برشلونة يستأنف كتابة التاريخ.. عودة عاطفية إلى كامب نو
انتهت أخيرا مشاعر الإحباط الناتجة عن التأخيرات المتكررة وانتقادات المراقبين، السبت، مع عودة برشلونة إلى ملعبه كامب نو، الذي أعيد بناؤه جزئيا خلال الفترة الأخيرة.
ويطمح النادي إلى امتلاك ملعب حديث بمواصفات عالمية يواكب فريقا عاد إلى مصاف النخبة الأوروبية، رغم أنّ كليهما لا يزال في طور البناء.
وتتواصل أعمال إعادة الإعمار في كامب نو، والتي من غير المتوقع أن تكتمل قبل صيف عام 2027، أيّ بعد عام من الموعد المحدد، حين يُركّب سقف الملعب.
وبالمثل، فإن الفريق الشاب بقيادة المدرب الألماني هانز فليك، الذي توّج بثلاثية محلية الموسم الماضي، أخفق في دوري أبطال أوروبا بعد خسارته في نصف النهائي المثير أمام إنتر ميلان الإيطالي، ويأمل في الذهاب أبعد خلال الموسم الحالي.
كيف تغير برشلونة في غياب كامب نو؟
مثلما حدث للنادي منذ تتويجه بلقب دوري أبطال أوروبا عام 2015، كان كامب نو يتداعى ويتآكل، وقد تراجعت عظمته.
وعلى أرض الملعب، تخلف برشلونة عن منافسيه، وفشلت رهانات مكلفة على لاعبين مثل البرازيلي كوتينيو والفرنسي عثمان ديمبلي وآخرين، مما أدى إلى تراكم ديون ضخمة على النادي الكتالوني.
وتعاقب المدربون على الفريق، وغادر أسطورة النادي الأرجنتيني ليونيل ميسي بعد فترة وجيزة من تولي خوان لابورتا رئاسة النادي في عام 2021.
وكان النجم الأرجنتيني قد عاد إلى الملعب العريق في وقت سابق من نوفمبر الحالي في زيارة مرتجلة، تعكس حبه للنادي، لكنها تشير أيضا إلى التوتر القائم بينه وبين الإدارة الحالية.
وجدد لابورتا التأكيد في وقت سابق من هذا الشهر أنه لم يكن هناك سبيل لبقاء ميسي، وأنه كان عليه أن يضع "برشلونة فوق كل اعتبار".
وكان ذلك أحد الأسباب التي دفعت النادي للمضي قدما في مشروع إعادة بناء كامب نو بقيمة 1.5 مليار يورو (1.75 مليار دولار)، رغم الوضع المالي المتدهور.
وقد لجأت إدارة لابورتا إلى تفعيل "رافعات مالية" عدة في عام 2022 لإبرام مجموعة من التعاقدات، من بينها المهاجمان البولندي روبرت ليفاندوفسكي والبرازيلي رافينيا، مع تقليص الرواتب في الوقت عينه.
برشلونة ينفض الغبار ويعود لدائرة المنافسة
بفضل بروز نجوم شباب مثل لامين يامال من أكاديمية لاماسيا الشهيرة، فإنّ هذه الخطوات ساعدت في الحفاظ على تنافسية برشلونة وسط أزمته الاقتصادية.
ومع الوضع المالي الحرج للنادي، اعتبر لابورتا أنّ تجديد كامب نو أمر أساسي، ودفع قدما بخطة طُرحت منذ زمن بعيد.
وقال لابورتا للصحافيين خلال وقت سابق من هذا الشهر: "بدأ هذا المشروع قبل 15 عاما، ولم يُنجز شيء طيلة 11 عاما منها. عندما تولينا المسؤولية في 2021 رأينا أنه من الضروري تنفيذ هذا المشروع لجعل النادي قابلا للاستمرار ماليا".
ستشكل إعادة افتتاح الملعب أيضا دفعة ترحب بها خزينة النادي، وستبدأ في تعويض التضحيات التي قُدمت سابقا.
وتضمّن مشروع ميزانية برشلونة لموسم 2025-2026 زيادة متوقعة قدرها 51 مليون يورو في إيرادات الملعب، نتيجة العودة المبكرة إلى كامب نو.
وكان ذلك قبل أن يُجبر النادي الكتالوني بشكل محرج على خوض مباراتين في ملعب التدريب يوهان كرويف الذي يتسع لـ٦ آلاف متفرج فقط، خلال الأسابيع الأولى من الموسم، بعد فشله في الحصول على التصاريح اللازمة لاستخدام كامب نو لأسباب تتعلق بالسلامة.
وأعيد افتتاح الملعب بسعة 45.401 متفرج، فيما لم يُبنَ الطابق العلوي بعد، لكن عند اكتمال الأعمال ستصل سعته إلى 105 آلاف متفرج، ليكون الأكبر في أوروبا بفارق كبير عن ملاحقيه.
لكن يتعين على برشلونة بلوغ نسبة إشغال لا تقل عن 90٪ من هذه السعة بحلول بداية الموسم المقبل، وفقا لخططه، لتفادي خسارة جزء من عائدات صفقة الرعاية مع "سبوتيفاي"، والتي قالت تقارير إسبانية إنها مهددة بسبب تأخر أعمال البناء.
وكانت أسعار التذاكر المطروحة للبيع العام للمباراة الأولى في الدوري الإسباني ضدّ أتلتيك بلباو مرتفعة، وهو ما قال لابورتا إنه يعكس أهمية المناسبة.
وقال لابورتا لإذاعة "راك 1": "هذه عودة إلى المستقبل.. ستكون لحظة تاريخية، وسنستعيد عاملا (أفضلية الأرض) افتقدناه في مونتجويك. لحظة العودة ستكون لذيذة".
وقد شكّل الملعب الأولمبي على تلة مونتجويك في المدينة مقرا مؤقتا مقبولا لبرشلونة، لكن مع ابتعاد الجماهير عن أرضية الملعب بسبب مضمار الجري، لم يكن يتمتع بأجواء حماسية.
ومع استمرار الخلاف بين النادي و"غرادا دانيماسيو"، القسم المخصص للغناء والتشجيع وتقييد الحضور الجماهيري، فقد يستغرق الأمر بعض الوقت لتحويل كامب نو إلى حصن منيع يليق بتاريخ الملعب.
ومع ذلك، فإن نجوم برشلونة كانوا يتطلعون للعودة، مهما كانت الظروف، وكتب يامال في صورة نشرها على إنستغرام "مونتجويك كان البداية.. كامب نو هو المكان الذي سيُكتب فيه التاريخ".
وكان المراهق قد خاض أوّل مباراة له مع برشلونة في سنّ 15 عاما على ملعب كامب نو خلال الأسابيع الأخيرة للعب عليه قبل أن يُهدم معظمه، فيما لم يلعب عدد من أعضاء الفريق الحالي على الملعب الذي افتُتح عام 1957، قبل موقعة العودة أمام بلباو.
وسيكون كامب نو مرشحا لاستضافة نهائي كأس العالم 2030، التي ستُقام في إسبانيا والبرتغال والمغرب.
ورغم أنّ تصريحات لابورتا المتفائلة اصطدمت بفوضى أعمال البناء، مما تسبب في خيبة أمل على طول الطريق، فإن ملعب برشلونة الجديد تم افتتاحه بالفعل، وقال رئيس النادي في هذا الصدد: "نعتقد أن هذا هو الإرث الذي سنتركه للأجيال القادمة من مشجعي برشلونة.. أفضل ملعب في العالم".