لايف ستايل
.
في كل قصة رومانسية، تُنقل فكرة أن الحب ليس بالأمر السهل، وأنه من الطبيعي أن نواجه القلق والتوتر في العلاقات. لكن أغلب هذه المشاعر نابعة من ذكريات طفولتنا، مثل التوتر الذي يعترينا عندما "تشد الأم شعر ابنها لتأنيبه أو عندما يصرخ البابا لأننا لا نريد أن نتناول البامية" على سبيل المثال. فما تأثير طفولتك على علاقتك مع شريكك؟
عند الولادة، ننظر إلى العالم بحاجة ماسة للحماية والدعم، نبحث عن الأيادي التي تُمدنا بالأمان والرعاية.
فإن بيئتنا والأشخاص الذين رعونا وحافظوا علينا يلعبون دورًا محوريًا في تحديد طريقتنا في بناء العلاقات في المستقبل، سواء كانت عاطفية أو اجتماعية.
وهذه هي الفكرة الأساسية وراء نظرية التعلق، التي تسلط الضوء على أهمية السنوات الأولى في حياة الإنسان.
نظرية التعلق، التي طورها الطبيب النفسي جون بولبي والطبيبة النفسية ماري أينسورث في القرن العشرين، تؤكد على أهمية العلاقة بين الطفل وولي أمره.
وتركز النظرية على الفترة الزمنية التي تتراوح بين الولادة و٥ سنوات.
وتطورت الفكرة من خلال تجربة "الغرفة الغريبة" التي تظهر تفاعل الأطفال مع البيئة والغرباء عندما يكون الوالدان موجودان وفي غيابهما.
هذه التجارب ساعدت في تحديد الأنماط الثلاثة الرئيسية للتعلق: التعلق الآمن، والتعلق القلق، والتعلق التجنبي (بالإضافة إلى التعلق غير المنظم والذي يجمع بين القلق والتجنبي).
يشعر الأشخاص الذين لديهم هذا النمط بالثقة والراحة في العلاقات، ويمتازون بقدرة على التعاطف وفهم احتياجات الشريك. وبالعادة، يكونوا أطفال نشأوا في بيئة سعيدة، تلقوا فيها الحب والاهتمام بانتظام من ذويهم.
إذا تعتقد أنك دائمًا بحاجة للتأكيد المستمر من شريكك وتخاف من فقدان الحب والاهتمام، فذلك، على الأغلب، لأن نمط تعلقك "قلق". ويعود هذا لتجارب مريرة مع والديك تشمل تقلبات كثيرة في المزاج، تاركين أطفالهم في حالة مستمرة من القلق والغموض حيال مشاعر الآخرين.
وإذا كانت أغنيتك المفضلة هي "أنا بخاف من الكوميتمينت"، فأنت أكيد من أشخاص الذين يبتعدون عن الالتزام العاطفي، وبالتأكيد تجد صعوبة في التعبير عن مشاعرك أمام الآخرين.
لا نريد أن نقول أن علاقتك مع الماما والبابا سبب كل مشاكلك، ولكن من المرجح أن يعود سبب خوفك من العلاقات لإهمال عاطفي أو تجاهل من ذويك، مما جعلك "مستقل" على سن صغير. أكبر دليل لهذا الأمر هو التعليقات المفرطة من الكبار على أنك "أكبر من عمرك".
لا تقلق، لست bipolar، ولكن عندما تجد نفسك تصرخ في ثانية، وتضحك في التالية، فقد تكون هذه التصرفات المتقلبة في العلاقة أساسها صعوبة في تحديد مشاعرك وتقبل القرب العاطفي.
هذا النوع من التعلق ناتج عن تجارب مؤلمة، مثل الإساءة، مما سببت لك تضاربا في السلوكيات والتصرفات العاطفية.
عند النظر إلى هذه الأنماط، نجد أن الطفولة تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل السلوكيات والأنماط العاطفية للفرد في مراحل الحياة المختلفة.
"أنا وابن عمي على الغريب"، "أهلك ولا تهلك"، وغيرهم من الأمثال العربية المتعارف عليها تثبت أهمية الترابط بين العوائل في العالم العربي. وهذا التركيز القوي على العائلة يوفر دعمًا وأمانًا، لكنه في بعض الأحيان يجلب ضغوطًا متعلقة بتوقعات العائلة ومتطلباتها.
وبما أن الوفاء للعائلة يأتي قبل أي شيء، هذا قد يقلل من الاستقلالية لدى البعض، ويشجع على الاعتماد الزائد على أفراد العائلة.
الدور الاجتماعي المحدد لكل جنس، أو الـgender roles، تفرض على البعض "توقعات نمطية" للرجل والمرأة، وذلك قد يحد من الحرية الشخصية ويؤثر في العلاقات.
لا تزال هناك قيود محددة على حرية اختيار الشركاء في بعض الدول العربية، مثل الجنسية، الدين، النسب، وغيرها. وذلك بإمكانه أن يؤثر على جودة العلاقات، ووجودها من الأساس، تاركاً أنماط التعلق في آخر قائمة الأولويات. فالخوف من الرفض الاجتماعي أو التشدد يؤدي إلى تكوين علاقات بناءً على التقاليد بدلاً من الرغبة الشخصية.
الوعي هو الخطوة الأولى نحو التغيير، وفقًا لعدة خبراء، وهناك العديد من الطرق والتقنيات التي يمكن اتباعها لتطوير نمط تعلق أكثر صحة واستقرارًا:
التأمل في طريقة التفاعل مع الوالدين خلال سنوات الطفولة قد يكشف الكثير عن أنماط التعلق في العلاقات الحالية.
يمكن أن يساعدك التوازن بين حياتك المهنية والشخصية على تكوين علاقات صحية، فالدراسات توضح أن وجود التوازن مهم لبناء الثقة والألفة مع أحبائك، ولتقليل المشاكل المتعلقة بالعمل، التي ترهق علاقتك مع شريكك.
تقول الدراسات أن ممارسة النشاط البدني المنتظم والتغذية السليمة تخلصك من التوتر. وذلك يعود لضخ هرمونات الإندورفينز، التي تساعدنا على الشعور بالسعادة.
في بعض الحالات، قد يكون من الضروري اللجوء إلى مساعدة أخصائي نفسي أو أخصائي علاقات للمساعدة في التغلب على تحديات معينة.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة