فنانون يرسمون "مسارات الدماغ" في غرف العمليات
للوهلة الأولى، يبدو غريبا حضور عدد من طلاب التصميم والفنون التشكيلية جراحة في المخ داخل غرفة عمليات في مستشفى بمدينة رانس في شمال شرق فرنسا، لكنّ وجود هؤلاء بأقلامهم وسط عالم الجراحة يندرج ضمن بحث طبي فرنسي ألماني.
ويتمثل الهدف في إنتاج رسوم تفاعلية يدوية تستكمل تمثيلات الدماغ غير المكتملة التي توفرها أجهزة التصوير الطبي.

رسّامون في غرفة العمليات. أ ف ب
ويتولى بعض الطلاب رسم العملية الجراحية وغرفة العمليات والأدوات الطبية، فيما تتمثل مهمة آخرين بالتقاط صور فوتوغرافية أو تصوير لقطات فيديو لتفسيرات جراح الأعصاب بنوا مارلييه الذي ينحني فوق مريض يبلغ 76 عاما خلال إجرائه له عملية جراحية بسبب ورم دماغي منتشر مختلط بأنسجة سليمة.
قبل الجراحة الحديثة القائمة على تقنيات مثل الأشعة السينية والتصوير الرقمي، "كان يوجد دائما منذ العصور القديمة فنانون تشريحيون يذهبون لرؤية الدماغ ووصفه"، على ما يروي المصمم الغرافيكي والرقمي أولاف أفناتي.
هذا الأستاذ في المدرسة العليا للفنون والتصميم في رانس، والمتخصص في ترجمة البيانات مرئيا، هو واحد من 3 مسؤولين عن "برين رودز" Brain Roads، وهو برنامج بحثي متعدد التخصصات فرنسي ألماني في جراحة الأعصاب، رأى النور عام 2019 في برلين.
ويوضح أفناتي أن اسم "برين رودز" يلخّص "البرنامج، وهو محاولة تتبع مسارات الدماغ" و"فهم المسارات المشاركة في علاج ورم المخ".
يقول أحد الطلاب ويُدعى إيلير تيزون "سننطلق من رسم ملاحظة لإجراء معالجة"، أي التصميم التوليدي، فيتولى الذكاء الاصطناعي إكمال الرسم"، على ما يوضح أحد الطلاب.
ويضيف وهو يغادر غرفة العمليات: "مهمتي كمصمم غرافيكي هي جعل المعلومات متاحة، وخصوصا المعلومات المعقدة جدا التي تتعلق بالدماغ".
يوضح الدكتور مارلييه أن التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي المحوسب أو تخطيط كهربية الدماغ لا يسمحان بتمثيل كامل للدماغ وبالتالي فإن قدرتهما محدودة في توجيه جراحي الأعصاب.
وبنوا مارلييه واحد من نحو 20 جراح أعصاب في فرنسا يجرون ما يسمى الجراحة "اليقظة"، باستخدام التخدير الموضعي البسيط والعمل بالعين المجردة، من دون الاستعانة بمجهر.
ويتضمن مشروع "برين رودز" تطوير لغة رسومية جديدة لمواءمة الواقع الذي يُرى بالعين المجردة مع البيانات الرقمية بشكل أفضل، وبالتالي "إنشاء فكر عالمي لصور الدماغ"، كما يوضح أفناتي.