وجبة البرغر التي يتناولها عبدالله في الـ١٠ مساء لم تمنعه من أن يمسك هاتفه ويضحك مع ضحكة شخصية تشاندلر في مسلسل فريندز الذي يتابعه عبدالله للمرة الثالثة، تشبه شخصية تشاندلر التي اخترعت في عام ١٩٩٤، مع أولى أجزاء فريندز، ما يقوم به شباب ولدوا بعد عام ٢٠٠٠، حيث يميل تشاندلر للضحك على ما يحدث معه من مصائب ويحولها هو ومواليد ما بعد الـ ٢٠٠٠ إلى سخرية حادة، وهي طريقة يلجأ لها مواليد هذه الفترة حسب دراسة أجرتها جامعة بريغام الأميركية، التي تأسست عام ١٨٧٥.

خلال متابعة عبد الله للحلقة الخامسة من الجزء الثاني في فريندز، وصلته رسالة من صديقه على إنستغرام، أوقف المسلسل وفتحها ليجدها "ميم" عن مصيبة جديدة تتعلق بدرجات صديقه في الامتحان النهائي في الجامعة. ليس كل ما ينتجه عبد الله وأبناء جيله من "ميمز" تتعلق بمصيبة شخصية مروا بها، لكن ربما تكون حادثة سيئة شاهدوها على السوشيال ميديا، تماماً كما حدث في ٨ يونيو، عندما خرجت نصائح لكيفية التعامل مع هجوم سمكة قرش، وذلك على خلفية هجمة قاتلة للسمكة على سائح روسي في مصر.

وقتل شاب روسي من جراء هجوم سمكة قرش قبالة سواحل البحر الأحمر في مصر، الأسبوع الفائت.

ومن بين الردود على تغريدة، كان تعليق لشاب يدعى مصطفى سعد، جعل من الحادثة نكتةً وكتب نصائح غير جدية لمن يواجه قرشاً. واكتسبت تغريدته العديد من اللايكات وإعادة التغريد وبدأ شباب جيل زد بصنع الـ "ميمز" حول هذا الموضوع.

وسارع طالب طب بشري أطلق على نفسه اسمه "حمدي البلطجي" على تويتر، إلى نشر فيديو لشاب يرقص مع قرش رداً على نصائح مصطفى.

فيما ذهب آخرون من جيل زد إلى الرد على نصائح مصطفى بفيديو لقرش يقترب من الكاميرا مرفقين صوت "قبلة" معه. وعنونوا الفيديو بـ "سمكة القرش بعد ما تطبق كل الخطوات صح".

وسبق "النكات المصرية" وصناعة الميمز من المشاكل، أخرى فلسطينية، ففي ٢٠٢١ خلال أحداث حي الشيخ جراح في شهر مايو انتشر فيديو لمقدسي يصف المواجهات بين جيش الاحتلال والفلسطينيين قائلاً: "يا عفو الله شمطه شمط". ومنذ ذلك الحين والفلسطينيون يتداولون المقطع متعليق علي أي "قصف جبهة" يحدث في السوشيال ميديا كما يسمونه.

بالعودة إلى عبد الله الذي أنهى وجبة البرغر خاصته، لاحظ ما يدور على تويتر من نقاش حول كيفية التعامل مع القرش. وانضم لأبناء جيله في مشاركة النكات، وهذه طريقة يعتمدها جيل زد لتخفيف التوتر والإحباط. فيما أظهرت دراسة BYU أن ٩٤٪ من جيل زد يتبادلون الـ "ميمز" على تطبيق إنستغرام ويعتبرونها طريقة للتأقلم مع واقع يرونه "صعبا".

استجابة جيل زد العاطفية للمشاكل الحياتية اليومية، تختلف عن الطريقة التي كان يتعامل بها أبناء الجيل السابق، إذ أن من ولدوا بعد الألفية الثانية لا يميلون إلى مواجهة مشاكلهم ولا يريدون التعامل معها، حسب ذات الدراسة.

ترى الباحثة غابرييل شيوزاوا والتي قامت بالدراسة المذكورة، أن تحقيق التوازن بين صنع الدعابة من المشاكل وواقعية المشكلة نفسها أمر لا يمكن تجاهل أهميته، ومن المهم أن يعيش الإنسان شعوره بتفاصيله سواء كان فرحاً أو حزناً أو غضباً.

وتوضح غابرييل أن الهروب من الشعور إلى الضحك سيؤدي إلى صحة "غير جيدة"، مضيفة أنه "من الرائع أن نضحك، لكن التوازن هو الحل".