"مولّدات الموت".. لبنانيون يتنفسون السرطان الأسود

الدراسة التي أصدرتها الجامعة الأميركية ركّزت بشكل خاص على العاصمة.

العضو في مجلس النواب اللبناني نجاة عون صليبا، التي شاركت في إعداد الدراسة، قالت إن التلوث الذي تعاني منه بيروت، يمكن رؤيته بالعين المجرّدة.

وأضافت لبلينكس أن "كل شخص قادم باتجاه العاصمة سيرى غمامة سوداء فوقها، وهذه ناجمة عن التلوث الآتي من مصدرين أساسيين، هما السيارات ومولّدات الكهرباء".

تقول صليبا، وهي خبيرة في مجال التلوّث البيئي، إن كل لبناني بات "مشروع سرطان"، موضحة أن كل مواطن يجب أن يكون مستعدا نفسيا للإصابة بهذا المرض باعتبار أن لبنان من أسوأ الدول عالميا لناحية انتشار الملوّثات الضارة.

تشرح صليبا أيضا أن خطر الإصابة بالسرطان في بيروت ارتفع بنسبة 50%، مشيرة إلى أن المستشفيات المختلفة في بيروت، باتت تشهد زيادة كبيرة في عدد الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض.

اللبنانية ديانا المصابة بالسرطان، قالت بدورها عبر بلينكس إن المرض يزداد بكثرة في أوساط الناس التي تعرفها، وأضافت أن "في منطقة مار الياس ببيروت، تسمع يوميا أن هناك إصابات بالسرطان. شقيقة جارتي أصيبت بالمرض، وقبل أيام سمعت أن هناك حالة جديدة في الشارع القريب منها. الوضع مأساوي جدا، وقد بات السرطان مرضا رائجا في لبنان ويصيب الأعمار كافة".

المواطنون في بيروت يلمسون التلوّث الناجم عن "مولدات الكهرباء" بشكل محسوس، حتى داخل بيوتهم.

بلينكس حصلت على صور التقطها مواطنون داخل منازلهم في مختلف أحياء بيروت، توثّق الرواسب الناجمة عن دخان المولدات التي يتجاوز عددها في بيروت الـ9300 مولّد.

تقول الشابة سهى اللبان القاطنة في منطقة الحمرا في بيروت إنّ آثار دخان المولدات يغمر أثاث المنزل لديها، وتضيف "يوميا أنظف المنزل من تلك الرواسب التي في الأساس نتنشقها.. فكيف لنا ألا نُصاب بالسرطان في ظل هذه الحالة؟".

ما فاقم التلّوث الناجم عن المولّدات هو كثرة استخدامها يوميا في ظل غياب التيار الكهربائي الذي لايصل للبيوت سوى بحدود 4 ساعات يوميا، بينما المولّدات الخاصّة تعمل في الساعات الأخرى.

تكشف البرلمانية صليبا إنه بين العام 2010 و2017، وحين كانت الكهرباء تأتي نحو 12 ساعة يوميا، فإن نسبة التلوّث الناجمة عن المولّدات بلغت 30%، وتضيف "بين العامين 2022 و2023، وحين تدنت ساعات التغذية الكهربائية وازداد عمل المولّدات، فإن نسبة التلوّث الناجمة عن تلك الأخيرة بلغت 60%".

في لبنان، هناك 30 ألف حالة سرطان تُعالج داخل المستشفيات، بينما تتوقع صليبا أن تكون الأرقام أكثر بذلك، مشيرة إلى أن المطلوب هو وجود إحصائية جديدة لأعداد مرضى السرطان في لبنان.

الواقع البيئي السلبي الذي تواجهه بيروت وكل لبنان، يقابله وضع صحي سيء أيضا، وحالة ديانا التي تحدثت عن معاناتها مع مرض السرطان، دليل على ذلك.

تقول السيدة البالغة من العمر 65 عاما، إن أدويتها باهظة الثمن مقارنة بظروفها المادية هي وزوجها، باعتبار أنهما كانا موظفين سابقين في القطاع الخاص، وليس لديهما أي دخل حاليا.

ديانا تلفت إلى أنها تحصل على دوائها من جمعية "بربارة نصار" المعنية بمرضى السرطان، مشيرة إلى أنها تحتاج شهريا إلى نحو 50 دولارا لقاء علبة واحدة من الدواء في حال لم يتأمّن من الجمعية.

أما عن أدوية زوجها، 69 عاما، المصاب بسرطان البروستات، فتقول إن هناك دواء يأخذه وصل سعره إلى 700 دولار بعد رفع الدعم عنه مؤخرا، بالإضافة إلى حقنتين تبلغ قيمتهما 30 مليون ليرة، أي ما يعادل 330 دولارا.

من ناحيته، يقول هاني نصّار، رئيس جمعية "بربارة نصار" إنه يُنتظر أن تتوافر غالبية أدوية السرطان من دون انقطاع وذلك بعدما أقرّ البرلمان اللبناني مبلغا لشراء أدوية الأمراض السرطانية من ضمن موازنة الصحة السنوّية.

يقول نصّار إن هناك بروتوكولات علاجية لا تتناسب مع المرضى، فالكثير من الأدوية باهظة الثمن ولا يمكن للمريض تحمل كلفتها، الأمر الذي أدى إلى حرمانه منها، والسبب وراء ذلك، وفق ما صرّح لبلينكس "هو عدم دعم تلك الأدوية بسبب نقص التمويل الحكومي".

نصار دعا الدولة اللبنانية إلى إصدار قانون يؤمن التموّيل للمصابين بأمراض السرطان من خلال وضع الضرائب على مسبّبات المرض، الأمر الذي يساهم في توفير المال لشراء الأدوية وينهي أزمة أساسية.