لايف ستايل

مصر.. المعيشة بالتقسيط

نشر

.

Mohamed Salah Eldin

في مطلع العام الجاري ذهب محمود حسين والذي يعمل مزارعا في محافظة المنيا جنوبي مصر إلى السوق ليشتري اللحم لأسرته المكونة من 7 أفراد ليجد أن سعرها قد وصل إلى 220 جنيها.

محمود قال في حديث لجريدة الشروق المصرية حينها إنه ذهب لشراء "لحمة رأس" فهي "شبه لحمة" ليجد أن سعرها قد قفز من 90 إلى 120 جنيها ولم يجدها بالأساس.

الآن وقد قربت العام على الانتصاف أصبح سعر كيلو اللحم "الكندوز" – لحم العجول والأبقار البالغة (أكثر من سنة)- في السوق المصرية يتراوح بين 280 و320 جنيها، ولا يعرف كيف سيتصرف محمود مع هذا الغلاء.

السخرية والمقاطعة وإطلاق المبادرات هي ردود الأفعال التي أطلقها المصريون من أجل مواجهة غلاء أسعار اللحوم في البلاد التي تواجه أزمة اقتصادية.

على تيك توك ظهر مقطع فيديو لمواطن مصري يدفع "10 جنيهات" للجزار من أجل "شم اللحم".

لكن الفيديو الأشهر كان لمواطن من محافظة دمياط شمالي مصر يدعى محمد الفتلة يقول إن الحاج شريف الزلاط افتتح محلا لبيع اللحوم بالقسط وأن المطلوب هو "صورة البطاقة و50 جنيه مقدم و20 جنيها قيمة القسط أسبوعيا"، ليلقى القبض عليه ويشير في التحقيقات إلى أن الفيديو كان على سبيل المزاح فقط وأنه لايوجد طريقة لبيع اللحوم بهذه الطريقة بحسب وسائل إعلام مصرية.

حديث فتلة اقترب من الحقيقة مع طرح إحدى محال الجزارة في محافظة سوهاج في صعيد مصر مبادرة لبيع اللحوم "بالقطعة".

   

ويقول محمد قدري شافع صاحب محل الجزارة عبر حسابه على فيسبوك إنه سيبيع "اللحمه بالقطعة يعنى 20 جنيه تقدر تاخد قطعه حسب الحجم"، ويشير في حديث لوسائل الإعلام "إن كيلو اللحم وصل إلى 350 جنيها، وأن سعر القطعة بين 25 إلى 30 جنيه لقطعة تتراوح بين 30 و50 غراما"

"خليها تنعر" كان اسم حملة المقاطعة التي أطلقتها تطلق على نفسها "مواطنون ضد الغلاء" من أجل مقاطعة اللحوم لمدة شهر بعد زيادتها، وقد قال رئيسها محمود عسقلاني في بيان إن "هذه الحملة غير موجهة بالضرورة لأصحاب محلات الجزارة المفعول بهم كما المستهلكين لكنها موجهة لأصحاب المزارع الكبار وجزارين الطبليه المتحكمين فى السوق" محذرا من وصول سعر الكيلو إلى 500 جنيه بحلول عيد الأضحى.

رئيس شعبة القصابين "الجزارين" في مصر محمد وهبه أرجع ارتفاع أسعار اللحوم في مصر إلى زيادة أسعار العلف إضافة إلى ارتفاع أسعار اللحوم المستوردة المعتمد عليها بنسبة كبيرة نظرا لعدم كفاية الإنتاج المحلي لحاجات المستهلكين في مصر بحسب جريدة المصري اليوم.

وتشير صحيفة الأخبار القومية المصرية أن إجمالي إنتاج مصر من اللحوم الحمراء بلغ 554 ألف طن عام 2022 بنسبة زيادة قدرها 8.2% كما بلغ متوسط نصيب الفرد 7.4 كيلو، وأن نسبة الاكتفاء الذاتي من اللحوم سجلت 56.6% خلال العام الماضي بحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

الحرب.. سبب جديد

وأسهمت الحرب القائمة في السودان منذ منتصف أبريل الماضي في زيادة الأسعار حيث انقطعت اللحوم المستوردة القادمة من هناك، وأعلنت المجمعات الاستهلاكية المصرية – التي توفر المواد الغذائية بأسعار أقل من السوق- ارتفاع أسعار اللحوم السودانية بقيمة 30 جنيها مطلع مايو الجاري لتسجل 195 جنيها بدل من 165 من خلال نحو 1350 "مجمع استهلاكي" على مستوى الجمهورية تابعين لشركة النيل والأهرام بحسب موقع مصراوي، فيما أشار وزير التموين المصري علي المصيلحي أن مصر لديها 5 آلاف رأس حية تكفيها 1.7 شهر.

واندلعت اشتباكات بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وبين قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" ما أدى إلى نزوح إلى الآلاف إلى مصر.

وقبل أيام استقبلت مصر عبر ميناء قسطل البري الواصل بينها وبين السودان لأول مرة منذ بدء الاشتباكات أول شحنة من المواشي السودانية والتي تقدر بـ4 آلاف رأس حية، فيما اتفقت الحكومة المصرية على استيراد لحوم حية من جيبوتي تقدر ثمنها بحوالي 10 ملايين دولار لسد الاحتياجات خلال عيد الأضحى.

