صحة
.
قد تخشى البرودة، الجليد، الصقيع، والأعاصير وتخشى أن تحاصرك الثلوج على قمة جبل في رحلة تسلق على طريقة الأفلام الهوليودية، ولكن في بعض الأحيان يأتي الواقع بمعاناة من طراز آخر، دون الحاجة إلى سياق درامي أو صعود قمة جبل، فقط موجة حر شديدة تحول الحياة إلى جحيم وتحصد أرواح المئات في منازلهم.
خلال الفترة ما بين عامي ١٩٩٨ و ٢٠١٧ أدت موجات الحر لحوالي ١٦٦ ألف حالة وفاة حول العالم بحسب منظمة الصحة العالمية، من بينهم ٧٠ ألف رحلوا جراء موجة الحر التي ضرب القارة الأوروبية في العام ٢٠٠٣.
أما في العام الماضي، فخلفت موجة الحر على أوروبا حوالي ٦١ ألف حالة وفاة أخرى، الأمر الذي يدفع بتعديل صورنا النمطية عن موسم الصيف ودرجات الحرارة المرتفعة، لتتحول من موسم للترفيه والاسترخاء إلى فترة ممتدة من القلق والمتاعب الصحية. ولكن كيف يقتلنا الحر؟
الانهاك الحراري وضربات الشمس من بين التداعيات الصحية لارتفاع درجات الحرار. (المصدر: وكالة فرانس بري)
تختلف تأثيرات ارتفاع درجات الحرارة وموجات الحر حسب حزمة من العوامل، ما بين البُنى التحتية والاستعدادات اللوجستية للتأقلم مع درجات الحرارة المرتفعة، فضلا عن مدة ارتفاع درجات الحرارة وشدتها، ظروف الشخص أيضا وفئته العمرية قد تسهم في حجم المعاناة التي يتعرض لها خلال موجات الحر.
مع ارتفاع نسب الرطوبة يفقد العرق جدواه. (المصدر: وكالة فرانس برس)
وكما تتنوع العوامل المساهم في تحديد شدة التأثر، تأتي أعراض المتاعب الصحية المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة متباينة أيضا، فقد تشمل الأعراض الشديدة المتعلقة بارتفاع درجات الحرارة، الطفح الجلدي وتقلص العضلات والصداع تورم الأطراف السفلية.
الجفاف الشديد أيضا على قائمة المخاطر مع احتمال الإصابة بالجلطات والانهاك الحراري وضربات الشمس.
يعمل الجسد البشري على نحو مثالي عندما تستقر درجة حرارته لدى ٣٧ درجة مئوية، وفي الأحوال الاعتيادية يمتلك الجسم أيضا آلياته الخاصة التي تسهم في حمايته ومساعدته على التخلص من الحرارة الزائدة، كالعرق على سبيل المثال.
إلا أن التعرق يفقد أهميته وجدواه في بعض الأحيان، لدى ارتفاع درجات الحرارة لدى حد معين، وارتفاع نسبة الرطوبة أيضا ممكن يسهم في إصابة الأفراد بالجهاد الحراري وضربات الشمس.
كبار السن والأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة أكثر عرضة لتداعيات موجات الحر الصحية. (المصدر: وكالة فرانس برس)
مع ارتفاع درجات الحرارة أيضا يمكن أن يتضرر القلب والأعضاء الداخلية بشكل كبير، حسب موقع Scientific American ويزداد تخثر الدم بحيث يتعين على القلب ضخ الدم بقوة أكبر.
ما يجعل موجات الحر أكثر خطورة في بعض الأحيان هو عدم توطن الأفراد على تحمل درجات الحرارة بشكل مسبق، ما يجعل تجربة التعرض لموجة حر شديدة أكثر ثقلا.
في بعض الأحيان يتمكن الأفراد من التأقلم والتكيف على الحر خصوصا إذا كانت أعمالهم تتطلب البقاء في درجات حرارة مرتفعة لأوقات طويلة، ما يمنح الجسم فرصة لتحسين قدرته على تبريد نفسه والتعرق بشكل أفضل على نحو تدريجي، لكن موجات ارتفاع دجات الحرارة لا تمنح البعض مهلة من الزمن لتدريب أجسادهم على الأجواء الجديد، ما يجعل تلك الظروف الجوية الاستثنائية مميتة.
خلال الفترة ما بين عامي ١٩٩٨ و ٢٠١٧ أدت موجات الحر لوفاة لحوالي ١٦٦ ألف شخص. (المصدر: وكالة فرانس برس)
وتحذر منظمة الصحة العلمية أن أصحاب الأمراض المزمنة والأطفال وكبار السن أكثر عرضة لحدوث المضاعفات الناتجة عن موجات الحر، وحتى الوفاة.
وتعتبر أنظمة الأوعية الدموية لدى كبار السن أقل قدرة على مقاومة الإجهاد الناتج عن ارتفاع درجات الحرارة، بيد أن ذلك لا ينفي أن بعض حالات الوفاة تحدث لشبان وشابات في حالات صحية جيدة بحسب موقع Live Science.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة