لايف ستايل

"رقصة الهاكا" توتر أجواء مونديال السيدات

نشر

.

Mussab Gasmalla

تنفس رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، فيفا، السويسري جياني إنفانتينو الصعداء في يونيو الماضي، بعدما أنهى أزمة بث مونديال السيدات 2023 بشكل حاسم، وظهر في قمة الارتياح لجاهزية الأجواء لانطلاق العرس الكروي للسيدات في أستراليا ونيوزلندا في 20 يوليو دون كثير مشاكل.

عاشت البطولة حالة من الشد والجذب لمدة، بعد قرار إنفانتينو، في مايو الماضي، حظر بثها في الدول الأوروبية الخمس (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، إسبانيا وإيطاليا)، بسبب ضعف العروض المقدمة، قبل أن يعلن الشهر الماضي بيع تلك الحقوق مقابل 200 مليون دولار، لتنتهي بذلك الأزمة، رغم ضعف هذا المبلغ عن المبلغ المطلوب وهو 300 مليون دولار، بحسب موقع إنسايد ذا غيم.

مصدر آخر لارتياح إنفانتينو وتفاؤله بنسخة مميزة لمونديال السيدات، وهو رفع الجوائز المرصودة للمونديال بنحو 4 أضعاف عن آخر نسخة في فرنسا، لتصل إلى 152 مليون دولار.

وما بين السعادة والترقب، استيقظ إنفانتينو وفيفا مؤخرا على وقع أزمة لم تكن في الحسبان، قبل أن توتر أجواء المونديال التي تم إعدادها بعناية لضمان تنظيمه في أجواء هادئة. المقصود هنا، هو الجدل الكثيف الذي اندلع بداية من 10 يوليو واستمر في التصاعد حتى الآن، في أعقاب أداء المنتخبين الإسباني والهولندي للسيدات رقصة الهاكا التراثية الشهيرة، والتي يتميز شعب الماوري الذي تنحدر منه سلالة النيوزلنديين.

ونشر حساب الاتحاد الإسباني لكرة القدم لقطات فيديو تظهر 4 من لاعباته يؤدين رقصة الهاكا الشهيرة، وبالتزامن أيضا نشر حساب الاتحاد الهولندي لقطات للاعبات يقمن كذلك بأداء الرقصة بصورة مماثلة، قبل أن تنفجر وسائل التواصل الاجتماعي، ضدهن، متهمة اللاعبات بالسخرية من الرقصة، ليحذف الاتحادان المنشورين.

توتر واعتذار

رغم حذف المنشورين، فإن الفيديو استمر في الظهور على وسائل التواصل الاجتماعي، لتوجه الكثير من الانتقادات للمنتخبين، خصوصا المنتخب الإسباني للسيدات، والذي بدت فيه السخرية أوضح، نوعا ما.

وأثارت لاعبات الماتادور، ميسا رودريغيز، وجيني هيرموسو، وسلمى باراوليو، ولايا كودينا، غضبة النيوزلنديين، بأدائهن الساخر للرقصة الشهيرة وضحكاتهن، وذلك خلال أول حصة تدريبية لهن بعد الوصول إلى العاصمة النيوزلندية أوكلاند، حيث يواجه نظيره الكوستاريكي الجمعة المقبلة في أولى مبارياتهما في البطولة التي تنطلق غدا الخميس.

ومن جهتها، دافعت صحيفة ماركا الإسبانية عن رباعي منتخب الماتادور، ورأت بأنهن لم يكن لديهن أي نية للسخرية من الرقصة التراثية النيوزلندية.

وبدوره، نأي الاتحاد الدولي لكرة القدم، فيفا، بنفسه عن الجدل عند اندلاعه، إذ رأى في الأمر، بحسب ديلي ميل البريطانية، شأنا داخليا يخص المنتخبات محل الجدل، لكن صحيفة ماركا عادت وأكدت أن الفيفا استوضح الاتحاد الإسباني عن الواقعة خلال مكالمة رسمية، لكنه، بالمقابل، لم يصدر بيانا رسميا، ما يؤكد بالتالي انزعاجه من الأمر.

في غضون ذلك، خرجت قائدة المنتخب الإسباني للسيدات إيفانا أندريس، 29 عاما، الاثنين، ببيان اعتذار رسمي عما بدر من زميلاتها في الماتادور، في محاولة لتخفيف عاصفة الانتقادات التي طالتهن منذ نحو 8 أيام.

