في أفريقيا.. "الكرش" لم يعد رمزا للثراء
لطالما كان ينظر في العديد من الثقافات الأفريقية إلى الكرش ( بروز البطن ) على أنه علامة على الثراء. ولكن يبدو أن هذا التصور قد تغير الآن، وسط ارتفاع أعداد الوفيات الناجمة عن أمراض مرتبطة بالبدانة.
وفي كينيا، غالبا ما يطلق الناخبون على الساسة أصحاب الوزن الزائد لقب "بوس" (الزعيم)، أو "مكوبوا" - "الرجل الضخم" باللغة السواحيلية - حيث يرمز كبر الحجم إلى الثراء.
وبدأ الساسة الأصغر سنا في كينيا، وبينهم حكام نيروبي (العاصمة) ومومباسا، الحديث علنا عن فقدان الوزن.
تسهم البدانة في الإصابة بأمراض غير معدية مثل السكري، والتي صارت السبب الرئيسي للوفاة في كينيا، حيث قالت وزارة الصحة إنها مسؤولة عن% 39 من الوفيات في البلاد سنويا.
وكشف "أطلس البدانة العالمي" أن حوالي 13% من البالغين في كينيا يعانون من البدانة، في دولة تقول الحكومة إن حوالي ثلث سكانها لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم من الغذاء. ويسلط هذا التباين الضوء على عدم المساواة المتنامي في البلاد وإقبال أصحاب الدخل المرتفع على الأطعمة السريعة والمصنعة.ومن شأن الوضع الخاص بالبدانة أن يؤثر على القرارات المالية، وغيرها.
في أوغندا.. قرضك بقدر وزنك
وفي أوغندا المجاورة، قامت مؤسسات التمويل الأصغر بفحص المتقدمين للحصول على قروض وفقا لأوزانهم، حيث نظر إلى أصحاب الوزن الزائد على أنهم أكثر قدرة على سداد القروض، بحسب دراسة نشرتها المجلة الاقتصادية الأميركية في 2023.
ويقول أخصائي علم التغذية، الكيني فيليكس أوكوث: "يشعر معظم الناس أنهم عندما يبدأون كسب المال، يجب أن يظهروا مثل المال نفسه، من خلال الوزن الزائد أو البدانة."
ويضيف: "لكنهم لا يدركون أنهم يعرضون أنفسهم لمشاكل تنجم عن هذا النمط من الحياة، مثل الإصابة بالسكري وارتفاع ضغط الدم".
ووصف مدير منظمة الصحة العالمية في أفريقيا هذا الاتجاه المتزايد بأنه "قنبلة موقوتة" بالنسبة للقارة التي تضم أصغر سكان العالم سنا، وأسرعهم نموا.
ويحاول البعض تغيير نهج النقاش بشأن مسألة الوزن.
رحلة مؤلمة لمالالا تدفعه لتخفيف وزنه
وصف عضو مجلس الشيوخ السابق في كينيا، كليوفاس مالالا، كيف أن رحلة طيران إلى الولايات المتحدة استغرقت 15 ساعة جعلته يتألم وكيف نصحه الأطباء بأن يخفف وزنه.وبدأ مالالا اتباع نظام غذائي غير صلب ( يعتمد على الأطعمة السائلة والأطعمة نصف الصلبة) لمدة 90 يوما، وكان وزنه في البداية 138 كيلوجراما (304 أرطال). ورغم أنه لم يكشف عن وزنه الحالي، فإنه قال إن الصور التي التقطت له قبل الحِمية الغذائية، وبعدها، تظهر أنه صار أقل وزنا، على نحو ملحوظ.
قال الرجل الذي يبلغ من العمر 39 عاما: "غضب زملائي في البرلمان لأنني تركت "النادي" بعد أن فقدت وزني.".
ويقول ستيفن أوجووينو، الذي كان يعاني من البدانة في طفولته، وقد صار اليوم ناشطا في الدفاع عن الصحة العامة، إن معظم النواب في كينيا لا يرون في البدانة مشكلة.
ويضيف: "يجرى إجراء هذه المناقشات في البرلمان حيث إن لمعظم النواب بطونا كبيرة، ولذلك فإن الاعتراف بأن الأمر يتعلق بهم سيكون بداية طيبة للشروع في هذا الأمر."وأشار الرئيس الكيني وليام روتو علنا إلى ضرورة أن يكون لدى المرء اللياقة لأداء عمله، حيث كان عليه أن يطمئن الكينيين في عام 2023 أنه بخير إثر تكهنات على الإنترنت تتعلق بصحته بعد فقدان الوزن.وأوضح الرئيس: "قررت خفض الوزن لأن المهمة التي تنتظرنا لم تكن يسيرة".
وفي جنوب إفريقيا، تجاوزت الوفيات المرتبطة بالبدانة، بسبب الأمراض غير المعدية، عدد الوفيات المرتبطة بالإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وذكر أطلس البدانة العالمي لعام 2025 أن 32% من البالغين في جنوب أفريقيا يعانون من البدانة.وقالت ريبون نتسي، مديرة التغذية لدى وزارة الصحة الوطنية، إن المفهوم القائل بأن الوزن هو رمز للثروة يتغير ببطء.وأضافت: "هناك من لا يزال يرى الأمر على هذا النحو، لكن الناس يرون مخاطر أيضا، ولم يعد يُحتفى بزيادة الوزن كعلامة على الكرامة والجمال والاحترام والمكانة الاجتماعية."
لماذا تزيد البدانة في أفريقيا؟
جرى تحديد زيادة الدخل، وانتشار منافذ الوجبات السريعة في المناطق الحضرية، وأنماط الحياة الخاملة والافتقار إلى البنية التحتية التي تشجع على ممارسة النشاط البدني، كأسباب محتملة وراء ارتفاع معدلات البدانة في الدول النامية.
وقالت مريام لاكر أوكيتا، وهي طبيبة مقيمة في كمبالا، العاصمة: "نحن بحاجة إلى التأكد من أننا عندما نبتعد عن نقص الغذاء لا نتجه إلى المجموعات الغذائية الخاطئة."
وأوضحت كارولين كيروي، مديرة مشروع "إيكو" في أفريقيا، وهو عبارة عن منصة لتبادل المعلومات للعاملين في مجال الرعاية الصحية، إن حملات الصحة العامة من شأنها أن تساعد في إزالة الغموض عن المفهوم القائل إن الوزن مؤشر على الثراء.وثمة إعلانات متزايدة في كينيا عن صالات ممارسة الألعاب الرياضية، وأدوية إنقاص الوزن والعمليات الجراحية.
ولكن طرقا أخرى، مثل دواء أوزمبيك، لإنقاص الوزن، لم تحقق لمستخدميها ما يصبون إليه، ومثال على ذلك كارولين هافي، التي قالت إنها اتجهت، عوضا عن الأدوية، إلى اتباع نظام غذائي يعتمد على وجبة واحدة في اليوم، مضيفة أنها تأمل في أن تخفض وزنها، في نهاية المطاف، من 105 كيلوجرامات إلى 70 "دون إنفاق الكثير من المال".