لايف ستايل

ريال مدريد لا يقهر.. لماذا؟

نشر

.

Mussab Gasmalla

في أسوأ حالاته الفنية والبدنية باتت رؤية ريال مدريد الإسباني في الأدوار المتقدمة من دوري أبطال أوروبا، التشامبيونز ليغ، أمراً معتاداً في السنوات الأخيرة، إذ يهيمن الفريق الملكي على البطولة، التي توج بها ٥ مرات في آخر 9 نسخ، هو صاحب الرقم القياسي بـ 14 لقباً، كما يتواجد حالياً في نصف النهائي وهو مرشح للاحتفاظ بلقبه، وتقف وراء هذه الهيمنة والنجاحات الكثير من العوامل والأسرار. فما هي أسباب تفوق ريال مدريد وهيمنته على أوروبا حالياً؟

سمعة البلد

منذ عقود خلت، ظلت هنالك نظرة داخل ريال مدريد بأنه الممثل الشعبي لإسبانيا خارجياً، وهو أمر تأكد خلال حقبة فرانكو واستمر بعدها، إذ ظل نشيد النادي بمنزلة نشيد وطني لإسبانيا.

على مرّ السنين، ظل ملعب النادي بمختلف مسمياته تاريخياً مقر الفريق بمنزلة المكان الأبرز الذي يتجمع فيه كافة أطياف المدينة من سياسيين ورجال أعمال مشاهير وفنانين، إلى جانب أساطير النادي، وهو عرف لا يزال حاضراً حالياً، إذ يخصص ريال مدريد مقصورة "VIP" في سانتياغو برنابيو للكثير من هؤلاء في كل مباراة.

من أبرز الرسائل لهذا الحشد هو إبراز مكانة النادي المجتمعية، ما يضع اللاعبين داخل الملعب تحت ضغط خيار الانتصار فقط، بحسب ما أكد موقع بي بي سي البريطاني.

شحن الجدد بالإرث

ظل ريال مدريد، على مدى السنين، يحتفظ ببروتوكول خاص عن تقديم اللاعبين الجدد، إذ يوقع اللاعب عقده ومن خلفه كؤوس وإنجازات النادي، كما يتم أخذه قبل التوقيع في جولة في أرجاء النادي، لتعريفه بصور أساطير النادي منذ عصر ألفريدو دي ستيفانو، وبوشكاش، وحديثاً راؤول وزيدان، ثم أخيراً كريستيانو وراموس وكاسياس.

يحرص النادي على تلقين اللاعبين عبارة واحدة، وهي أن "أي نتيجة غير الفوز تعتبر كارثة"، وهذه بحسب بي بي سي، هي السبب في شهرة النادي باعتباره عصياً على الانكسار، خصوصاً في المباريات الأوروبية.

نتيجة لذلك، يرى اللاعب والمدرب السابق للريال الأرجنتيني خورخي فالدانو، بأن الريال ظل منذ القدم، يركز على الفوز، ولم يحاسب يوماً على الأداء الباهت.

النجومية للشعار فقط

في كتابه "صناعة المجد.. نبذة تاريخية عن ريال مدريد" الصادر في 2022، يرى المؤلف جيسوس بنيتغوتشيا بأن ريال مدريد ربما يعتبر النادي الوحيد الذي لا يمتلك "المدرب النجم" الذي يضمن منصبه لسنوات، مقارنا وضعه مع ليفربول والسيتي وغيرها من الأندية، فمدرب الريال دائماً يركض هرباً من شبح الإقالة.

يحكي بنيتغوتشيا " في ليفربول مثلاً عندما تسوء الأمور داخل الملعب، ينظر اللاعبين إلى يورغن كلوب على الخط، عكس ريال مدريد الذي عندما يتعرض للضغوط وتكون النتيجة ليست في صالحه، ينظر اللاعبين لأنفسهم فقط، ويقولون في أنفسهم إن الفريق لم يسجلهم إلا لهذه اللحظة، ومن هنا تبدأ قصة قهر المستحيل".

علاقة مع الريمونتادا

على الرغم من تغنى العالم بالطريقة التي حصد ريال مدريد لقب دوري أبطال أوروبا العام الماضي، والذي كان عنوانه الأبرز "ريمونتادا الزمن الضائع"، فإن تاريخ الفريق الملكي مع العودة النارية بعد الهزيمة قديم للغاية.

في موسم 1975ـ 1976 حقق ريال مدريد ريمونتادا نارية، إذ حول خسارته ذهاباً 4ـ 1 أمام ديربي كاونتي الإنجليزي في ثمن نهائي كأس الأندية الأوروبية البطلة إلى فوز 5ـ 1 في ملعبه.

وخسر في موسم 1984-1985، ذهاب ربع نهائي مسابقة الاتحاد الأوروبي، يوربا ليغ حالياً، خارج ملعبه أمام أندرلخت البلجيكي 0-3 لكنه فاز إياباً على ملعبه 6-1 وتأهّل، ثم في نصف النهائي في العام ذاته خسر خارج ملعبه في الذهاب أمام إنتر ميلان الإيطالي 0-2 لكنه فاز إياباً على ملعبه 3-0 وتأهّل إلى النهائي وتوِّج باللقب.

في الموسم التالي، في البطولة ذاتها، وفي دور الـ 16 خسر في الذهاب خارج ملعبه أمام بوروسيا مونشنغلادباخ الألماني 1-5 لكنه فاز إياباً على ملعبه 4-0 وتأهّل، ثم في نصف النهائي في العام ذاته، ومجدّداً أمام إنتر ميلان، خسر ذهاباً خارج ملعبه 1-3 لكنه فاز إياباً على ملعبه 5-1 وتأهّل إلى النهائي وتوِّج باللقب للعام الثاني على التوالي.

إعلام "عنيف"

واحدة من أبرز سمات ريال مدريد المتوج بالبطولات حالياً، هو الدور الكبير الذي يلعبه الإعلام المقرب من النادي، والذي يتخطى دوره المحصور في نقل أخبار الفريق.

لعل أبرز وأحدث مثال على ذلك، هو تكفل الإعلام بالرد على نادي برشلونة ورئيسه خوان لابورتا الذي اتهم نادي بمدريد بأنه "نادي نظام الديكتاتور فرانكو"، و"الأكثر مجاملة من قبل التحكيم محلياً وخارجياً". صحف وقنوات مدريد النادي جنّبت الرئيس فلورنتينو بيريز، وتكفلت هي بالحرب ضد لابورتا برشلونة.

أما الدور الأهم، وهو يضاف إلى تحفيز اللاعبين ومدحهم، هو الحرب النفسية التي يمارسها الإعلام المدريدي، ضد خصوم الفريق أوروبياً.

بعد خسارة الريال بهدف نظيف في ذهاب ثمن نهائي الأبطال العام الماضي أمام باريس سان جيرمان، لم تتوقف كل من صحيفتي ماركا وآس المدريديتين عند الخسارة، إذ تحولتا للحديث عن حسم النادي صفقة مبابي، وقالتا وقتها إن الصفقة تنتظر الإعلان الرسمي فقط.

كانت هذه محاولة صحفية لتشتيت ذهن أفضل لاعبي سان جيرمان وقتها، قبل أن ينقض الريال على فريقه إياباً ويخرجه من البطولة بالفوز عليه 3 ـ 1.

الآن، وبعد ساعات من تأهل مانشستر سيتي لنصف نهائي الأبطال، لمواجهة ريال مدريد، خرجت صحيفة آس بغلاف عن نجم الفريق السماوي، النرويجي إيرلنغ هالاند، أكدت فيه أن الفايكنغ النرويجي سيكون مدريدياً صيف 2024، عندما يرحل بنزيمة.

قالت الصحيفة إن رئيس النادي فلورنتينو بيريز يعرف جيداً كيف سيأتى بهالاند، مهما فعل السيتي معه، ليبدو ذلك بمثابة حرب نفسية، مثلما وصفتها تليغراف البريطانية، على هداف الفريق السماوي.

جماهير لا تهادن

واحد من أمضى أسلحة ريال مدريد في الوقت الحالي هو جماهيره، وهي التي تختلف عن الكثير من بقية جماهير الفرق، إذ تمتلك سطوة وتأثيراً في النادي.

بفعل صافرات استهجانها، رسخت جماهير الريال، لثقافة أن النجومية في الفريق هي فقط لمن يركض أكثر ويدافع عن الشعار بقوة، إذا كثيراً ما نغصّت الجماهير من فرحة نجوم كبار بسبب ضعف مساهمتهم مع الفريق، ولم يسلم من هؤلاء حتى أسطورة النادي كريستيانو رونالدو.

وبمثل عدائيتها تجاه كل من يتخاذل من الأساطير، فإن الجماهير دائماً ما تصفق للاعبين مظلومين من المدربين، وسرعان ما تنصرهم، وخير مثال على ذلك حالة داني سيبايوس، الذي أصبح أكثر مشاركة بعد تغنيها باسمه هذا الموسم.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة