التدخين في الأردن.. جهود لإنهاء آفة "تفتح 25 بيت عزاء يوميا"

الشاب العشريني محمد اللوزي يقول لبلينكس "أدركت المخاطر وسمعت وقرأت عنها كثيراً، ولكن لغاية الآن لا يوجد لدي إرادة حقيقية لترك هذه السيجارة التي أصبحت رفيق دربي أينما أذهب".

يضيف: "في الجامعة الجميع يدخّن وهذا زاد من شهيتي وصعب علي مسألة الإقلاع، أعاني أحياناً من صداع شديد وازدياد في دقات القلب، ومع هذا لا آخذ هذه الإشارات بعين الاعتبار".

وعند سؤال هذا الشاب عن عيادات الإقلاع عن التدخين ومدى معرفته بها، تبيّن أنه لا يعرف عنها شيئاً، وأنه غير مهتم في البحث عن هكذا عيادات طالما أنّ رغبته ما زالت مستمرة في ممارسة التدخين.

إلا أن جمعيات المجتمع المدني تعمل في كل الاتجاهات من أجل معالجة هذه الأزمة ووضع حدٍ لها، ومنها جمعية "لا للتدخين" التي تأسست في عام 2011 من قبل مجموعة من الأمهات حرصاً على صحة أبنائهن.

تقول العضو المؤسس لهذه الجمعية، الدكتورة لاريسا الور لبلينكس إن واقع التدخين في الأردن مقلق، فالبلاد من أعلى الدول الستة في العالم من حيث انتشار المدخنين واستهلاك المدخنين لكميات التبغ، وفقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية.

حسب إحصائية المنظمة الأممية ووزارة الصحة الأردنية التي أعدت في عام 2019، فإنّ 66% من الذكور يستهلكون الدخان والأراجيل، 16% منهم يستهلكون السجائر الإلكترونية، مع العلم أنه في وقت إجراء الدراسة لم تكن السجائر الإلكترونية مسموحة في الأردن، وأجريت الدراسة على البالغين.

ويصنّف تقرير جديد لمنظمة الصحة العالمية، الأردن في المرتبة الأولى كأكثر دولة في تعاطي التبغ في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط بنسبة 36.3%، يليها لبنان بنسبة 34% ومصر بنسبة 24.7%.

وقدّرت منظمة الصحة العالمية عدد مستخدمي التبغ ومدخنيّه في الأردن في العام 2022، بـ 2.774 مليون شخص، حيث بلغت نسبة مستخدمي التبغ بين الذكور في الأردن 57.2% في العام 2020، ومن المتوقع ارتفاعها بنسبة 58.6% و60.2% في الأعوام 2025 و2030 على التوالي، بعد أن كانت 52.6% في العام 2000.

كما يظهر التقرير أن نسبة مستخدمي التبغ بين الإناث بلغت 12.9% في عام 2020، ويتوقع ارتفاعها إلى 13.9% و15% في الأعوام 2025 و2030 على التوالي، بعد أن كانت النسبة عند 9.7% في العام 2000.

أما تصريحات وزارة الصحة الأردنية فتؤكد أنّ نسبة التدخين في الأردن وصلت إلى أكثر من 60%، فيما بلغت نسبة التعرض السلبي للتدخين أكثر من 65%.

من ناحية المخاطر، تقول لاريسا الور "عندما نكون من أكثر الدول استهلاكاً للتبغ وانتشاراً للتدخين، ومن أكثر الدول تعرضاً للتدخين القسري، ستصبح النتيجة حتماً بأن يكون السبب الأول للوفيات هو الأمراض غير السارية، مثل السكري والسرطان وأمراض القلب وغيرها".

وتضيف "العامل المشترك بين هذه الأمراض هو التدخين، فحوالي 30% من الوفيات الناتجة عن هذه الأمراض سببها التدخين، لو ألغي هذا العامل لانخفضت هذه النتائج، في الأردن كل يوم لدينا 25 بيت عزاء بسبب التدخين، ومنهم 4 وفيات حدثت نتيجة التعرض السلبي".

الجمعية التقت في مسيرتها آلاف الطلبة على مستوى المدارس والجامعات من كافة المحافظات الأردنية، لتوعيتهم عن مخاطر التدخين، فضلاً عن إعداد طلاب الطب حتى يصبحوا مدربين ينقلوا هذه الرسالة المهمة.

تقول الور "نعمل على تثقيف الطلبة ليس فقط على مخاطر التدخين، بل أيضاً على طرق شركات التدخين التي تعتمد عليها من أجل تسويق الدخان بأنواعه لليافعين والأطفال، مثل عرض هذه المنتجات والنكهات والألوان الجاذبة".

بحسب التصريحات الرسمية، يوجد في الأردن في وزارة الصحة 29 عيادة للإقلاع عن التدخين، وبلغ عدد مراجعي عيادات الإقلاع عن التدخين خلال النصف الأول من العام الماضي قرابة 4500 مدخن، وأقلع نحو 9% منهم عن التدخين.

نشرح الور "أنّ الجو العام في الأردن، للأسف، يشجع على التدخين باعتباره أمرا طبيعيا، ومن هنا يجب تطبيق وتفعيل بنود قانون منع التدخين، القانون لدينا وافي، ولكن المطلوب هو الصرامة في التطبيق، ومن المهم رفع السن القانوني للتدخين من 18 إلى 21، لفصل الفئات العمرية عن بعضها، وحماية طلبة الجامعات، و منع استيراد النكهات للسجائر الالكترونية للسوق الأردني".

وفقا للنسخة المعدلة من قانون الصحة العامة الأردني رقم (11) لسنة 2017، فإن المادة 63 تنص على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن 3 أشهر أو بغرامة لا تقل عن مئة دينار ولا تزيد عن 200 دينار كل من قام بتدخين أي من منتجات التبغ في الأماكن العامة المحظور التدخين فيها.

كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر ولا تزيد عن 6 أشهر أو بغرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد عن 3 آلاف دينار لسماح المسؤول عن المكان العام المحظور التدخين فيه لأي شخص بتدخين أي من منتجات التبغ في المكان وعدم الإعلان عن منع التدخين في المكان العام وبيع السجائر بالمفرد، ولمن هم دون الـ18 وتوزيع منتجات التبغ أو بيعها، وبنود أخرى.