كانت الصدفة وحدها كفيلة بأن تنقل الشاب البريطاني هومفري كير من مجال الترفيه في بلاده، إلى معد وكاتب محتوى لبرنامج النجم الهوليوودي ومقدم برنامج التوك شو Mythic Quest روب ماكليني.

في إطار زمالة العمل، لاحظ ماكليني ولع الشاب كير الشديد بكرة القدم، وبالأخص فريق ليفربول، الذي كان يتجلى في رابع مواسم مدربه الألماني يورغن كلوب، لكن الحدث الأبرز كان هو جنون كير بما حدث خلال ريمونتادا ليفربول أمام برشلونة في مايو 2019.

وبدوره، كان ماكليني يراقب هذا الجنون بسخرية كبيرة من مشجع الريدز كير، خصوصاً وأن كرة القدم لا تملك مكانة كبيرة في أميركا.

وبحسب الإندبندنت ردّ كير على ماكليني بأن نصحه بحضور مسلسل "سندرلاند حتى النهاية" الذي كانت تستعرضه نتفليكس وقتها، وذلك حتى يفهم سرّ اللعبة الحقيقي وخباياها.

وبالفعل، تابع ماكليني السلسة، قبل أن يصل إلى قناعة بأن يكون هو بطلاً لسلسلة نجاح مع نادي كرة قدم، ومن هنا بدأ كير قصة البحث عن النادي المنشود، إلى أن توصل إلى نادي ريكسهام الويلزي الذي اختاره رفقة ماكليني من ضمن 12 نادياً، وكان سبب الاختيار هو عراقته وشعبيته الكبيرة رغم لعبه في دوري الهواة، والأهم من كل ذلك هو عدم وجود نادي نخبة بالقرب منه في ويلز.

رينولدز شريكاً

كانت أول فكرة لماكليني هي عدم الاكتفاء بشهرته كمقدم برامج وأمواله فقط، وإنما إضافة نجم هوليوودي آخر من بوابة السينما، ووقتها لم يكن يلتقي بريان رينولدز، بقدر ما كانت تجمعها صداقة افتراضية على وسائل التواصل الاجتماعي، بحسب "الإندبندنت".

وبالفعل، عرض ماكليني الفكرة على رينولدز، الذي وافق على الفور، رغم اشتراكهما في عدم معرفته بلعبة كرة القدم.

تحرك وشراء

لم يمض الكثير من الوقت، حتى أعلنت شركة ماك-رينولدز (إشارة إلى شراكتهما) عن نجاحها في شراء نادي ريكسهام الويلزي في نوفمبر 2020، مقابل 2 مليون إسترليني، وذلك بعدما صوّت أكثر من 2000 مشجع على صفقة الاستحواذ، لينال اسم ريكسهام شهرة عالمية بفعل مكانة هذا الثنائي الهوليوودي.

وما أن حلا في مدينة ريكسهام حتى تحول الأمر إلى مهرجان كبير، إذ حضرت المئات من الجماهير من المدينة وما جاورها، لكي يحظوا بتوقيعات نجمي هوليوود والملاك الجدد، وهنا وقع فيما يبدو الحب من أول نظرة للثنائي وريكسهام.

ولم يمر وقت طويل، حتى أدرك الثنائي بأن أمر امتلاك فريق كرة قدم هو أكبر من تصورهم، إذ تأثروا بالفعل بتفاعل جماهير ريكسهام مع فريقها في عز شتاء ويلز القارس، لتبدأ من هنا قصة إدراكهم لمعنى كرة القدم وما تحتويه من أحاسيس متنوعة وشغف لا محدود.

وبدأ الثنائي بالعمل مباشرة، وركزوا على الجانب الخيري، إذ استثمروا في عدد من المشاريع أبرزها تعيين مسؤول عن تلبية احتياجات مشجعي الفريق المعاقين، كما أصبحا أكثر ظهوراً في حياة بلدة ريكسهام.

بداية الانطلاقة

لم يتأخر رينولدز وماكليني كثيراً في العمل على طريقتهما في النادي، إذ سرعان ما انطلاقا لجلب الاستثمارات، وكانت ضربة البداية بعمل فليم دعائي صغير بعنوان: "مرحبا بكم ريكسهام"، وكانت من نتائجه التعاقد مع شركة "إيفور ويليامز تريليرز" التي أصبحت راعية للفريق.

في أبريل 2022، وصل ريكسهام إلى نصف نهائي كأس إنكلترا للدرجات من الـ8 إلى 5، وتغلب ريكسهام على ستوكبورت، على ملعب ويمبلي العريق، لتشكل تلك لحظة تحول كبيرة أخرى في نظرة رينولدز وماكليني لكرة القدم.

وبعد تلك خرج رينولدز بتصريح شهير، قائلاً "لم نكن نعلم أي شيء كرة القدم، لكننا الآن نحن مهووسون بها للغاية".

اندماج وشغف

لم يكن رينولدز وماكليني يتوقعا أن يمضيا الكثير من الوقت في بلدة ريكسهام البعيدة عن أضواء وسجاد هوليوود الأحمر، إذ لم تكن أهدافهما الأولية تخرج عن إطار الرومانسية بامتلاك نادي وتسجيل قصة ما معه، وأيضاً الظهور في سلسة على نتفليكس من بوابته، لكن يبدو أن الأمر قد تغير الآن.

وبحسب تقارير إنكليزية، يبحث رينولدز عن منزل بجوار بلدة ريكسهام منذ بداية هذا العام، فيما انخرط ماكليني في دورات تعلم اللغة الويلزية ذات المفردات الصعبة.

أحلام بلا نهاية

الآن، بات النادي على موعد مع التاريخ، إذ يمتلك ملاك من طبقة المشاهير عالمياً، وأيضاً فريق كرة يخطو بثبات نحو الدرجة الرابعة، بعد صعوده مؤخراً إلى الدوري الوطني الإنكليزي، لتبدو أحلام رينولدز وصديقه تكبر مع هذه التوقعات.

ورغم روعة الإنجاز الآن، لكن لا يزال أمام الثنائي الهوليوودي الكثير من الأشياء، إذ أن من أهم سمات كرة القدم هي عدم توقفها في مكان واحد، إذ تسعى جميع الأندية ومهما بلغت من نجاحات إلى المزيد، ناهيك عن نادٍ عريق تأسس عام 1864، ووجد لتوه الفرصة المناسبة للنهوض، إنها عملية شاقة ومثيرة في نفس الوقت بالطبع.

سيكون علىهما العمل بقوة من أجل تحقيق وعد قطعاه لجماهير ريكسهام في لحظات صفاء في البلدة الويلزية، وذلك عندما صرحا بعدم توقف الدعم حتى الوصول بالفريق إلى الدوري الإنجليزي الممتاز (البريمييرليغ)، وهو الأمر الذي انتظرته أجيال متلاحقة، فهل تتحقق طموحاتها الكبيرة؟ الأيام والسنين المقبلة كفيلة بذلك بالطبع.