"جدري القرود" يحير العلماء.. هل هو خطير فعلا؟

تشير نسب الوفاة المنخفضة للغاية بين المصابين بمرض جدري القرود خارج القارة الأفريقية، إلى أن فرص النجاة من المرض ترتفع في البلاد الغربية.

يذكر عالم الفيروسات المتخصص بالمرض، أنطوان غيسان، أن المرض يمثل خطرا لكنه يعتمد بشدة على نوعية الرعاية الأساسية للمريض.

وتعاني الكثير من البلدان الأفريقية التي انتشر بها جدري القرود من نقص واضح في الرعاية الطبية، ما يجعل الحالات تتفاقم بشكل سلبي لتزداد حالات الوفاة.

ويرجح أن يكون معدل الوفاة الذي يتم قياسه في التفشي الحالي، حوالى 3.6% أقل بكثير لو لم يكن مقتصرا إلى حد كبير على جمهورية الكونغو الديمقراطية.

تؤثر عوامل عديدة على معدل الوفيات بين المرضى، لتجعل البعض أكثر عرضة للخطر من غيرهم، وفقا للظروف التي يعيشون بها بعيدا عن نقص الرعاية الطبية.

وسجلت الكونغو الديموقراطية نسبة كبيرة في وفيات الأطفال تأثرا بالمرض، وصلت إلى أكثر من 500 حالة وفاة بين 15 ألف إصابة بالمرض، وتبين أن الأطفال معظمهم يعاني سوء التغذية.

وفي المقابل، وخلال فترة انتشار المرض في جمهورية الكونغو الديمقراطية بين عامي 2002 و2023، كان العدد القليل من الوفيات "حوالى 200 من بين 100 ألف حالة" أغلبهم من البالغين الذين يعانون من ضعف في المناعة ناجم عن إصابتهم بفيروس الإيدز.

ويمكن أيضا تفسير التباين في حالات الوفاة بطريقة انتشار المرض، وفي العامين 2022-23، انتقل المرض في غالب الأحيان بين الرجال المثليين أو وازدواجيي التوجّه الجنسي.

ويزيد عامل آخر هو السلالة التي ينتمي إليها تفشي إمبوكس، من تعقيد المسألة، وتستمر محاولات العلماء في تحديد الفروقات بين السلالات في ما يتعلّق بالمخاطر الصحية وانتقال العدوى.

مع تفشي "إمبوكس" بين عامي 2022 و2023، انتشرت السلالة 2 في دول غرب أفريقيا، وتم رصدها كذلك في جنوب أفريقيا، لكن التفشي الحالي في الكونغو الديمقراطية ناجم عن السلالة 1.

وظهر التفشي الثاني للمرض بين البالغين خصوصا في البلد نفسه، وكان مرتبطا بالمتحورة 1 ب، المشتقة من السلالة 1 والتي لم تظهر إلا مؤخرا، ودفع الإرباك في وسائل الإعلام بعض المنصات الإعلامية لوصف المتحورة 1 ب، بأنها أكثر خطورة من سلالات إمبوكس السابقة.

عالمة الفيروسات الهولندية ماريون كوبمانز، توضح لـ"مركز الإعلام العلمي" في المملكة المتحدة أن هناك مزاعم كبيرة في وسائل الإعلام بشأن شدّة وسرعة انتقال العدوى بالسلالة الفرعية الجديدة 1 ب، دون توافر أدلة كثيرة على ذلك.

وأضافت: "ما نعرفه هو أن السلالة 1 مرتبطة بالإصابة بمرض أكثر حدّة من السلالة 2"، لكن الباحثين يدعون إلى توخي الحذر قبل التوصل إلى استنتاجات، حتى مع الأرقام التي تبدو واضحة.

وتزداد الحاجة لتحديد الحقائق المرتبطة بمتحورات إمبوكس بشكل أكثر إلحاحا مع رصد السلالة 1 في السويد في منتصف يوليو، للمرة الأولى خارج أفريقيا.

ويرى غيسان أنه "من الصعب جدا المقارنة" بين السلالات المختلفة نظرا إلى أن السياق ونوعية الفئة السكانية المعرّضة للخطر هما أمران غاية في الأهمية، وتساءل: "كيف يمكنك المقارنة بين أطفال يعانون من سوء التغذية وبالغين مصابين بفيروس الإيدز؟"، لتستمر حيرة العلماء حول "إمبوكس".