الدليفري في العراق.. رحلة مخاطرة على دراجة تلاحقها الشرطة

على دراجته يجول سائق توصيل الطلبات "الدليفري" علي حسين في أزقة فرعية بين شوارع بغداد هرباً من ملاحقة رجال المرور الذي يحجزون دراجته في حال توقيفه.

في كثير من الأحيان يصارع دوامة معادلة خانقة بين ضرورة إيصال الطلبات سريعاً والملاحقة الدائمة من رجال المرور وزحمة بغداد الخانقة، وخطر الطرقات.

يقضي علي يومه في التفكير بطرق عدم حجز دراجته من قبل المرور، مطالباً إياهم بالكف عن ملاحقته وزملائه كونها فرصة العمل الوحيدة المتاحة أمامهم.

ورغم كل الملاحقات والصعوبات التي يجدها علي في مهنته كسائق توصيل الطلبات، إلا أنه يرى أن مهنته كسائق "دليفري" باتت ملاذاً لآلاف الشباب العراقي الباحث عن فرص العمل في جميع المحافظات العراقية، رغم غياب الضمان لتعويض انعدام فرص العمل وغياب القطاع الخاص واستحالة الحصول على وظيفة حكومية.

تشكو النقابات العمالية من استغلال سائقي توصيل الطلبات وحاجتهم للعمل من قبل أصحاب العمل، وعدم تسجيلهم ضمن دوائر الضمان، إضافة إلى ساعات العمل الطويلة التي قد تصل أحيانا لأكثر من 12 ساعة.

وقد دعت هذه النقابات أصحاب العمل للاستفادة من مزايا قانون التقاعد والضمان الجديد.

يقول وليد نعمة، رئيس الاتحاد العراقي لنقابات العمال، إن شريحة سائقي توصيل الطلبات يواجهون مشاكل عديدة لا تنحصر بملاحقة رجال المرور فقط.

ويوضح أن هناك مشاكل إدارية بالإضافة إلى جشع أصحاب العمل الذي لا يلجؤون إلى تسجيل هؤلاء العمال في صندوق الضمان، ويتهربون من ذلك الأمر خشية من دفع المستحقات، والتي تحتم على رب العمل دفع 12% من مبلغ الضمان.

وأشار نعمة إلى الظلم اللاحق بهذه الفئة من جهة ساعات العمل المفتوحة، والتي لا تحدد ولا تنتهي، مبيناً أن قانون العمل ينص على 8 ساعات عمل في اليوم لكن أولئك العمال يقضون نصف اليوم وأحياناً أكثر، دون أجور إضافية.

في المقابل، يرى علي رحيم الساعدي، رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال، أن هناك بادرة أمل تلوح في الأفق عبر إقرار قانون التقاعد والضمان الاجتماعي الذي أقر هذا العام، وشمل فقرة خاصة بقطاع العمل غير المنظم، والتي من خلالها يستطيع عمال التوصيل من التسجيل بالضمان، وتتكفل الدولة بدفع نسبة صاحب العمل وبالتالي هذا سيتيح لهم التسجيل والحصول على راتب تقاعدي يعينهم في المستقبل.

من جهتها تقول دائرة المرور إنها ملتزمة بالقوانين التي تطبق على الجميع في عدم السماح لسائقي الدراجات بالسير دون أرقام، مشيرة إلى تقديمها استثناءات لهم بحمل كتاب من عمليات بغداد لعدم شمولهم بحظر سير الدراجات النارية من السادسة مساء وحتى السادسة صباحاً، وهذا أقصى ما تستطيع تقديمه لهم بما يسمح به القانون.

مدير العلاقات والإعلام في مديرية المرور العام، زياد القيسي يوضح لـ"يلينكس" أن دائرته ملتزمة بالقوانين، وأنها تتعامل مع جميع سائقي الدراجات وفق القانون دون تمييز، وأن "على جميع أصحاب الدراجات تسجيل أرقامهم لدى الدائرة للحصول على لوحات الأرقام، وهذا ما لا يحصل ويدفعنا لحجز تلك الدراجات" وفق قوله.

غير أن ثمن سعر تثبيت لوحات الأرقام الخاصة بدائرة المرور، والذي يصل إلى ألف دولار يجعلهم غير قادرين على تسجيل دراجاتهم، إضافة إلى تهرب أصحاب العمل من مساعدتهم في توفير دراجات حاصلة على ارقام.

معاناة سائقي دراجات التوصيل زادت بشكل لافت مؤخراً، لاسيما مع اغتيال أحد الشخصيات المشهورة "نور بي ام" بواسطة سائق دليفري، وهو ما زاد من الملاحقات والتضييق عليهم.

أيضاً، أصبحوا مادة دسمة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نُشرت فيديوهات تعكس خوف المجتمع الممزوجة بالسخرية من توصيل الطلبات لهم.