وأوضحت أندريس في تصريحات نقلتها فوكس نيوز "نتواجد هنا في نيوزلندا منذ أيام قليلة، وهنالك الكثير الذي يجب علينا تعلمه عن ثقافتها". مضيفة "نشكركم أيضا على لطفكم ونطمح في حكمتكم، خصوصا في هذه اللحظة المهمة مثل (الماتاريكي) "يعني السنة الجديدة في الثقافة الماورية، وتصادف 14 يوليو من كل عام"). وختمت "نود أن تكون الماتاريكي لحظة مهمة لنا لتجديد حماسنا ونطلب منكم الصفح عن أخطائنا".

ما هي رقصة الهاكا وما علاقتها بالرياضة؟

بشكل عام، تعتبر (الهاكا) صيحة قتالية أو رقصة تقليدية من تراث سكان نيوزيلندا الأصليين (الماوريين)، وتؤدي هذه الرقصة بشكل جماعي، مع حركات حادة وضرب الأرض بالأقدام، مصحوبة بصيحات عالية ومتناغمة في الوقت نفسه مع الحركة.

وتاريخيا استخدمت هذه الرقصة من قبل المقاتلين الماوريين في الحروب المتعددة، إذ يستعرضون عبرها قوتهم وشجاعتهم بهدف بث الرعب في خصومهم، فيما استخدمت أيضا وبنسق أخف في أغراض أخرى، مثل الترحيب بكبار الضيوف، والاحتفاء بالإنجازات العظيمة، وفي المناسبات أو الجنائز.

وظلت هذه الرقصة صامدة على مر الأجيال تتداولها بحماس وفخر كبيرين.

أما في الرياضة، فارتبطت رقصة الهاكا بمنتخب نيوزلندا للرغبي، أوول بلاكس، والذي ظل يستخدمها منذ تأسيسه في عام 1905، وذلك من أجل بث الحماس في نفوس لاعبيه، وإلقاء الرعب في قلوب خصومه.

وبحسب موقع سبورتنغ نيوز الأميركي، ظل فريق الرغبي النيوزلندي يحرص على أداء رقصة الهاكا من نوع "كا ماتي"، والتي ألفها القائد والمحارب القديم لقبيلة نغاتي توا الماورية "تي راوياراها"، وذلك في مطلع عام 1820، من أجل الاحتفال بذلك المحارب الذي لا يهاب الموت أبدا في ساحات المعارك.

ويعتبر منتخب نيوزلندا للرغبي، أحد الأسماء المهمة في تاريخ لعبة الرغبي، إذ يعد الأكثر مشاركة في مونديال الرغبي الذي انطلق في 1987، بتسع مشاركات.

كما يعتبر أيضا الأكثر تتويجا بـ 3 ألقاب (1987، 2011 و2015)، بالتساوي مع جنوب أفريقيا. ولا ينحصر استخدام هذا الطقس الاحتفالي لدى المنتخب النيوزلندي الرجالي للرغبي، وإنما ظل طقسا حاضرا لدى الرياضيات من السيدات.

اعرف أكثر عن..

الماوري

الماوريون هم السكان الأصليون لدولة نيوزيلندا الحالية وجزر كوك، والذين وفدوا إليها من شرق بولونيزيا، ويمثلون الآن جزءاً مهماً من هوية وثقافة البلاد.

أما بولونيزيا فهي مجموعة كبيرة تتكون من أكثر من 1000 جزيرة مبعثرة في وسط وجنوب المحيط الهادي.

وجغرافياً، توصف بولونيزيا كمثلث بزواياه في جزر الهاواي، ونيوزيلندا، وجزيرة عيد الفصح، إضافة إلى مجموعات الجزر الرئيسية الأخرى التي تقع ضمن المثلث البولوينيزي، وهي ساموا وتونغا، إلى جانب جزر أخرى صغيرة مثل جزر سليمان في فانواتو.

لاعبو المنتخب النيوزلندي للرغبي في فاصل أدائي لرقصة الهاكا قبل مباراة أمام جنوب أفريقيا. (أ ف ب)

ويعتقد بأن أول مجموعة من المهاجرين الماوريين حلت ببلاد نيوزيلندا عام 950 بعد الميلاد وتبعهم آخرون عامي 1150 و1350، ومكنتهم عقود العزلة عن العالم من تكوين ثقافة فريدة تشمل عديد الأساطير والفنون واللغة المميزة.

وفي بداية القرن التاسع عشر، ومع انتهاء حروبهم ضد الاحتلال الأوروبي، قدر عددهم بحوالي 100 ألف نسمة، ولاحقاً، تضاءل عددهم إلى 40 ألف نسمة، فيما يعيش اليوم حوالي 600 ألف نسمة من الماوري في نيوزيلندا.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة