"شركس الأردن".. قصة توثقها مقتنيات يفوق عمرها القرن

يروي الباحث الستيني بزادوغ لبلينكس تجربته في تأسيس متحف "البيت الشركسي"، بالقول إن شغفه لم يقل مع الوقت، بل أن إيمانه في فكرته تجذّر أكثر.

" لقد تمكنت من زيادة محتوى هذا المتحف، من خلال جولاتي الميدانية والزيارات التي قمت بها إلى المؤسسات المختصة، فضلاً عن التعمّق في المجتمع الشركسي ومقابلة العديد من كبار السن الذين تمكنوا من منحي العديد من الوثائق" وفق قوله.

ويضيف أن مصادره "تحدثوا لي عن تاريخ كامل عن بلادنا، بلاد القوقاز إلى حكاية الهجرات وصولاً إلى هذا الواقع، ولم يقتصر جهدي محلياً بل لجأت إلى السفر إلى دول متعددة لإكمال مهمة البحث والجمع".

يضم المتحف الذي يصل عمره إلى ربع قرن، وثائق أصلية وكذلك نسخ مصورة، توثّق حياة الشركس في الأردن. وجمع الباحث مئات الكتب التي تتحدث عن الشركس بلغات مختلفة، منها الإنجليزية والتركية والروسية وغيرها، وكذلك يوجد ملفات تفصيلية تبين قصة استقرارهم في بلدان أخرى مثل مصر، فلسطين، تركيا، سوريا وغيرها من دول.

إضافة إلى أن المتحف ينقل الزائر عبر التاريخ الذي شهد محطات مختلفة من الحداثة، فهو يحتوي على مقتنيات ثمينة وذات قيمة تاريخية، مثل السيف الشركسي، والزي الشركسي المميز، وكذلك دفتر الكتاتيب حيث يفوق عمرها قرناً من الزمن.

هناك أيضاً أدوات الحدادة والزراعة والموسيقى، وهي أدوات كان يستخدمها الشركس قديماً.

ويضم البيت الشركسي أيضاً، مكتبة سمعيات وصوتيات مميزة جداً، من موسيقى فريدة بالشركس، إلى قراءات مختلفة عن الأحاديث النبوية الشريفة، بالإضافة إلى مقابلات مع شخصيات شركسية مهمة.

يتواجد الشركس في الأردن قبل تأسيس عمر الدولة الأردنية، أي منذ عهد الدولة العثمانية، فمنذ عام 1878 وهم حاضرون.

بالرغم من أنهم أقلية عرقية لا يتجاوز عددهم 250 ألفاً، إلا أنهم تمكنوا من الاندماج في المجتمع الأردني مع الحفاظ على عاداتهم وتقاليدهم، وعبر التاريخ استطاعوا لعب أدوار مهمة من خلال الدخول إلى مجالات متنوعة وبذل الجهد في تأسيس المؤسسات المدنية والعسكرية.

ووفقا للباحث بزادوغ، فإن أي باحث أو طالب يريد الكتابة عن تاريخ الأردن، لابد من المرور على تاريخ الشركس في الأردن باعتبارهم مكوّن أساسي من مكوناته. فالشركس يتواجدون في أكثر من 45 دولة.

يقول بزادوغ "نحن بالفعل وصلنا إلى مرحلة الاندماج في المجتمع الأردني، ومن هنا تأتي أهمية المتحف الذي يوثق قصتنا، فالاندماج ضرورة كما هو الحفاظ على هويتنا الثقافية وعاداتنا وتقاليدنا أيضا ضرورة، وطموحي أن تزداد محتويات المتحف".