صحة

نستخدمه يوميا وأنقذنا خلال كورونا.. هل يصنف الإيثانول مسرطنا؟

نشر
Camil Bou Rouphael
بينما يغسل الملايين أيديهم يوميًا بمعقّمات كحولية تُنقذ أرواحًا، تبحث بروكسل في خطوة قد تُربك المستشفيات وسلاسل الإنتاج حول العالم: فهل يُصبح الإيثانول مادة "مسرطِنة" في نظر الاتحاد الأوروبي؟

ماذا يحدث الآن؟

بحسب فايننشال تايمز، أصدرت مجموعة عمل داخل وكالة الموادّ الكيميائية الأوروبية (ECHA) توصية داخلية في 10 أكتوبر بتصنيف الإيثانول مادة سامة قد تزيد من خطر السرطان ومضاعفات الحمل.
وتستعد لجنة الوكالة الخاصة بالمواد الحيوية لعقد اجتماع بين 24 و27 نوفمبر لتحديد الموقف النهائي قبل رفعه إلى المفوضية الأوروبية، صاحبة القرار الحاسم.
الوكالة أوضحت أنّه لم يُتخذ أي قرار بعد، لكنها أكدت أنّه، حتى لو صُنّف الإيثانول "مسرطنًا"، فقد يُستثنى استخدامه في حالات محدّدة إذا كانت مستويات التعرض آمنة أو لم تُوجد بدائل مناسبة.

تحذيرات من داخل المستشفيات

في تصريحات لفايننشال تايمز، حذّرت ألكسندرا بيترز من شبكة "المستشفيات النظيفة" التابعة لجامعة جنيف من "أثر هائل" على المستشفيات إذا فُرض الحظر.
وأوضحت أنّ نظافة اليدين تُنقذ 16 مليون إصابة سنويًا، وأنّ بدائل الإيثانول، مثل الأيزوبروبانول، أكثر سمّية، فيما يتسبّب غسل اليدين المتكرر بالصابون في تلف الجلد وإضاعة وقت الكوادر الطبية. إذ أظهرت دراسة أن الممرضات قد يقضين 30 دقيقة من كلّ ساعة عملية جراحية في غسل أيديهن إذا لم يتوفر المعقم.

ما موقف منظمة الصحة العالمية؟

في المقابل، تُبقي منظمة الصحة العالمية الإيثانول والإيزوبروبانول على قائمتيهما كمواد آمنة لاستخدامها في نظافة اليدين، وتؤكد أنه لا علاقة لمطهّرات الكحول بمقاومة المضادات الحيوية، وأن الامتصاص عبر الجلد ضئيل جدًا.
كما تُدرج المعقمات الكحولية ضمن قائمة الأدوية الأساسية منذ تسعينيات القرن الماضي، وتوصي باستخدامها بانتظام لمدة 20 إلى 30 ثانية لتغطية اليدين بالكامل.

داخل المنازل والمكاتب.. وجه آخر للمادة نفسها

خارج المستشفيات، تكشف دراسة نُشرت في Journal of Hazardous Materials Letters في سبتمبر 2021 أن بخاخات التعقيم المعتمدة على الإيثانول قد تُحدث تغيّرات كيميائية مفاجئة في هواء المنازل، وترفع تراكيز المركّبات العضوية المتطايرة والجزيئات النانوية أثناء الرش وبعده.
وتبيّن أن الاستنشاق يشكل المصدر الأكبر للتعرض خلال الساعة الأولى، ما يشير إلى ضرورة تهوية الأماكن المغلقة عند استخدام بخاخات الكحول المكثّفة. ومع ذلك، تظلّ هذه الدراسة خلفية علمية ولم تصدر عنها توصيات تنظيمية بعد.

من المعامل إلى حقائب اليد

الإيثانول ليس مجرد مكوّن في المعقمات. وفق AmericanOilProducts، يدخل في العطور، والأدوية، ومواد التنظيف، ومستحضرات التجميل، ووقود السيارات، ما يجعله أحد أكثر المواد الكيميائية تنوعًا في الاستخدام الصناعي والاستهلاكي.
مرونته الفريدة تسمح بإنتاجه من مصادر متعددة، حتى من مصانع الجعة، ما يجعل تأمينه في الأزمات أمرًا ممكنًا، بخلاف بدائل أكثر تعقيدًا.
لكن أي تصنيف جديد في أوروبا قد يفرض قيودًا إضافية وتكاليف على الشركات، خاصة مع اقتصار "الاستثناءات الخاصة" على ٥ سنوات فقط وتقييمها حالةً بحالة.

ما الذي علينا ترقبه؟

حتى الآن، لا تغيير فعليّ على الأسواق أو على المستهلكين. القرار الأوروبي النهائي سيُتخذ بعد اجتماع لجنة ECHA أواخر نوفمبر.
وحتى ذلك الحين، تبقى معقّمات اليدين الكحولية آمنة بموجب تقييم منظمة الصحة العالمية، فيما ينتظر العالم ما إذا كانت أوروبا ستعيد تعريف المادة التي شكّلت خط الدفاع الأول خلال جائحة كوفيد-19.

الإيثانول.. في كل زاوية من حياتنا اليومية؟

من زجاجة المعقّم في حقيبتك إلى عطر الصباح، فالكحول الذي قد يُصنَّف اليوم "خطرًا" هو في الواقع مكوّن لا يغيب عن تفاصيل الحياة اليومية.
فالإيثانول، وفق بيانات موقع AmericanOilProducts، يُنتَج عالميًا بمليارات الغالونات سنويًا، ليؤدي أدوارًا متعدّدة تتجاوز فكرة التعقيم.
  • فهو العنصر النشط في معظم معقمات اليدين ومنظّفات الأسطح التي أثبتت فاعليتها في القضاء على الفيروسات والبكتيريا.
  • لكنه أيضًا مكوّن أساسي في مستحضرات التجميل مثل العطور وبخاخات الشعر والمستحضرات التجميلية، حيث يعمل كمذيب يُساعد على تبخّر المنتج بسرعة من دون ترك أثر زيتي.
  • وفي المجال الطبي، يدخل الإيثانول في تركيب الأدوية السائلة والصبغات والمحاليل الحافظة، فيما يُستخدم في صناعة الأغذية والمشروبات لاستخلاص النكهات وحفظ بعض المنتجات.
  • وحتى القطاع الصناعي يعتمد عليه كمزيل للدهون في المصانع والمختبرات، بينما تُخلطه شركات الطاقة بالبنزين لإنتاج وقود أنظف احتراقًا وأقل انبعاثًا للغازات الدفيئة.
هذه المرونة الفريدة جعلت منه مادة لا يمكن الاستغناء عنها بسهولة، إذ يمكن إنتاجه من أي مادة عضوية تقريبًا، من الذرة وقصب السكر وصولًا إلى الكتلة الحيوية. وخلال الأزمات، كما في جائحة كوفيد-19، تحوّلت مصانع الجِعَة والمشروبات إلى خطوط إنتاج طارئة للمعقمات، لأن الإيثانول وحده كان قادرًا على إنقاذ الموقف بسرعة.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة