لايف ستايل

ضربة كتالونية للملكي

نشر

.

Mussab Gasmalla

لم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أن تتحول رحلة ريال مدريد إلى ملعب مونتيليفي معقل جيرونا، الثلاثاء، إلى جحيم، ليخسر الريال 4 ـ 1 من الفريق الذي صعد هذا الموسم لليغا وصاحب المركز الـ 11 فيها، ولكن هذا الزلزال الكروي لم يأت من عدم٫ فكيف ولماذا حصل ذلك؟

بنظرة متأنية إلى كواليس لقاءات جيرونا السابقة مع مدريد، يبدو أن للقصة جوانب أخرى، تنتمي لأمور خارج الملعب، كالسياسة مثلاُ، وذلك من منطلق موقع الفريقين جغرافيا، فإلى أي مدى كان هذا الأمر حاضراً في المواجهة؟

فوارق كبيرة

قبل إطلاق حكم المباراة خافيير إغليسياس صافرة البداية، بدت المقارنة معدومة تماماً بين ريال مدريد وجيرونا، لكن رغم ذلك نجح الفريق الذي يحمل اسم مدينة جيرونا إحدى مدن إقليم كاتالونيا، والتي تقع على بعد 99 كلم من عاصمة الإقليم برشلونة، في الوقوف نداً قوياً لريال مدريد أمس.

وبلغة الأرقام، تبلغ القيمة السوقية لنادي جيرونا 126 مليون يورو، فيما تبلغ قيمة ريال مدريد 870 مليون يورو، فيما تساوي أو تقترب قيمة جيرونا القيمة السوقية للاعب واحد في ريال مدريد وهو فينسيوس جونيور صاحب الـ 120 مليون يورو.

أما أكبر اللاعبين قيمة سوقية في جيرونا فهو الأوكراني فيكتور تسيهانكوف بـ 22 مليون يورو، فيما يبلغ أعضاء نادي جيرونا 9.5 ألف عضواَ، مقابل 93.2 ألف عضواً في الفريق الملكي.

صداع مستمر للملكي

بنظرة أكثر عمقاً في مواجهات جيرونا أمام ريال، لا يبدو أن ما حدث، بمثابة مفاجأة أو غفوة ملكية، وإنما نتيجة مستحقة للفريق الكاتالوني، تسندها نتائج أخرى بينهما.

والتقى كلاً من الفريقين في 8 مباريات، 6 منها في الدوري الإسباني لكرة القدم، و2 في كأس الملك.

وحقق ريال مدريد الفوز على جيرونا في 4 مناسبات، فيما فاز جيرونا على الريال في 3 مباريات، وحضر التعادل في مرة واحدة.

وسجل جيرونا في شباك ريال مدريد 17 هدفاً، مقابل 22 هدفاً أودعها ريال مدريد في شباك جيرونا، ومن الملاحظ أن ريال مدريد لم يخرج بشاك نظيفة في جميع مواجهاته مع جيرونا.

لعبة السياسية

بنظرة على النتائج والأرقام الأخيرة لجيرونا ومقارنتها بمكانته مع ريال مدريد، ربما تثور أسئلة حقيقة عن سبب هذه الندية، وهو أمر يبدو أنه أكثر من مجرد دوافع نادي صغير يرغب في استعراض عضلاته أمام فريق يتسيّد أوروبا بـ 14 لقباً في الشامبيونزليغ، وله أرقام قياسية على الصعيد الوطني في إسبانيا.

وللوقوف أكثر عند هذه النقطة، ربما يتوجب علينا العودة بالذاكرة إلى مباراة الفريقين في 29 أكتوبر 2017، والتي جاءت في خضم أحداث عاصفة في إقليم كاتالونيا، وهي إعلان برلمان الإقليم استقلاله عن إسبانيا في الـ 27 من أكتوبر 2017، قبل أن تتحرك السلطات الإسبانية، وتعزل رئيس حكومة الإقليم كارلس بوتشدمون، وتعلن سيطرتها على الإقليم.

وفي تلك المباراة، فاز جيرونا على ريال مدريد بهدفين مقابل هدف وهو الذي كان صاعداً لتوه إلى الليغا.

والمهم أكثر هو ما صاحب المباراة من أحداث، وأبرزها احتفالية مدرب جيرونا بابلو ماشين المثيرة، بصعوده على طاولة غرفة الملابس وإعلانه إسقاط فريقه للون الأبيض إلى غير رجعة، داعياً لاعبيه وجماهير كاتالونيا بالشعور بالفخر بجيرونا الذي أسقط سلطة مدريد، ممثلة في الريال، وذلك بحسب ما نقل الصحافي سيد لو في الغارديان البريطانية وقتها.

وفي الخارج تظاهرت جماهير جيرونا احتفاءً بالانتصار الكروي والرمزي أيضاً على ريال مدريد والذي كان يمثل، بحسبها، الحكومة المركزية ورئيس وزرائها، في ذلك الوقت، ماريانو راخوي، قبل أن تتغنى الجماهير الجيرونية بنشيد الـ"اندبندانسيا" ـ الاستقلال، وترفع صور الرئيس بوتشدمون.

تأثير "بوتشدمون"

منذ قبل صعوده إلى الليغا، كان جيرونا تحت تأثير عمدة المدينة، وقتها، كارلس بوتشدمون، والذي ترأس أيضاً حكومة إقليم كاتالونيا، قبل أن تطيحه الحكومية المركزية ويهرب إلى بلجيكا.

وكان بوتشدمون من حاملي التذاكر الموسمية لنادي جيرونا، رغم تشجيعه برشلونة أيضاً، وأكدت الغارديان البريطانية أنه كان سعيداً بفوز جيرونا على الريال وقتها، وتحول المدينة إلى داعم كبير إلى مشروع الانفصال.

ويبدو أن بوتشدمون، قد أصل فعلياً لحساسية جيرونا ضد مدريد، وباتت قريبة من نظيرتها الموجودة لدى برشلونة، والذي تردد جماهيره شعار "أكثر من مجرد نادي"، ويفسر في الإطار الكتالوني على أن الفريق يمثل أيضاً جيش الإقليم الطامح للانفصال عن إسبانيا.

ومنذ مباراة أكتوبر 2017، لم يفز الريال سوى في مباراتين، من ضمن 5 مباريات جرت بينهما في الليغا، كما أنه لم يفز في آخر 3 مباريات، إذ انتهت الأولى بفوز جيرونا 2 ـ 1 في فبراير 2019، والثانية بالتعادل 1 ـ 1 في أكتوبر 2019، والثالثة فوز جيرونا التاريخي أمس 4 ـ 2، مع الوضع في الاعتبار غياب جيرونا لموسمي 2020 و2021 عن الليغا.

واليوم، يأتي هذا الانتصار في خضم تجدد حضور ريال مدريد كرمز لسلطات مدريد، إذ اتهمه رئيس برشلونة خوانا لابورتا الأسبوع الماضي بأنه نادي نظام فرانكو، قبل أن تبدأ معركة بين جماهير الفريقين مسرحها وسائل التواصل الاجتماعي.

ومرة أخرى، ستخرج جماهير جيرونا لتذكر بأنها ليست بعيدة عن شأن مساندة الإقليم، وذلك بعدما وجه فريقها للريال أقسى ضربة ليلة أمس.

حنكة سيتي غروب

بعيداً عن أجواء العداوة السياسية لجيرونا مع مدريد، يبدو أن الفريق يمرّ حالياً بمرحلة جني فوائد استثمار مجموعة سيتي غروب، واستحوذت على 44.3 من أسهمه في 2017.

وتملك المجموعة مجموعة أبوظبي المتحدة للتنمية والاستثمار، ولديها 12 نادياً حول العالم، أبرزها مانشستر سيتي الإنكليزي، العمود الفقري في المجموعة.

وتملك المجموعة خبرات إدارية واسعة، يمكن أن تضع جيرونا مستقبلاً في مصاف الأندية الإسبانية.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة