المواهب الرخيصة تحيي مجد إيطاليا؟
دوري الكالتشيو الإيطالي أصبح بطلاً فوق العادة بين بقية الدوريات الأربعة الكبرى، وذلك بسبب تنافس 3 أندية فيه ضمن الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا (التشامبيونزليغ).
السبب الرئيس هو أقرب لكونه عاطفي في المقام الأول، حيث يشعر الدوري الإيطالي الآن باستعادة أمجاد سابقة، ظن الكثيرون أنها ولت إلى غير رجعة.
والحديث هنا عن الاكتساح الإيطالي والتعود على رؤية ناديين أو أكثر في أدوار متقدمة في التشامبيونزليغ، قبل نحو 20 عاماً.
أما السبب الأخر، فهو التفاؤل بإمكانية حصد أول لقب منذ أكثر من عقد من الزمان، وتحديداً عدنما توج إنتر ميلان بالتاج الأوروبي عام 2010.
ويشارك في هذه النسخة أندية كل من نابولي متصدر الكالتشيو، وميلان حامل اللقب، واللذان سيلتقيان في ربع النهائي، ما يمنح إيطاليا مقعداً مؤكداً في نصف النهائي.
هذا بجانب إنتر ميلان الذي يواجه بنفيكا البرتغالي.
يذكر أن آخر مرة تواجدت فيها ثلاث أندية إيطالية في هذا الدور كان عام 2006.
الأموال أولاً والكرة ثانيا
بحسب موقع "بي بي سي"، فإن أحد أسباب تراجع الدوري الإيطالي في سباقه مع الدوريات الأوروبية الأربع الكبرى، هو تركيز ملاك الأندية الطليان طوال الفترة الماضية على جنى أموال من وراء امتلاكهم للأندية، وتحويلها أحياناً إلى واجهة علاقات عامة لتحقيق مكاسب خارج الملعب.
وضرب الموقع مثالاً بمالك ميلان السابق سيلفيو بيرلسكوني، والراحل كاليستو تانزي مالك بارما الأسبق.
وبعد انفتاح الدوريات الأوروبية الكبرى على المستثمرين الأجانب في الأندية، بدا الدوري الإيطالي متقوقعاً في إصالته، وغير مستعد لملاقاة الأهداف والاستراتيجيات الجديدة لهؤلاء المستثمرين المحتلمين، ما فوت على الأندية الإيطالية بالتالي فرصة ثروات حقيقة، غير أن الاستثمار ذهب لدوريات أخرى، مثل الدوري الإنجليزي "البريمييرليغ".
كيف استفادت إيطاليا من الأزمة ؟
أجبرت الأوضاع الخاصة لأندية إيطاليا، وقبولها بواقع ضعف مواردها مقارنة مع أندية الدوريات الأخرى، إلى التصرف بحذر ورسم خطط بعيدة المدى من أجل التفوق، وهنا يطل نابولي باعتباره المثال الأبرز.
ومنذ شراء أوريليو دي لورينتس نابولي عام 2004 عقب إفلاس النادي، بدأ في وضع خطط من أجل الصعود التدريجي في النتائج والنجاحات.
وبالفعل، نجح نابولي في أن يحتل وصافة الدوري الإيطالي 3 مرات، فيما فاز بكأس إيطاليا 3 مرات، وشارك في المسابقات الأوروبية المختلفة لـ 13 مرة توالياً.
ونجح دي لورينتس في الاستفادة القصوى من أموال بيع لاعبين مثل غونزالو هيغواين ليوفنتوس ولافيتزي وكافاني لباريس سان جيرمان، إذ ساعدته على وضع اللبنات الأولى للنجاح الحالي.
وفي الصيف الماضي، كرر الأمر ذاته، إذ وظف أموال بيع خاليدو كوليبالي لتشيلسي، ولورينزو إنسيني إلى الدوري الكندي، في شراء مواهب مميزة ورخيصة الثمن، مثل الجورجي كفاراتسيخيليا، والكوري الجنوبي كيم مين جاي، ليشكلوا مع النيجيري فيكتور أوسيمين، وبقية كتيبة المدرب سباليتي، لوحة رائعة داخل الملعب.
كما نجح دي لورينتس في تخفيض الأجور بنسبة تصل إلى 35%.
ميلان.. مزيج الخبرة والشباب
تعتبر قصة ميلان شبيهة بنابولي، إذ يسيران على هدي إستراتيجية موضوعة بدقة.
ولم يتأثر ميلان بالربكة التي حدثت في إدارته، بعد شرائه من قبل المستثمر الصيني يونغهونغ لي في أبريل 2017 من بيرلسكوني، قبل أن يبيع النادي بعد 448 يوماً فقط، لصندوق ريد بيرد كابيتال الأمريكي للاستثمارات، إلا أن ذلك لم يغير من الخطط الموضوعة، والتي يشرف عليها أسطورة النادي باولو مالديني.
وتمثلت خطط مالديني في جذب أفضل المواهب الشابة، كان أبرزهم رافائيل لياو ومايك ماينيان، إلى جانب مزجهم بعنصر الخبرة، حيث يتواجد زلاتان إبراهيموفيوفيتش وأوليفيه جيرو، ليمنح هذا المزيج المدرب بيولي كتيبة رائعة، عاد بها للتأهل إلى دوري الأبطال الموسم الماضي بعد 7 سنوات من المعاناة، كما أنهى بها صيام 11 عاماً من التتويج بلقب الدوري الإيطالي.
إنتر ميلان.. صلابة دفاعية و"لدغات" تكتيكية
على خلاف ميلان ونابولي، كان إنتر ميلان الأكثر سخاء في الصرف على اللاعبين، وهو الآن يعتبر صاحب أعلى فاتورة أجور في الكالتشيو، وهو أمر قد يكلفه بيع عدد من لاعبيه هذا الصيف بسبب قوانين اللعب المالي النظيف، وأبرزهم دينزل دومفريسهذا أحد عوامل النجاح في إنتر إلى جانب المدرب باستوني، الذي يعتمد على الدفاع المحكم، واللعب على أخطاء الخصوم بلدغها عندما تخطيء أمامه.
ومنحه هذا الأمر نجاحه الحالي، ووصوله لهذا الدور المتقدم من الأبطال، إذ تأهل من مجموعة صعبة ضمت بايرن ميونيخ وبرشلونة، كما تخطى بورتو البرتغالي في الدور الماضي.
ما هو الموقف الحالي للكرة الإيطالية بشكل عام؟
قبل انطلاق الأحلام اليوم، لا تبدو الكرة الإيطالية في وضع جيد، وعلى صعيد الأندية يعتبر روما النقطة المشرقة الوحيدة مؤخراً، بعد تتويجه بباكورة ألقابه الأوروبية الموسم الماضي، وحصده لقب دوري المؤتمر الأوروبي.
وعلى صعيد المنتخب، فإن الآزوري لا يزال يكافح من أجل استعادة مستواه، إذ رغم تتويجه بيورو 2020 في صيف 2021، فإنه بالمقابل فشل في الظهور في مونديال قطر 2022، وذلك للمرة الثانية على التوالي.
والآن يواجه مدرب المنتخب الإيطالي روبرتو مانشيني عدة مشاكل، أضطرته إلى اللجوء إلى تجنيس الأرجنتيني ذو الأصول الإيطالية ماتيو ريتيغي لاعب تيغري الأرجنتيني لحل أزمة الهجوم، كما أكد رغبته في مطاردة أي لاعب ذو جذور إيطالية لتسجيله.
ويشكو مانشيني كثيراً من ضعف أكاديميات الأندية، والتي تواجه إهمالاً بسبب ضعف الإمكانات المادية، إلى جانب عدم وجود لاعبين أساسيين بشكل ثابت مع كبار إيطاليا، واللذين لا يتجاوزون سبعة لاعبين في نابولي وميلان وإنتر .