زيادة أجور أطباء الأردن.. "أبو كنان" يفقد الأمل في علاج ابنه

أبو كنان يحصل على راتب لا يتجاوز 400 دولار، وما يحصل عليه يعد قليل جدا مقارنة مع ما يحتاجه، وفي الوقت عينه فهو يعيل والده ووالدته، ويرى أن أجور الأطباء قبل زيادتها كانت مرتفعة وتفوق قدرته، والتوجه للمستشفيات الخاصة لا يكون إلا عند الضرورة القصوى.

في المقابل فإن نقيب الأطباء د. زياد الزعبي يفسر أن رفع أجور الأطباء وإقرار اللائحة الجديدة جاءت بعد مفاوضات طويلة مع شركات التأمين برعاية وزارة الصحة والبنك المركزي، اللائحة السابقة كانت منذ عام 2008، أي منذ 16 عاماً، وخلال هذه السنوات أصبح هنالك مجموعة من التغيرات، أبرزها التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، ومن هذا المنطلق تم التحرك، وفق كلامه.

وبيّن النقيب الزعبي في حديثه لبلينكس أنه تم الاتفاق على رفع الأجور بنسبة 60%، ولكن بشكل تدريجي مراعاة لظروف المواطن، خلال هذا العام سترفع بنسبة 20% ليتبعها زيادات حتى تحقيق النسبة المستهدفة بحلول 2026، وتم إقرار اللائحة والموافقة عليها من قبل الحكومة الأردنية ونشرها في الجريدة الرسمية قبل أيام.

وعند سؤال النقيب حول آثار هذه الزيادة في الأجور على قدرة الأسر للانضمام لشركات تأمين خاصة وحصولهم على حق الرعاية الصحية، انتقد الزعبي سلوك شركات التأمين في السنوات 16 الماضية، "فهي رغم عدم زيادة أتعاب الأطباء وأجور المستشفيات وغيرها، قامت بزيادة أقساط التأمين بنسبة 150 إلى 300%، ومن المفترض عدم الزيادة، وهذه القضية يجب أن تجد حلا وأن يكون هنالك رقابة" وفق قوله.

لم يتردد أبو كنان في حسم أمره ومن هنا توجه للمستشفيات الحكومية بحثاً لابنه عن طبيب يكشف عليه ويحجز له موعدا وإن طال أمره، فهو لا يستطيع التأخر على علاجه، ولا أمل أن توفر المؤسسة التي يعمل بها اشتراكاً صحياً للموظفين تبعاً للتكلفة التي سترتب عليها.

في ذات السياق، انتقد مسؤول الملف الصحي في الجمعية الوطنية لحماية المستهلك، د.عبد الفتاح الكيلاني ما جرى من زيادة، باعتبار أنّ الحلقة الأضعف في هذه القضية هو الأردني، وفي حال أنّ المواطن مؤمن لدى شركات التأمين الخاصة، فإن هذه الزيادة ستضعف مفعول التغطية التأمينية بشكل كبير، فالأردني سيعاني من زيادة الأقساط وقيمة نسب التحمل لدى مراجعة الأطباء، وحتى في الصيدليات والمختبرات الطبية.

يتوقع الكيلاني في تصريحات لبلينكس أن الأردنيين لن يتمكنوا من الانضمام لشركات التأمين بعد هذا القرار، سواء أكان هذا المواطن مؤمن فردياً أو عبر المؤسسة التي يعمل بها، فارتفاع الكلفة ستؤثر قطعياً، وستعمل على خفض عدد الملتحقين بشركات التأمين.

في حين أنّ التأمين الحكومي لا يغطي كل القضايا والإجراءات الطبية، والحل الأمثل هو التأمين الصحي الشامل من قبل الدولة بعدالة وتساوي للجميع، وأن تكون تغطية هذا التأمين واسعة وبكلفة معقولة، فهو حق من حقوق المواطن الأساسية.

ووفقا للتصريحات الرسمية فإن نسبة الأردنيين المؤمنين صحيا تصل إلى 72% من تأمين عسكري ومدني وجامعي وخاص، ونسبة الأردنيين ضمن فئة التأمين الصحي المدني 43%.

ويبلغ عدد المؤمنين صحيا تحت مظلة التأمين المدني 3.464 مليون مؤمن عليه، منهم 650 ألف طفل دون 6 سنوات، و1.404 مليون من منتفعي المعونة الوطنية وكبار السن فوق سن 60 عاما، وفئة الأشد فقرا والأسر الفقيرة، و928 ألفا من موظفي القطاع العام والمنتفعين من ذويهم، و433 ألف من المتقاعدين والمنتفعين من ذويهم، 23.784 ألف من المشتركين والمنتفعين اختياريا.

يعترف أبو كنان أن لديه مخاوف من إجراء العملية في مستشفى حكومي، ولكنه يأمل بأن تمر بسلام من دون عواقب، فالتراجع في الخدمات المقدمة للمرضى أصبح واضحاً، ووفقاً له فإن المرضى يأتون من كافة المحافظات إلى بعض المستشفيات ويصطفون منذ الصباح أمام الأبواب.

فيما يخشى مراقبون من اضطرار الأسر الأردنية إلى خفض إنفاقها على الصحة في مقابل ارتفاع الإنفاق على ضرورات أخرى.

مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أحمد عوض يبيّن لبلينكس أنّ رفع أجور الأطباء على المواطنين مباشرة، أو على شركات التأمين من دون مراجعة مستويات مدخول الأردنيين، سيكون له أثر مباشر على قدرتهم على التمتع بحقوقهم في الرعاية الصحية، وهذا سيؤثر على الاستقرار الاجتماعي بشكل عام، وسوف يحد من قدرتهم على الانضمام للتأمين المناسب لهم.

ولفت عوض إلى أنّ زيادة هذه الأجور جاء في ظل عدم لمس تقدم ملحوظ على مستوى الرعاية الصحية التي تقدمها الحكومة للمواطنين، وكما هو معروف ووفقاً لمؤشرات مدروسة، فإن القطاع الصحي في الأردن يعيش تراجعاً واضحاً على مستويات عدة، بحسب قوله.