اعرف أكثر

تقسيط إطارات

مع الأزمة الاقتصادية التي تشهدها مصر، لم تقف فكرة التقسيط والبيع بالقطعة عند اللحوم فلقد شهدت البلاد مبادرات التقسيط للعديد من المنتجات من إطار السيارات والحج بل وحتى "كنافة رمضان".

فلقد أطلقت شركات إطارات السيارات مبادرات لبيع إطارات السيارات "الكاوتش" بالتعاون مع البنوك عبر بطاقات الائتمان ولمدة تتراوح بين 6 و 9 شهور، أو حتى مع تطبيقات التقسيط لمدد قد تصل إلى 60 شهرا.

وقد شهدت أسعار الإطارات في مصر خلال العام الماضي قفزة ضخمة تصل إلى 100% وقد أرجعها أمير هلالي، رئيس لجنة المستوردين بشعبة قطع غيار السيارات باتحاد الغرف التجارية العام الماضي إلى نقص الإمدادات في السوق المحلي مع توقف سلاسل الإمداد نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، وأن الإنتاج المحلي لا يتعدى 2% أما باقي الاحتياجات فهي مستوردة.

واستوردت مصر في الفترة من يناير حتى أغسطس من عام 2022 ما قيمته 1.6 مليار دولار من قطع غيار السيارات فيما كانت فاتورة الإطارات الخارجية والأنابيب لوسائل النقل ما يقرب من 350 مليون دولار.

حج بالتقسيط

ومع اقتراب موسم الحج أعلنت شركات السياحة في مصر أسعار موسم الحج الجديد لتتراوح بين 130 ألف جنيه (4200 ألف دولار) للرحلات الاقتصادية و1.5 مليون جنيه (ما يقرب من 50 ألف دولار) للرحلات الفاخرة، ما دفع البنوك إلى طرح "حج بالتقسيط".

فطرح بنك مصر وهو أقدم البنوك في مصر مبادرة لتقسيط رحلة الحج والعمرة بالتعاون مع الشركات السياحية بنظام المرابحة تصل إلى 400 ألف جنيه وأقساط تصل إلى 84 شهرا.

ويرجع أشرف شيحة عضو غرفة شركات السياحة في حديث لوسائل الإعلام المصرية أسباب ارتفاع أسعار رحلات الحج هذا العام إلى انخفاض سعر الجنيه المصري، وارتفاع أسعار الإقامة في السعودية، وانفتاح المملكة الكبير.

كنافة بالتقسيط

كما شهدت مصر خلال رمضان الماضي ظاهرة جديدة هي تقسيط "الكنافة" أو ما عرف بـ"المتقسطة" على وزن أنواع حلوى مصرية أخرى مثل "المتدلعة والشرقانة" وغيرها، حيث طرحتها شركة فاليو صاحبة أشهر تطبيق للأقساط في مصر بالتعاون مع تورتينا التي تعد واحدة من أشهر محال الحلويات في مصر.

وبحسب مصراوي فإن أحد فروع المحل قد أشارت إلى أن هذا العرض سار خلال شهر رمضان وأن سعر الكنافة المتقسطة يصل إلى 435 جنيها، ويمكن تقسيطها على 3 أشهر بدون دفع فوائد أو مقدمة.

وانخفضت نسبة الإقبال على الحلوى الرمضانية في مصر حسبما أكد أصحاب الشركات الذين أشاروا في تصريحات لوسائل الإعلام المحلية أن الانخفاض وصل نسبته إلى 30% رغم أن الزيادة في الأسعار لا تتجاوز 10%، فيما أشارت شركات أخرى إلى ارتفاع سعر الحلوى بنسبة 25% نتيجة زيادة سعر السكر.

الأزمة الاقتصادية في مصر

بحسب تقرير لوكالة رويترز فإن قيمة الجنيه المصري انخفضت بنحو 50٪ مقابل الدولار، ومع نقص الدولار احتجزت الواردات لفترة تسبب في تراكم البضائع في الموانئ ، مما أثر سلبا على الصناعة المحلية.

وقد صنفت البيانات الرسمية حوالي 30 ٪ من السكان على أنهم فقراء قبل تفشي كورونا عام 2020 ، ويقول المحللون إن الأرقام ارتفعت منذ ذلك الحين، يقدر أن 60٪ من مواطني مصر البالغ عددهم 104 ملايين نسمة تحت خط الفقر أو قريبين منه.

وقد وصل معدل التضخم الأساسي في مصر خلال فبراير الماضي ما يفوق التوقعات حيث تخطى نسبة 40%، على أساس سنوي، وهو ما يعتبر أعلى مستوى في تاريخه، بحسب البنك المركزي المصري الذي يشير على موقعه أن تغير الرقم الأساسي لأسعار المستهلكين على أساس سنوي خلال شهر أبريل الماضي قد بلغ 38.5%.

وقد وصل حجم الدين المصري الخارجي حوالي 155 مليار دولار في سبتمبر الماضي، وكان ذلك بتراجع قدره 700مليون دولار في يونيو من عام 2022.

ومؤخرًا خفضت وكالة فيتش التصنيف الإئتماني لمصر للمرة الأولى منذ عام 2013 من "+B" إلى "B"، مبقية على نظرتها المستقبلية السلبية، وعادت مرة أخرى قبل أيام لتخفض التصنيف الائتماني للودائع طويلة الأجل لأربعة بنوك مصرية كبرى هي "البنك الأهلي المصري" و"بنك مصر" و"بنك القاهرة" و"البنك التجاري الدولي".

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة