صحة

سيلفي البكاء.. كيف غيّرت وسائل التواصل نظرتنا إلى الحزن؟

نشر
blinx
في وقت ليس بالبعيد، كان يُنظر إلى البكاء على أنه لحظة ضعف خفية لا يحق لأحد رؤيتها، أما اليوم، مع التطور التكنولوجي وانتشار ثقافة مشاركة تفاصيل الحياة اليومية و الخاصة، فقد تحول إلى "عرض" علني يجتاح منصّات التواصل الإجتماعي من جميع أقطار العالم.
من بين ملايين الفيديوهات التي تحمل شارة crying ،#tears ،#sadness#، تقول إحدى الفتيات في مقطع انتشر على تيك توك: "أجمل ما في البكاء أنّ وجهي يلمع بعده"، وهي تلتقط صورة تُظهر خدّيها المتورّدين وبشرتها المتوهّجة، لتصبح الدموع هنا ليست مجرّد تعبير عن حزن بل فرصة لالتقاط "سيلفي" ببريق طبيعي.
هذه الظاهرة، بحسب صحيفة إل موندو الإسبانية، تعبّر عن تحوّل عميق في نظرة الناس للبكاء، وتحديداً بين جيل الشباب، سواء رجالا أو نساء.

من العزلة إلى العلن

بحسب تقرير موقع سي إن إن، لم يعد البكاء مجرد فعل خاص يُمارس في الزوايا المظلمة أو خلف الأبواب المغلقة وتحت المخدات، بل أصبح طريقة للتعبير العلني عن المشاعر أمام جمهور واسع.
بحسب التقرير، يعكس انتشار مقاطع البكاء على إنستغرام وتيك توك تحوّلا اجتماعيا وثقافيا في طريقة التعبير عن الألم، إذ أصبح نشر الفيديوهات وسيلة لتقوية الروابط العاطفية مع الآخرين، وتعزيز الشعور بالتضامن، وخلق مساحة آمنة للتعبير عن الهشاشة دون خوف من الحكم أو السخرية.

جيل زد.. كسر الصورة النمطية

أما تقرير صحيفة إل موندو الإسبانية فيشير إلى أن جيل زد هو المحرّك الأساسي لهذا التحوّل. فبعدما ارتبط البكاء لقرون بالضعف أو الحرج، خصوصاً لدى الرجال، تحوّل اليوم إلى رمز للصدق العاطفي والجرأة على الاعتراف بالمعاناة.
حصدت الوسوم المرتبطة بالدموع مئات الملايين من المشاهدات، بينما يلجأ المؤثرون إلى تصوير أنفسهم أثناء البكاء على وقع موسيقى حزينة لجعل التجربة أكثر صدقاً وتأثيراً.
وترى اختصاصية علم النفس إيلينا دابرا أنّ هذا الانفتاح "يُعيد تعريف القوة" على أنها القدرة على التعبير لا الكتمان.

بين الصدق والأداء

لكن هذا التحوّل لا يخلو من الجدل، إذ روى بعض علماء النفس لصحيفة إل موندو أنّ تصوير اللحظات المؤلمة قد يحمل طابعاً أدائياً أيضاً، إذ تحوّل الدموع في بعض الحالات إلى أداة لزيادة التفاعل وبناء صورة "أصيلة" أمام المتابعين.
كما تحذّر الخبيرة دافني كاتالونيا من الخلط بين "التعبير العاطفي" و"الاستعراض العاطفي"، مشيرة إلى أنّ الشبكات الاجتماعية ليست دائماً مساحة آمنة، وقد تشجع على استهلاك الألم وتحويله إلى محتوى.
في المقابل، يرى آخرون أنّ الظاهرة تُسهم في كسر المحرّمات الاجتماعية، وقد تمتد إلى أجيال أكبر مع مرور الوقت.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة