أطلق أهالي بحري هاشتاج "#بحري تموت عطشا" على تويتر لتسليط الضوء على أناس لم يشربوا مياها نظيفة منذ أسابيع، وبسبب الاشتباكات التي ما تزال مستمرة بين طرفي الصراع في المنطقة؛ انقطع التيار الكهربائي عن مدينة بحري منذ ١٤ يوما وما يزال الظلام يخيم على المنطقة.

بعد الاتفاق على أحد اتفاقات وقف إطلاق النار، التي سرعان ما ينقضها أحد طرفي الصراع، عادت أصوات غارات جوية ورصاصٍ كثيفٍ في مختلف أنحاء العاصمة، رغم دخول اتفاق ٢٢ أبريل لوقف إطلاق النار حيز التنفيذ. ما يخشاه سكان العاصمة الكبيرة، ومدنها مثل بحري، لم يكن الاشتباكات والرصاص المتناثر في كل اتجاه فحسب، بل كانت المياه وبعدها الكهرباء.

منذ بدء الصراع ارتفعت دعوات المنظمات الأممية بضرورة وقف استهداف المدنيين، لكنها لم تجدِ نفعا مع طرفي الصراع، حيث استمر سقوط ضحايا مدنيين حتى اليوم. ومنذ اليوم الأول لتبادل إطلاق النار بين الجيش وقوات الدعم السريع، في ١٥ أبريل، بدأ برنامج الغذاء العالمي تكثيف نشاطه في الخرطوم، لكن مع انتهاء اليوم أوقف البرنامج جميع نشاطاته المتمثلة بتوفير الغذاء والمياه النظيفة للمدنيين بسبب مقتل ثلاثة من موظفيه، وسط دعوات لإعادة استئناف عمله الموقوف منذ أكثر من شهر.

أول ما لفت نظر المدون الهندي ماهين يوم وصوله الخرطوم يوم ١٧ أبريل، كان انقطاع المياه في مدينة بحري، يومها شاهد امرأة تطبق القول المشهور "الحاجة أم الاختراع" حيث تذهب برفقة أهالي الحيّ إلى نهر النيل، لتعبئة الأوعية بالمياه المخلوطة بالطمي (الطين)، بعضهن استخدم دلاء صغيرة، والبعض الآخر لجأ لأوعية أكبر حملوها على عربات ذات عجلات غالبًا ما تجرها الحمير، لتسهيل النقل.

في درجات حرارة تتجاوز الـ ٤٠ مئوية، يغلي سودانيون الماء الملوث بالطمي، قبل استخدامه للشرب أو الطبخ في محاولة بدائية لتنقيته من الشوائب. لكن اليونيسف وقبل بدء الصراع الأخير بست سنوات حذرت في تقرير لها أنجزته بالتعاون مع الحكومة السودانية من أن "المخاطر الصحية المتعلقة بالمياه في السودان تتزايد بسرعة".

بعد بدء المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع، تشير تقديرات اليونيسف إلى أن عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية قد زاد بنسبة 57٪ من 15.8 مليون إنسان إلى 24.7 مليون، وهو ما يجعل لجوء السودانيين لمياه النيل أمرا خطيرا على صحتهم.

تبلغ حصة السودان من مياه نهر النيل حوالي ١٦.٥ مليار متر مكعب، وتحوي السودان ٨ محطات كبرى لتنقية المياه، لكنها لا تكفي حاجة الـ ٤٨ مليون سوداني، حيث يعاني ٤٠٪ من سكان السودان من شح مصادر المياه النظيفة، حسب تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

من بين المحطات الـ ٨ في السودان، تستحوذ الخرطوم على ٣ منها، واصلَت العمل أول أسبوعين من الصراع؛ لكنها توقفت عن العمل بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وهي محطات الصالحة، والخوجلاب، وسوبا.

تمر سبعة أفرع من نهر النيل في السودان، النهر الأطول في العالم بـ ٦٦٥٠ كيلو متر، ويتفرع في السودان إلى النيل الأبيض والأزرق، لذا تسمى العاصمة بـ "المثلثة"، التي تضم الخرطوم وبحري وأم درمان، مشكّلين مثلثا على الفرعين الكبيرين للنهر.