الكيتامين.. أمل المصابين بالاكتئاب رغم مخاطره

الكيتامين هو مخدر فصامي يحتوي على بعض آثار الهلوسة. وعند تناوله، يشوه تصورات البصر والصوت ويجعل المستخدم يشعر بالانفصال وفقدان السيطرة.

وليس الكيتامين من مضادات الاكتئاب التقليدية، كتلك التي طُرحت منذ ستينات القرن العشرين، بل هو في الأساس مادة للتخدير الطبي، لكنّ الأطباء النفسيين يستخدمونه منذ نحو 20 عاماً ضد الاكتئاب.

ويمكن استخدامه من خلال الحقن ومفعوله يعمل لمدة قصيرة. وبحسب وزارة العدل، يشار إليه باسم "المخدر الانفصالي" لأنه يجعل المرضى يشعرون بالانفصال عن آلامهم. ويسبب الكيتامين:

• حالة من التخدير.
• الشعور الهدوء والاسترخاء.
• عدم الحركة.
• التخفيف من الألم.
• فقدان الذاكرة (عدم تذكر الأحداث أثناء وجودك تحت تأثير الدواء).

وبينما يستخدم الكيتامين كمخدر في العمليات الجراحية للبالغين والأطفال، قد يتم يتم إساءة استعماله لتسهيل الاعتداء الجنسي.

بينما حصل الكيتامين على الموافقة لاستعماله كدواء للاكتئاب، ولكنه ليس على رأس قائمة الأدوية الأكثر شيوعا، والقائمة تشمل:

• فلوكستين: الاسم التجاري بروزاك.
• باروكسيتين: الاسم التجاري باكسيل.
• فلوفوكسامين: الاسم التجاري لوفوكس.

• سيتالوبرام: الاسم التجاري سيليكسا.
• إسيتالوبرام: الاسم التجاري سيبرالكس.
• سيرترالين: الاسم التجاري زولوفت.

خلافاً لمضادات الاكتئاب المعتادة، يعمل الكيتامين بطريقة سريعة وصاعقة، لكنّ الآليات الفيزيولوجية التي تتيح له معالجة أعراض الاكتئاب غير معروفة بالضبط.

لذلك يبدو واعداً في حالتين رئيسيتين:

1. عند الحاجة إلى علاج دقيق وعاجل، كما في حالة الأزمات الانتحارية.
2. عندما يتبين أن الأدوية التقليدي غير فاعلة، وهي الحالة التي توصف بـ"الاكتئاب المقاوِم".

وأكدت دراسات عدة نشرتها مجلات علمية مرموقة في الأشهر الأخيرة الاهتمام بالكيتامين من هذين المنظورين.

فعلى المستوى الأول، أظهرت دراسة نشرت في مجلة "بريتيش ميديكال جورنال" في إبريل أن إعطاء الأمهات الشابات بعد الإنجاب جرعة واحدة من الإسكيتامين، وهو أحد مشتقات الكيتامين، يساهم في الحدّ من خطر إصابتهنّ باكتئاب ما بعد الولادة.

وعلى الصعيد الثاني، أظهرت دراسة نشرت الاثنين في مجلة "نيتشر ميديسين" أن دواءً قائماً على الكيتامين منع عدداً أكبر من الانتكاسات الاكتئابية، مقارنة بمرضى تم إعطاؤهم دواء وهميا.

ولكن نظراً إلى كون العيّنة التي شملتها الدراسة صغيرة، إذ اقتصرت على نحو ١٠٠ مريض، وإلى بعض المنهجيات التي اختيرت لإجراء الدراسة، لا يزال من المبكر استنتاج نتيجة حاسمة.

ومع ذلك، وفّرت هذه الدراسات المزيد من الأدلة المشجعة على استخدام الكيتامين كمضاد للاكتئاب، فيما لم يعد لدى قسم كبير من الأطباء النفسيين أي شكّ في كونه نافعاً.

يؤكّد الطبيب النفسي في مستشفيات جنيف، ميشال هوفمان لوكالة فرانس برس، أن ثمة "حماسة" فعلية في الوسط الطبي لاستخدام الكيتامين، موضحاً أنه "بمثابة وسيط بين مضادات الاكتئاب الكلاسيكية والصدمات الكهربائية".

ويرى أن "الكيتامين يمكن أن يجنّب المرضى الذين لا تنفعهم الأدوية التقليدية خيار الخضوع للصدمات الكهربائية".

ولكن لا يزال بعض الأطباء النفسيين يقاربون الكيتامين بحذر وتردد رغم حظيه بموافقة السلطات الصحية في الولايات المتحدة وأوروبا منذ سنوات.

ولا ينكر هؤلاء فاعلية الكيتامين، لكنّهم يخشون أن يؤدي استخدامه إلى إدمانه، وخصوصاً أن هذا الجزيء غالبا ما يساء استخدامه ويُحوّل إلى مخدر.

وسبق لوفاة شخصيات عامة بجرعات زائدة منه، كنجم المسلسل التلفزيوني الكوميدي "فريندز" ماثيو بيري، أن أحدثت ضجة إعلامية واسعة.

وكتب الطبيب النفسي ريكاردو دي جيورجي في مقال له عام 2022 في "بريتيش ميديكال جورنال": "هل سيعطى الكيتامين قريباً للمرضى ذوي الأفكار الانتحارية؟ من الصعب تأكيد ذلك، لأن ثمة خطراً حقيقياً من أن يؤدي الاستخدام الواسع النطاق للكيتامين إلى أزمة أفيونيات جديدة"، في إشارة إلى الأزمة الصحية التي تسببت بمئات الآلاف من الوفيات في الولايات المتحدة بسبب سوء استخدام بعض الأدوية أو الإفراط في استخدامها.

يتمثل التحدي تالياً في الحدّ من خطر سوء الاستخدام، ومن الآثار الجانبية الخطيرة، كظهور اضطرابات الشخصية الانفصامية.

وفي هذا الجانب تكمن أهمية الدراسة التي نشرتها مجلة "نيتشر ميديسين"، إذ تهدف إلى اختبار طريقة جديدة لإعطاء الكيتامين، بواسطة حبوب تطلق الدواء تدريجاً في الجسم.

ويُحتمل أن يكون استخدام هذه الحبوب أكثر ملاءمة وأقل خطورة من العلاج من طريق الوريد أو رذاذ الأنف، وهما الشكلان المعتمدان حاليا للإسكيتامين.

وأشارت الدراسة إلى نتائج واعدة في هذا المجال، مع أنها هي الأخرى بحاجة إلى تأكيد.

وقال المعدّ الرئيسي للدراسة بول غلوس لوكالة فرانس برس إن: "المرضى أفادوا عن بعض الآثار الجانبية لذلك لا أعتقد أن هذه الأقراص ستجذب الأشخاص الذين يريدون تحوير استخدام الكيتامين".