لايف ستايل
.
في الثامن من يونيو الجاري، خاض إيبار الإسباني مباراة مهمة في سباق الصعود إلى الليغا، وكانت إيابا أمام مضيفه ألافيس، وبعد أن أظهر الأخير تفوقا واضحا، كان لاعبو إيبار يسترقون النظر بين الفينة والأخرى إلى حذاء رئيسة النادي أمايا غوروستيزا في المقصورة الرئيسية، على أمل أن ينالهم شيئا من الحظ الذي طالما ظل يجلبه هذا الحذاء للنادي، لكن حلمهم تبخر، بعد السقوط بثنائية أمام ألافيس الذي تأهل لاحقا إلى الليغا.
لحذاء غوروستيزا المرأة الحديدية في إيبار قصة خاصة، إذ انتبهت إليه منذ 2016، بعد أن ارتدته خلال مباراة فريقها أمام ريال مدريد في البرنابيو، ليخطف إيبار نقطة ثمينة من الملكي، ولاحقا في نوفمبر 2018، تكرر الأمر عندما أسقط إيبار ضيفه ريال مدريد بثلاثية نظيفة.
ومن وقتها تحول الحذاء إلى تميمة حظ وتفوق، ترتديه كلما وجدت فريقها في محنة، وهو أمر بات ينتقل الإيمان به إلى اللاعبين.
من تعويذات وطلاسم جماهير القارة السمراء وطقوسها العلنية على الشاشات، إلى ملابس الجماهير اللاتينية الخاصة، لم يغب التفاؤل والتشاؤم يوما عن الساحرة المستديرة، إذ انتقل إلى اللاعبين أنفسهم.
في الستينات وخلال فترة تألقه مع المنتخب الإنكليزي، ظل الأسطورة الراحل بوبي مور المتوج مع الإنكليز بمونديال 1966، يحرص على عادة غريبة قبل المباريات، وذلك بأن يكون آخر لاعب يرتدي الشورت في غرفة الملابس، بحسب موقع بريمييرفوتبول البريطاني.
وعندما علم زملاء مور بهذا الأمر باتوا يتسببون له في الكثير من المتاعب، إذ كان يرجع أحدهم إلى النفق، بعد نزولهم إلى الملعب، ثم يخبر مور بأنه ذهب وغيّر الشورت الخاص به، قبل أن يركض الأخير إلى الغرفة ويخلع الشورت ثم يرتديه مرة أخرى، وذلك خوفا من تخلى الحظ عنه.
وفي حادثة قريبة من هذه، وفي العالم العربي، ذكر النجم السابق للأهلي المصري محمد عبد المنعم، شطة، بأن ثنائي الأهلي السابق محمود الخطيب وطاهر أبو زيد كانا يتفاءلان بالنزول كآخر اللاعبين إلى الملعب، وأحيانا يتأخر الإثنان كثيرا، بسبب انتظار أحدهما للأخر، قبل أن يستدعيهما الحكم سويا.
واقعة تفاؤل حكاها محمد عبد المنعم شطة أيقونة الأهلي المصري في السبعينات. رويترز
وفي الكرة الحديثة، يتصدر النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، الذي، بحسب ذا صن البريطانية، يفضل الدخول إلى الملعب برجله اليمنى، وقبل ذلك التأكد من تصفيف شعره كما يجب، إذ يعتقد أن عدم القيام بذلك يجلب له الحظ السيئ خلال المباريات.
ويتفاءل رونالدو أيضا بالرقم 7، وذلك بعد تقديمه موسما سيئا بالرقم 9، عقب الانضمام إلى ريال مدريد، قبل أن تنقلب مسيرته رأسا على عقب، عند عودته للرقم 7 بعد اعتزال راؤول غونزاليس.
وقبله قليلا، كانت "صلعة" حارس منتخب فرنسا فابيان بارتيز تلعب دور "تميمة الحظ" لزميله لوران بلان، الذي ما أن يقبلها، حتى يأتي الانتصار للديوك الفرنسية.
لا تنحصر عادات وطقوس التفاؤل والتشاؤم في كرة القدم فقط، فهناك نجوم ألعاب أخرى مشهورين بذلك، مثل السباح الأميركي الشهير وصاحب الميداليات الذهبية مايكل فيلبس يعتبر أحد أبرز المهتمين بالطقوس الجالبة للحظ.
قبل كل سباق مهم، يحضر فيلبس إلى حوض السباحة ويتمشى حتى نهايته ثم يقف، ثم يخلع سماعة الرأس التي يحرص على الدخول بها، ثم يحرك ذراعيه بطريقة دائرية 3 مرات في الهواء، قبل العودة ببطء للاستعداد للمسابقة.
وبدورها، تحرص أسطورة التنس الأميركية سيرينا وليامز على أخذ الحذاء الخاص بـ"الحمام" إلى ملعب التنس، وفي الملعب تربط حذائها بطريقة معينة، قبل أن تضرب الكرة بالأرض خمس مرات قبل إرسالها الأول.
وفي عالم الغولف نادرا ما شاهد الناس أسطورة الغولف الأميركي تايغر وودز في نهائيات الجولة العالمية "بي جي أيه" بقميص آخر غير الأحمر، والسبب هو وصية والدته بأن مصدر قوته يكمن في اللون الأحمر.
وبدوره، لا يخوض نجم الغطس البريطاني توم دالي أي منافسة، دون جلب دمية القرد البرتغالي الخاص به معه، وذلك حتى يعينه على الانتصار.
رغم تقدم العلم والطفرة في وسائل التدريب، وتحليل الأداء، لدرجة يمكن معها توقع الفائز قبل المباراة، بناء على البيانات، فإن الرياضيين لا يزالون يؤمنون بهذه الطقوس والغيبيات.
بشكل عام يرى علماء النفس أن الإنسان يلجأ إلى التفاؤل أو التشاؤم، عندما تواجهه مواقف مجهولة، ومرهِقة نفسيا، وهذا بحسبهم سبب تمسك الرياضيون بطقوس، يعتقدون بتأثيرها إيجابا أو سلبا عليهم.
في هذا السياق، أفاد عالم النفس في جامعة كيلي البريطانية ريتشارد ستيفنس، لوكالة رويترز "عندما تكون المخاطر كبيرة، وهناك حالة من عدم اليقين، كما هو الحال في رياضات النخبة، يلجأ الناس إلى تجريب أي شيء يعتقدون أن بإمكانه مساعدتهم".
في إطار تأثير التفاؤل والتشاؤم على الرياضيين، أجرت جامعة كولون الألمانية دراسة، عبر تجربتين، وجدت خلالها تأثيرا كبيرا للأشياء المرتبطة بطقوس معينة على أداء الإنسان.
تايغر وودز بقميصه الأحمر الشهير في إحدى المباريات. ويكيميديا
في التجربة الأولى، تم تقسيم مجموعة إلى قسمين، ومنح الأول منهم كرات غولف "عادية" لكنهم أخبروهم أنها تجلب الحظ ومجربة، فيما منح القسم الثاني كرات غولف قالوا بأنها عادية، وطلب منهم تسديدها، قبل أن يحرز أصحاب الكرات "المحظوظة" نجاحا ساحقا.
وبعدها سحبت الكرات، ومُنح القسم الفاشل، ما أسماه الباحثين "سحرا"، فيما حرموا منه القسم الذي نجح في التسجيل بالكرات "المحظوظة"، قبل أن يحدث العكس هذه المرة، ليحقق الفاشلون في التجربة الأولى نجاحا منقطع النظير، ما يؤكد تأثير هذه الطقوس على اللاعبين فعليا، من دون وجود أثر حقيقي لها على أرض الواقع.
في تقرير لها في 2019، سلطت ديلي ميل البريطانية الضوء على الطقوس الخاصة التي يشتهر بها أسطورة التنس الإسباني رافايل نادال، قبل مبارياته الحاسمة في بطولات الغراند سلام.
تشمل طقوس نادال الغريبة، لمس خمسة من أجزاء جسمه قبل بداية إرساله الأول في المباراة، ويبدأ بلمس أسفل ظهره، ثم كتفه الأيسر قبل الكتف الأيمن، ليلمس بعدها أنفه ثم أذنه اليسرى، قبل أن يعود إلى لمس أنفه مرة أخرى، ثم أذنه اليسرى.
ويكرر الماتادور الإسباني طقس لمس أجزاء من جسمه بالطريقة ذاتها قبل بداية إرساله الثاني، لكن دون لمس الكتفين هذه المرة.
ويكشف رصد عادات نادال وحركته في البطولات الكبرى إمساكه بالمضرب لحظة خروجه من أسفل منصة الجلوس الملكية، قبل أن يزيل سترته وهو في مواجهة الحشد الجماهيري، ويقفز أثناء القيام بذلك، ثم يتجه لوضع زجاجتي مشروب جنباً إلى جنب بحيث تكون الملصقات على الزجاجتين في مواجهة الملعب.
وتتواصل الأطوار الغريبة من نادال، هذه المرة قبل أن يتوجه إلى كرسيه، بحيث يحرص ألا يتخطى خط الملعب إلا بقدمه اليمنى، وبعد أن يتسلم منشفته.
ومن الملفت للنظر، هو أن هذه الطقوس الغريبة باتت معروفة لدى جامعي الكرات من الفتيان والفتيات الصغار، بل أنهم باتوا يتدربون عليها حتى لا يفسدها أحدهم.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة