أندية أوروبا في كلّ صيف، من أجل كسب المال الذي يساعد النادي على التطور تدريجيا.
بروسيا دورتموند.. مستوى آخر
بالطريقة ذاتها يعمل نادي بروسيا دورتموند، لكنه لا يعتمد بشكل أساسي على بيع نجومه كلّ صيف، ويُفضل في كثير من الأحيان الاحتفاظ بالنجوم أملا في العودة لمنصات التتويج والفوز بلقب بوندزليغا، والمنافسة لمستويات متقدمة في دوري أبطال أوروبا.
وحصد بروسيا دورتموند مئات الملايين من اليورو خلال السنوات القليلة الماضية نظير بيع اللاعبين، سواء الشباب الذين يشرف على صناعتهم وتطويرهم مثل فرانفكورت، أو النجوم الذين يعيد تشغيلهم بعد هبوط مستواهم ثم إعادة بيعهم.
دورتموند باع لاعبه الفرنسي عثمان ديمبلي إلى برشلونة عام 2017 مقابل 35 مليون يورو، بعد أن ضمه من استاد رين الفرنسي مقابل 12 مليون يورو فقط قبل عام واحد، وهو الأمر الذي تكرر كثيرا في السنوات الماضية في دورتموند.
كما باع دورتموند لاعبه الإنجليزي جود بلينغهام إلى ريال مدريد مقابل 120 مليون يورو، بعد ضمه من برمنغهام سيتي مقابل 11 مليون يورو فقط، قبل 3 أعوام من بيعه للنادي الإسباني.
وفعل النادي الأمر نفسه مع النرويغي إيرلينغ هالاند الذي ضمه من ريد بول سالزبورغ النمساوي عام 2020 مقابل 45 مليون يورو، قبل أن يبيعه إلى مانشستر سيتي مقابل 150 مليون يورو وفقا لموقع "ترانسفير ماركت".
وتعتبر نماذج عمليات الربح من الصفقات في دورتموند غزيرة وهائلة، والتي من أبرزها أيضا، الإنجليزي غادون سانشو الذي انتقل إلى الفريق قادما من مانشستر سيتي مقابل 5 ملايين يورو فقط، قبل أن يُباع إلى مانشستر يونايتد مقابل 100 مليون يورو.
ما تفعله الأندية الألمانية فعله نادي أياكس أمستردام الهولندي قبل سنوات بعيدة، إذ كان أحد أشهر الأندية التي تصنع اللاعبين وتبيعهم لكبار أندية أوروبا، ليحصد مئات الملايين من تلك العملية على مدار سنوات طويلة.
وعاد أياكس في السنوات الماضية لممارسة هوايته في صناعة المواهب، وأعاد افتتاح مصنعه في أمستردام، ليُصدر البرازيلي أنتوني إلى مانشستر يونايتد عام 2022 مقابل 95 مليون يورو.
وقبل ذلك، باع أياكس الهولندي فرينكي دي يونغ إلى برشلونة الإسباني في صيف 2019 مقابل 86 مليون يورو، وماتياس دي ليخت ليوفنتوس الإيطالي مقابل 85 مليون يورو، ثم باع الأرجنتيني ليساندرو مارتينيز إلى يونايتد بنحو 60 مليون يورو، والغاني محمد قدوس إلى وست هام مقابل 43 مليون يورو.
وفي التسعينيات، اكتشف أياكس الموهبة الهولندي دينيس بيركامب، قبل أن يبيعه إلى إنتر ميلان الإيطالي بنحو 10 ملايين يورو، والحارس إدوين فان دير سار الذي انتقل إلى يوفنتوس مع النيجيري صاندي أوليسيه، والهولندي فرانك دي بور الذي رحل إلى برشلونة، وغيرهم من النجوم الذين تألقوا في أوروبا، ومنحو "مصنع أياكس" سمعة طيبة بين كبار أوروبا.