الزلزال المدمر.. سياح قرروا البقاء لدعم المتضررين

قبالة الموقع الذي كانوا يتجولون به تنتصب الأبواب الخشبية العالية لقصر الباهية، لكنها مغلقة في وجه الزوار، فيما تظهر قطع قرميد ملقاة على الأرض بعدما تحطمت من وقع الزلزال.

هذا المعلم السياحي كان بني في القرن التاسع عشر.

وتحتضن مراكش تراثاً عريقاً منذ تشييدها بحدود العام 1070، حيث كانت لقرون طويلة عاصمة الدولة المغربية بدءاً من عهد المرابطين، ومركزاً ثقافياً واقتصادياً، وهي مصنّفة تراثاً إنسانياً من منظمة اليونسكو.

ولكن الآن وعلى طول العديد من الأزقة الضيقة، تتخلل الشقوق الكثير من جدران البيوت المصبوغة باللون الأحمر المميّز للمدينة، فيما هدم بعضها تماماً.

المرشد السياحي الذي يرافق كيرين ومجموعتها يشير إلى أن القيام بجولة كاملة حول المدينة العتيقة يبدو غير مؤكد، "لكن المرور عبر جل محطاتها ممكن"، حسب ما نقلته وكالة فرانس برس.

غير بعيد من المكان، يطلب ثلاثة سياح إيطاليين معلومات من رجال الأمن حول المواقع التي لا تزال مفتوحة أمام الزوار، حيث فضل هؤلاء الزوارعدم تقصير مدة رحلتهم، تماما كما هو الشأن بالنسبة لزوجين يحتسيان الشاي في شرفة مقهى تزين جدرانه قطع رخام، أو أيضا بالنسبة إلى سائحة تفاوض بائعاً في أحد المتاجر السياحية القليلة حول سعر حقيبة جلدية، مغطية رأسها بقبعة نسجت من خصلات القش.

ولكن في ساحة جامع الفنا الشهيرة وسط المدينة، اتخذ باعة العطور والمرطبات أماكنهم المعتادة، بينما احتل سكان من الأحياء المجاورة مناطق قريبة، حيث اضطروا لقضاء الليل تحت العراء، بسبب تهدم بيوتهم.

من جهته يقول السائح دومينيك أوبير: "لا نزال مترددين هل نغادر أم لا، لكن الأمور تبدو نسبياً آمنة، إذا بقينا فسنساهم بكل تواضع في دعم المغاربة".

أكدت نقابة تضم نحو 70 من وكالات السفر الفرنسية السبت، أن أيا من زبائنها الذين كانوا موجودين في مراكش لحظة الزلزال، لم يصب بضرر وفقا لمعلوماتها.

ووفق إحصائيات الجهات المغربية المعنية فإن الغالبية العظمى من الضحايا سقطوا في القرى والبلدات المجاورة لمراكش، إلا أن الكارثة ولدت مخاوف من تداعياتها على اقتصاد المدينة القائم أساسا على السياحة.

كان القطاع استعاد عافيته هذا العام في المغرب عموماً ومراكش خصوصاً، بحيث زار المملكة نحو 6.5 ملايين سائح معظمهم أوروبيون خلال النصف الأول من 2023، ما يمثل ارتفاعاً بمعدل 92 ٪ مقارنة مع الفترة نفسها العام الماضي.

واستأثرت مراكش بحصة كبيرة من هذا النشاط بحيث استقبلت أكثر من 4.3 ملايين سائح، بحسب معطيات مرصد السياحة، وهو هيئة غير رسمية متخصصة في رصد القطاع بالمغرب.

لكن الكارثة بدأت تتسبب بإلغاء حجوزات بعضها مبرمج حتى أكتوبر المقبل، وفق ما ذكر مهنيون وتجار لوكالة فرانس برس الأحد.

ويقول دحمان زياني وهو مدير حمام تقليدي يقصده السياح: "ألغت مجموعات كاملة من السياح حجوزاتها خوفاً من ارتدادات الزلزال، لكن يجب أن يقال للناس إن الأمر هنا ليس مثل تركيا".

ويضيف مدير الحمام: "المدينة العتيقة هي روح مراكش، إنها مفخرتنا، والسياحة تمثل 99 بالمئة من مداخيلنا. إذا توقفت سيتوقف كل شيء تماما".