لايف ستايل
.
"دمروني.. حطموني بكل معنى الكلمة".. هكذا وصفت ميساء يعفوري تفاصيل الاعتداء الذي تعرضت له برفقة زوجها، سمير، على شاطئ صيدا في لبنان، بعدما اعتدا عليهما رجلا دين برفقة عدد من "أتباعهم" وهددوهم، بسبب ارتدائها المايو.
مدينة صيدا الواقعة جنوب البلاد، تُعتبر من المدن اللبنانية المحافظة، رغم أن القانون لا يمنع ارتداء المايو على الشاطئ إلا أن البعض يزعم أنه يتبع "العرف السائد".
قصة ميساء وسمير بدأت عندما باغتهما رجلان، برفقة رجال حراسة، وعرفا أنفسهما بالشيخ عبد الكريم والشيخ عبد، ووجها الحديث إلى سمير طالبين منه أن يغادر هو وزوجته لأنهما يخالفان "عرف المدينة"، فما كان من سمير إلا أن يرفض مؤكدا أن وجوده ومظهره هو وزوجته قانوني تماما، الأمر الذي رد عليه الشيخين بـ"أنهم هم من يضعون الأعراف، وهم يجرمون وجودهما".
إهانات كثيرة وجهها الشيخان للزوجين تركت أثرا سيئا وجرحا عميقا في نفس سمير وميساء، إذ لجأ الرجلان لاستخدام ميساء لتوجيه الإهانات لزوجها بوصفها بـ"شقفة لحم"، وسألاه مستنكران "كيف بتقبل تكون شالحة هيك؟"، ليرد سمير "مرتي، شو إلكن دخل؟".
وبعدما احتدت المشادة بين الطرفين، بدأ الشيخان بتهديد ميساء وسمير "إذا ما بتفلوا بعد 10 دقايق ما بتعرفوا شو بيصير.."، وبعد 10 دقائق تماما، عادا برفقة أكثر من 15 شخصا، وشكلوا جميعا دائرة حول ميساء وسمير وبدأوا بإرهابهما.
في البداية، استخدموا كرة قديمة مليئة بالرمل وبدأوا برميها لبعضهم البعض، وسقطت الكرة على الزوجين أكثر من مرة، مرة على رأس ميساء ومرة على ظهر زوجها، ثم انتقلوا لتقاذف زجاجات مياه معبأة بالرمل، ولاحقا رموا الزوجين بالرمل على وجهيهما، مستخدمين أرجلهم.
وأخيرا، بدأوا بشد أغراض ميساء، قبل أن يقول لهم أحد الشيخان "اسحبوه"، في إشارة للزوج.
"أنا خفت كتير لما قلن اسحبوه، كانوا مقررين يمدوا إيدن على زوجي ويضربوه، وأنا ما كنت بتحمل"، تقول ميساء والغضب يهز صوتها.
مضايقات مختلفة بكل الطرق، لم يستطع سمير وميساء أن يحتميا منها بأي شكل "حتى بالجهات القانونية"، فعندما حاول الزوجان اللجوء لعاملين في البلدية، بعضهم لم يستجب لندائهما وآخرين طلبوا منهم المغادرة وقالوا لهما "شو بدكم بهالشغلة؟".
استمرت المجموعة بإرهاب ميساء وسمير دون تدخل من الأشخاص المتواجدين في المنطقة عدا عن رجل واحد، قالت ميساء إنه بدا شخصا ملتزما بدينه، إذ تقدم للمجموعة وقال لهم "عيب. الدين ما بيقول هيك. ما حدا بتهجم على رجال معه مرتو وما بنتهجم على مرا"، وعندما لم يستطع إقناع المجموعة بالتراجع، طلب من ميساء وزوجها المغادرة لحماية نفسيهما، وهو ما حدث.
ميساء تقول إن اللوم لا يقع على الشيخين، ولا على أتباعهم الذين رافقوهم، فهي تلقي باللوم على من سمح لهم بممارسة هذه التصرفات ولم يردعهم، ومنحهم هذه السلطة حتى وإن لم تكن صريحة ومباشرة، "اليوم بهدا المكان اللي بدي أسميه وطني، فلتان، في حدا مفلت هيدي الغابة وسايبة، هون اللوم بيروح".
أسئلة متعددة أرهقت ميساء بعد الواقعة التي دمرتها نفسيا، لكنها تقول إنها لم تعد تملك الطاقة للمحاربة، خاصة أنها "أكيدة أن القانون لن ينصفها" على حد قولها، ورغم ذلك، اختار سمير أن يقدم بلاغا رسميا ورفع دعوى قضائية ضد الأشخاص الذين تعرضوا لهما.
"الأذى الجسدي ما تأثرت أبدا، بس الأذى النفسي.. دمروني باللي عملوه، حطموني بكل معنى الكلمة، بالأول ما فهمت مشاعري، بس أنا من جوا مش منيحة أبدا. شو صار؟ ليه هيك بدو يصير معنا؟"، تقول ميساء والغصة تكاد تخنقها، مؤكدة أن الأذى النفسي لا يمكن وصفه أبدا.
البحر لم يعد مكانا ترغب ميساء في التواجد فيه بعد هذه الحادثة "مش لأني خايفة يتعرضولي، ما راح يتعرضوا، بس أنا استسلمت، كنت عم حارب لآخد حقوقي، بس ليش بدي ضلني عايشة أحارب؟ ما بدي. ما فيه الإنسان يضل عايش عم يحارب.. فأنا تعبت، وما بقى بدي، ما بقى فارقة معي".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة