ميسي المُتوج "ملك" دراما الأرجنتين
بين لحظات الانكسار والانسحاب والمرور بالأوقات العصيبة والأكثر حزنا، وتلك التي عانق خلالها السحاب بانتصارات أسطورية خلدته ضمن أعظم من لمس كرة القدم، أو ربما الأعظم على الإطلاق، يحتفظ ليونيل ميسي دائما بلحظات درامية خالدة جميعها بقميص منتخب الأرجنتين.
لعب ميسي مباراة قد تكون الأخيرة له بقميص الأرجنتيني، في آخر مباراة لبطل العالم في تصفيات مونديال 2026 على ملعبه مونومنتال ضد فنزويلا، وقدم ليو تحيته للجماهير بتسجيل هدفين وقيادة بلاده للفوز بثلاثية نظيفة.
وتتصدر الأرجنتين تصفيات أميركا الجنوبية بلا منافس، إذ جمعت 38 نقطة بفارق 9 نقاط عن أقرب منافس منتخب إكوادوار، قبل الجولة الختامية، ليصبح بطل العالم أول وأبرز المتأهلين لكأس العالم 2026.
في ملعب ماراكانا بريو دي جانيرو، كانت البرازيل في صدمة غير مسبوقة، عندما سقط منتخبها أمام ألمانيا في نصف نهائي كأس العالم 7-1 على ملعبه، لكن صدمة ميسي كانت أكبر يوم 13 يوليو 2014.
ميسي وصل أخيرا إلى نهائي كأس العالم، وبات على وشك معادلة إنجاز مارادونا ومنح الأرجنتين كأس عالم أخرى، لكن ماريو غوتزه سجل هدفا لألمانيا ومنحها الفوز به لتتوج باللقب في الوقت الإضافي.
المشهد الأبرز في ملعب ماراكانا لم يكن تتويج ألمانيا بالكأس، وإنما نظرة ليونيل ميسي إلى الكأس وهو يتأملها بعد الخسارة، ودون أن يتفوه بكلمة واحدة، عرف الجميع ما يشعر به من ألم.
المشهد الثاني.. الصدمة الكبرى
بعد خسارة المونديال، حاول ميسي التعويض بكأس كوبا أميركا، فهو لم يكن قد فاز بعد بأي لقب مع منتخب الأرجنتين الأول، وسنحت الفرصة في 2016 بنهائي في المتناول أمام تشيلي.
لكن ميسي لم يكن موفقا وكذلك فريقه، ليخسر في النهاية بركلات الترجيح بعد التعادل دون أهداف، وبعد صافرة النهاية انفجر ميسي في البكاء وشعر بصدمة كبرى.
ميسي الذي تماسك قليلا بعد خسارة كأس العالم، انهار تماما بعد خسارة كوبا أميركا، ودخل في انفعالات غاضبة بعد المباراة، وقرر الاعتزال دوليا، ثم تراجع بعدما هدأ وقرر تجاوز الصدمة الكبرى.
المشهد الأبرز.. ذروة النجاح
في 18 ديسمبر 2022 وصل ميسي إلى ذروة النجاح في كرة القدم وخاصة مع المنتخب الأرجنتيني، عندما قاد بلاده للتغلب على المنتخب الفرنسي بركلات الترجيح بعد التعادل 3-3 في الوقتين الأصلي والإضافي.
ليو صعد إلى منصات التتويج في ملعب لوسيل بقطر مرتديا الزي العربي ليرفع كأس العالم للمرة الأولى في تاريخ مشاركاته مع التانغو، وللمرة الثالثة في تاريخ بلاده، والأولى منذ 1986.
وكان ميسي يواجه انتقادات بالغة في بلاده بسبب عدم قدرته على تحقيق كأس العالم رغم نجاحه الكبير مع الأندية وفوزه بكل البطولات الممكنة، وحصده 8 كرات ذهبية، بينما نجح أسطورة بلاده دييغو أرماندو مارادونا في تحقيق اللقب بأداء فردي مبهر عام 1986، لكن بعد مونديال 2022 رد ليو على كل المشككين ونصب نفسه أسطورة حقيقية لمنتخب بلاده.
المشهد الأخير.. ونهاية مفتوحة
رسم ميسي مشهده الأخير بقميص الأرجنتين بالصورة التي أرادها، دخل ستاد مونومنتال أولاده الثلاثة كاستثناء نادر في مباريات المنتخب، والتقط معهم الصور التذكارية رفقة الفريق ووزع عليهم قبلاته ونظر إلى السماء في تأمل وصمت ليسمح لعدسات المصورين بتخليد اللحظة كما أراد.
وكان ميسي البالغ 38 عاما قد ألمح إلى اعتزاله كرة القدم دوليا بمباراة فنزويلا، وقال للصحافيين في ملعب مونومنتال: "كما قلت سابقا عن كأس العالم، لا أعتقد أنني سأشارك في نسخة أخرى، نظرا لعمري فالأمر منطقي".
وترك ميسي النهاية مفتوحة، ليمكنه العودة إذا عاد له الشغف من جديد، وقال: "لقد اقتربنا من النهاية، لذا أنا متحمس جدا"، مضيفا: "أعيش حياتي يوما بيوم، وأعتمد دائما على ما أشعر به، أحاول أن أشعر بالسعادة، لكنني دائما صادق مع نفسي".
وأشار ليو إلى أنه "يفضل الغياب دائما عندما لا يكون سعيدا"، وتحدث بشكل أكثر وضوحا حول اعتزاله اللعب دوليا، مختتما: "لذا سنرى، لم أتخذ قرارا بعد بشأن المشاركة في كأس العالم".