لايف ستايل

طرابلس تضيء من جديد

نشر

.

blinx

دون كهرباء، دون وسائل تبريد، دون مكيفات هواء، اعتادت العاصمة الليبية طرابلس على التأقلم على مدار سنوات عدة، إذ عانت المتاجر والأسر والأعمال على حد سواء من انقطاعات مزمنه في التيار الكهربائي بسبب الشبكة المتداعية والمتضررة من الاشتباكات بين الفصائل المسلحة وعمليات النهب.

تدريجيا أصبح الظلام جزءا لا يتجزأ من يوميات الليبيين منذ سقوط نظام الزعيم السابق معمر القذافي في العام ٢٠١١، ولكن هذا الصيف، عاد النور مرة أخرى ليؤنس سكان المدينة ويعينهم على إعادة اكتشاف عاصمتهم طرابلس وحدائقها العامة المضاءة ليلا بفضل استقرار الشبكة بعد عقد من الاضطرابات.

وفيما كان السبيل سابقا للحفاظ على الشبكة هو تقنين الشركة العامة للكهرباء للتيار لفترات خلال ذروة الاستهلاك صيفا وشتاء، أُقرت يوليو الماضي سياسة جديدة مع خطة إعادة هيكلة بالتزامن مع تعيين إدارة جديدة لشركة الكهرباء، في وقت شهدت العاصمة هدوءا نسبيا بعد اشتباكات استمرت لأعوام، ما أدى لتحسين التغذية الكهربائية وقد باشرت شركات أجنبية اطمأنت على ما يبدو الى الوضع، مجددا مشاريع علقت على مدى سنوات.

التنزه بات ممكنا في طرابلس بعد توفر الإضاءة. (المصدر: وكالة فرانس برس)

معاناة وتكاليف

حتى العام الماضي، كان انقطاع الكهرباء يستمر أحيانا لعشرين ساعة متواصلة في العاصمة طرابلس، فيما الوضع لا يحتمل من دون مكيفات هواء مع تجاوز الحرارة صيفا الأربعين درجة مئوية، ومع ذلك اضطر السكان للتكيف، فقد استثمر كثيرون في بطاريات تكلف بضع عشرات من الدولارات وتسمح بتشغيل جهاز التلفزيون أو مصباح أو مصباحين ووصلة انترنت بسيطة.

أما الميسورون من أهالي المدينة الغارقة في الظلام فقد اشتروا مولدات كهرباء قوية، لكنها تتسبب بضجيج مزعج وبتلوث وتستهلك الكثير من الوقود قد تصل كلفته إلى آلاف الدولارات.

حتى أصحاب الأعمال لم يسلموا من المعاناة، فكان كثير من الجزارين ومتاجر الحلويات والمثلجات يواجهون صعوبة التبريد، ويقول مؤيد الزياني صاحب محل لحوم لوكالة فرانس برس: "الحمد لله، الوضع في تحسن ويلاحظ ذلك الزبائن.. فحتى مع وجود مولد، يضعف أداؤه وتضعف الثلاجات وتفسد اللحوم إذا استمر تشغيله أكثر من عشر ساعات".

العديد من أصحاب الأعمال تأثروا بسبب انقطاعات التيار الكهربي. (المصدر: وكالة فرانس برس)

أما حنان الميلادي فتعمل في تسويق حلوى الزفاف والأعياد عبر شبكة الإنترنت، ومن ثم يعتمد عملها بشكل كبير على الكهرباء، ما تسبب لها في متاعب متعددة على مدار الأعوام الماضية، فتقول: "السنوات الماضية كانت صعبة للغاية بالنسبة للمواطن ولي شخصيا. كانت كارثة بمعنى الكلمة خصوصا مع انقطاع الكهرباء وطرح الأحمال من قبل شركة الكهرباء لحماية الشبكة".

وتضيف الأرملة والأم لثلاثة أطفال: "تصوروا ما يحدث عندما تنقطع الكهرباء وعندي طلبية لم أكملها بعد. والأصعب أننا لا نعرف متى تنقطع الكهرباء ومتى تعود".

فصل جديد

أما الآن، فتعلن الشركة العامة للكهرباء بانتظام عن تجهيزات جديدة في محطات توليد الكهرباء في البلاد البالغ عددها حوالى عشرين، لكن هذا الأمر لم يحل خلال موجة القيظ في يوليو الماضي دون سماع هدير المولدات مجددا في المدينة إثر أعطال متفرقة ومشاكل تتعلق بالحرارة المرتفعة.

ويساهم الاستقرار في الشبكة الكهربائية الذي يشكل العنوان الرئيسي في برنامج "عودة الحياة" الذي أقرته الحكومة التي تعترف بها الأمم المتحدة في غرب ليبيا، في إعادة البريق إلى طرابلس التي يطلق عليها أبناؤها لقب "عروس البحر الأبيض المتوسط" بسبب واجهتها البحرية التي كانت تطلى سابقا بالكلس.

يخشى السكان من تجدد الاشتباكات مرة أخرى. (المصدر: وكالة فرانس برس)

ويقول محمد رحومي المنسق الاعلامي في مجموعة للحلويات عن الفصل المعيشي الجديد في المدينة: "من الواضح أن الاستقرار الإداري للشركة - يقصد شركة الكهرباء- أثر على استقرار الشبكة وأيضا الاستقرار الأمني خلال هذه السنة. كل هذه العوامل لها دور في استقرار الشبكة الكهربائية. لكن، للمواطن أيضا دور يؤديه هو تقليل الاستهلاك ودفع الفواتير".

ويقول عبد المالك فتح الله وهو نادل في وسط المدينة يبلغ الثالثة والأربعين: "جهود الحكومة الحالية واضحة وملموسة، ولكن بسبب كل ما عشناه في السنوات الماضية لا يزال لدى المواطن ترقب خوفا من أن يحدث شيء في أي وقت. الوضع لا يزال غير مستقر من الناحية الأمنية".

ويضيف "من الممكن جدا أن تندلع اشتباكات بين المجموعات المسلحة في أي وقت، وفي كل مرة تحدث اشتباكات، تتضرر ممتلكات المواطنين وأيضا محطات الكهرباء وبنيتها التحتية بسبب القصف العشوائي".

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة