أنامل تحمي "التلّي" الإماراتي من الاندثار

تلخّص مريم، بعباءتها السوداء وبرقعها الذهبي التقليدي، مراحل تعلُّم التلي:

• نظريا.
• سماعيا.
• لمسيا.

تحاول ريم حفظ الخطوات التي تعدّدها المدرّبة، لتكررها بدورها وتؤكد أنها بدأت تتعلّم العام الماضي، قبل أن تتمكن من صُنع تصاميم لنفسها، لكنها تتوقف في فترة الدراسة. تضيف: "كل مرة أرى فيها التلي أتذكر الهوية الإماراتية. التلي شيء نادر ومميز".

لا توجد معلومات دقيقة حول الفترة الزمنية التي نشأت خلالها الحرفة.

يفسر خبير التراث الثقافي في معهد الشارقة للتراث في الإمارات محمد حسن عبد الحافظ لفرانس برس، غياب التأريخ لهذه الصناعة، بالقول: "هناك في مجال التراث الثقافي غير المادي صعوبة كبيرة في تحديد تاريخ العنصر أو متى بدأ تاريخيا بالضبط".

لكنّه أشار إلى أن ضمن شروط تسجيل الحرفة على لائحة اليونسكو أن تكون تناقلتها أجيال متعددة "أقلّه من الأجداد وصولا إلى الأحفاد".

تروي الحرفيّة مريم، التي تتقن التلي منذ كانت مراهقة، أن بناتها لم يتعلّمنَ الحرفة منها. وللأسف، ترى ريم أن الشابات "لسنَ مهتمّات كثيرا" بالحفاظ على الحرفة التلي. وعلى الأغلب أن السبب يأتي من الوقت الذي يحتاجه المرء لتعلم الحرفة.

تشرح ريم أن إتقان التلي قد "يستغرق سنة أو سنتين، لو تدربت لحصّة واحدة أسبوعيا".

عن الصناعة نفسها. فقد يصل عدد الخيوط المستخدمة إلى 50 خيطا في التصميم الواحد، في حين تحتاج أبسط التصاميم 6 خيوط على الأقل، ويستغرق إنتاج المتر الواحد 3 ساعات.

في أنحاء أخرى من مهرجان الحِرَف، تعمل نساء في حرف مختلفة بينها "السدو" الذي يُستخدم في حياكة الخيام والسجاد ورِحال الإبل، وهو من الصناعات المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي منذ 2011.

وبين الأكشاك المعروضة، تأتي الطالبة ليلى اليحيائي، لتساعد والدتها في تسويق عباءات ومنتجات أخرى زيّنتاها بالتلّي. وتقول إنهما تساهمان في المحافظة على الحرفة "من خلال الهواية".

أُدرجت حرفة التلي على قائمة اليونسكو في أواخر 2022، وتُعتبر من الحرف القابلة للاندثار. وللمحافظة عليها، تقدّم السلطات أكشاك مجانية ضمن مبادرة "سجل أبوظبي للحرفيين" الرامية إلى حماية الحرف التقليدية.

والسجل عبارة عن مسح ميداني لإمارة أبوظبي، يتم تسجيل فيه كل الحرفيات، بحسب عايشة الظاهري، رئيسة قسم تطوير الحرف والصناعات التقليدية بالإنابة في دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي.

وبعد التقييم، يُمنحن شهادات ورخصا ويصبحن مؤهلات للمشاركة في فعاليات ولنقل الحرفة للجيل الشاب. ولكن رغم الجهود المبذولة للحفاظ على الحرفة، يتخوّف البعض من فقدانها.

وتقول الإماراتية سالمة الكعبي إن التجار نقلوا الحرفة إلى المشاغل "فأصبح شراؤها أسهل، الجميع يرتديها لكن ليس الجميع يصنعها".

وتضيف الأربعينية التي لم تتعلم حياكة التلي، أن "المهرجانات والمدارس ربما ما زالت تذكّر فيها، لكن هناك خوف من أن نراها يوما ما في متحف".