لايف ستايل
.
عكرت جماهير ليفربول الإنكليزي صفو اليوم التاريخي في المملكة المتحدة السبت، حيث الاحتفال بتتويج تشارلز الثالث، ملكاً لبريطانيا، في أكبر مناسبة رسمية تشهدها البلاد منذ 70 عاما وبمراسم اتسمت بالفخامة، إذ حولت جماهير الريدز ملعب أنفيلد رود لساحة احتجاجات ضد النشيد الوطني البريطاني.
قبل انطلاق مباراة ليفربول أمام ضيفه برينتفورد لحساب الجولة الـ35 من الدوري الإنكليزي الممتاز، والتي كسبها الريدز بهدف، أطلقت جماهير ليفربول صافرات استهجان، وقاطعت النشيد الوطني البريطاني (ليحفظ الله الملك)، الذي تم تشغيله خصيصاً للاحتفاء بمناسبة تتويج الملك تشارلز الثالث على عرشه.
ومثل غيرهم في ملاعب الجولة 35 في البريمييرليغ، تراصّ لاعبو ليفربول وبرينتفورد حول دائرة منتصف الملعب قبل انطلاق المباراة، للاستماع للنشيد الوطني البريطاني، لكن ما أن بدأ النشيد، حتى بدأت الصافرات من قبل جماهير ليفربول، التي انخرطت في ترديد اسم النادي.
وما أن يصل النشيد لعبارة "ليحفظ الله الملك" المرددة في غالبية فقراته، حتى تقوم جامهير ليفربول باستبدالها بـ"ليحفظ الله ليفربول"، كما ردد البعض الآخر بأن "هنالك ملك واحد فقط" في إشارة إلى أسطورة النادي كيني دالغليش، الملقب بالملك.
تعود الأسباب إلى الشعور الكبير لدى سكان مدينة ليفربول من التهميش الممنهج الذي حدث للمدينة في فترة الثمانينيات.
ويغلب على مدينة ليفربول تاريخياً طابع الميول لليسار أكثر من اليمين، وظهر هذا الأمر جلياً إبان حقبة رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر.
وتسود اتهامات في مدينة ليفربول لتاتشر وحزب المحافظين الذي تنتمي إليه بانتهاجهم استراتيجية متعمدة لتهميش المدينة، وعدم مساعدتها خلال فترة الركوض والكساد الاقتصادي الذي ضربها عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، وتفاقمت أثاره في بداية الثمانينيات.
وفي 1981 حدثت أعمال شغب في توكستث في ليفربول، وعينت مارغريت تاتشر بعدها وزير البيئة هيسلتين وزيراً بصلاحيات كبيرة من أجل قيادة مخطط حضري، يسفر عن تنمية حقيقة في المدينة.
لكن في 2011، نشرت صحيفة (الاندبندنت) تقريراً صادماً أكدت فيها أن تاتشر كانت تعمل في الخفاء على تنفيذ مخطط "الانحدار الممنهج" الذي نصحها به المستشار جيفري هاو، والذي يقوم على دفع سكان ليفربول إلى الهجرة بقطع الخدمات والتهميش الممنهج، من أجل الحفاظ على موارد الدولة.
هنالك أمر أخر، وهو غضب سكان ليفربول من تعامل الحكومة البريطانية مع كارثة "هيلزبره"، التي أودت بحياة 97 مشجعاً من أنصار "الريدز"، في الـ15 من أبريل 1989.
وكان الاتحاد الإنكليزي للكرة قد أصر على إقامة نصف نهائي كأس إنكلترا بين نوتنغهام فورست وليفربول، وهما الفريقان الأكثر شعبية في بريطانيا في ذلك الوقت، على ملعب "هيلزبره" الذي يتسع لـ35 ألف متفرج فقط، والذي لم يتحمل الجماهير الكثيفة، ليحدث التدافع بعد مرور 3 دقائق من المباراة، وتتحول إلى كارثة.
وعقب المباراة، اتهمت الشرطة جماهير ليفربول بالتسبب في الكارثة، قبل أن يبرأها تقرير اللورد بيتر موراي تايلور الذي عينته الحكومة كمحقق مستقل، والذي أدان الشرطة بعدم تقديرها الموقف وإخفاقها في التنظيم.
ومنذ ذلك الوقت بدأت المدينة في معاداة كل ما يرمز للدولة الرسمية والملك، وهو أمر يغذيه كذلك تواجد أغلبية أيرلندية في المدينة.
قبل مباراة برينتفورد البارحة، كان الجميع يعلم بأن جماهير ليفربول سوف تصعد خلال النشيد الوطني البريطاني، إذ أعلنت روابط الفريق ذلك رسمياً منذ أيام على مواقع التواصل الاجتماعي.
وخلال مباراة الفريق أمام فولهام في الدوري الأربعاء الماضي، أرسلت جماهير ليفربول رسائل في هذا الاتجاه، عندما أساءت للملك تشارلز الثالث، ولتتويجه المرتقب يوم السبت.
ولهذا، ربما وجه البعض اللوم لإدارة ليفربول، لكن صحيفة "إندبندنت" تفهمت قرار الإدارة بتشغيل النشيد رغم علمها بما سيجري، وقالت إن تقديرات الإدارة صحيحة، إذ كانت ستكون النشاذ الوحيد في ملاعب الدوري الإنجليزي، التي شغّلت النشيد تفاعلاً مع تنصيب الملك، وهو أمر كان سيحسب بأنه موقف رسمي من النادي، عكس ما حدث، والذي يعد بمنزلة مواقف الجماهير منفردة.
على الرغم من المرارات التاريخية لجماهير ليفربول تجاه الملكية والحكومة البريطانية الرسمية، فإن أبرز الاحتجاجات الجماهيرية على النشيد الوطني البريطاني كانت في مايو 2022، خلال نهائي كأس الاتحاد الإنكليزي.
وأطلقت الجماهير صافرات استهجان ضد النشيد الوطني وقتها، كما أربكت لحظة نزول الأمير ويليامز لأرضية الملعب لمصافحة لاعبي الفريقين (تشيلسي وليفربول) قبل المباراة.
وفي البريمييرليغ نادراً ما يتم تشغيل النشيد الوطني، المرتبط أكثر بمباريات المنتخب الإنكليزي، والتي تلعب في ملعب ويمبلي في لندن.
وعند رحيل الملك إليزابيث العام الماضي، كانت هنالك مخاوف من صافرات جماهير ليفربول خلال دقيقة الصمت قبل مباراة الفريق أمام أياكس أمستردام في دوري أبطال أوروبا، لكن الجماهير احترمت ذلك، ولم تبدر سوى خروقات بسيطة لا تذكر.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة