لايف ستايل
.
ما الذي قد يدفعك لركوب طائرة لساعات طويلة، تقطع بك أميالا إلى مؤتمر دولي مثل مؤتمر المناخ؟
بعض الحضور في كوب28 ينشد الزيارة محملا بثقل ما شهد من معاناة ودمار جراء تداعيات تغيرات المناخ.
معاناة الخطوط الأولى في المجتمعات المعرضة لخطر الانهيار، سواء بسبب ارتفاع منسوب البحر الذي يُحيل كوب الماء النقي إلى أمنية بعيدة المنال، أو حرائق الغابات التي تأتي على الأخضر واليابس فتحيل قرى بأكملها إلى جحيم.
تحدثت بلينكس إلى 3 نساء من 3 قارات، إلا أن معاناتهن كانت واحدة، وجهودهن متشابهة في محاولة الدفع في سبيل حياة أفضل وأكثر استدامة، على أبواب كوب كل عام.
تجلس ساوداتا أبو بكرين على مقربة من جناح بوركينا فاسو في المنطقة الزرقاء. قبل أعوام انضمت إلى مؤسسة تينهنان غير الربحية التي تنشط في منطقة الساحل غرب أفريقيا.
بدأت السيدة رحلة دعم طويلة للنساء والشابات في المجتمعات المحلية في دولتها بوركينا فاسو، وامتدت مساعداتها إلى دولتي الجوار في مالي والنيجر، لم تكن تعلم أن قضية جديدة سوف تلقي بظلالها على عمل المؤسسة.
تقول المرأة الخمسينية في تصريحات لبلينكس: "نحارب من أجل حقوق الإنسان والنساء والشباب والسكان الأصليين. نحارب من أجل المساواة ومن أجل جودة الحياة".
لكن جودة الحياة بالنسبة للمؤسسة لا تعني الثراء بالضرورة، وإنما استقرار المجتمعات التي أصبحت مهددة بفعل تغير المناخ.
تقول أبو بكرين: "أغلب مجتمعاتنا باتت تعيش في صحاري. عندما يدمر التغير المناخي والجفاف غابتك تفقد نظام حياتك، فحياتنا معتمدة على الغابات بشكل أساسي، منها نستخرج أدواتنا ونعتمد على النبتات في الرعاية الصحية".
في البداية اعتمدت حيوات المجتمعات المحلية في منطقة الساحل على مواسم الأمطار، حيث الخضرة وازدهار تربية الحيوانات كما تصف أبو بكرين، إلا أن مواسم الأمطار قد تقلصت، من ٤ أشهر كل عام إلى حوالي شهر واحد فقط.
تعمل مؤسسة تينهنان على محاولة دعم النساء في المناطق المتأثرة، سواء عن طريق تعليمهن الحرف اليدوية البسيطة التي تساعدهن على تحقيق الاستقلال المادي، أو مساعدتهن على تنفيذ مشروعات لإنقاذ البيئة المحيطة، كمحاولة إعادة إنبات الغابات المتأثرة بالجفاف، إلا أنها لا تحظى بالدعم الكافي.
لكن أبو بكرين لا تزال تتحلى بالأمل فتقول: "نأمل أن يصبح كوب متنوعا وشاملا حقا كما يزعمون. يقولون لن نترك أحدا بالخلف. ولكن لا توجد مساعدة، نحن نفعل ما بوسعنا، هناك أحاديث كثيرة وأفعال قليلة".
تضيف أبو بكرين: "نريد أن يذكرنا الناس كبشر، في بلادنا هناك حروب وتفجيرات تقضي على التنوع البيولوجي والغابات والحيوانات وتحول السكان لنازحين. نريد أن تصبح منطقتنا آمنة وتحيا في سلام".
قبل بضعة أعوام، وقفت سارة جين سالتمارش وجها لوجه مع حريق غابات، في ذلك الوقت كانت تسكن أحد المنازل الريفية، وامتدت ألسنة اللهب حتى بلغت السياج الخلفية لمنزلها. تصف التجربة بأنها أكثر شيء مرعب من الممكن أن تتقاطع معه، صوت النيران كما تصف، أشبه بزئير الأسد.
بالرغم من ذلك لا تعمل الناشطة الشابة في مجال مجابهة التغيرات المناخية في أستراليا، ولكن في آسيا، بالتحديد على سواحل بنغلاديش، حيث المجتمعات الفقيرة التي تدفع الفاتورة الباهظة لارتفاع منسوب مياه البحر، بينما لا تحظى بأكثر من 3% من احتياجاتها المادية للتكيف مع التغير المناخي.
تعمل الشابة الثلاثينية في إطار مؤسسة "براك" التنموية، ووفقا لخبرتها في بنغلاديش تود الشابة لو يدرك العالم أنه يواجه قضية المناخ بدرجات مختلفة.
تقول لبلينكس: "البعض قد يعاني من ارتفاع درجات الحرارة في الصيف بسبب التغير المناخي، ولكن في بنغلاديش تضطر بعض النساء للخضوع لجراحات استئصال الرحم بسبب تغير المناخ".
في المناطق الساحلية التي تعاني من ارتفاع منسوب مياه البحر ومن ثم زيادة ملوحة المياه العذبة، تُصاب النساء بأمراض باضطرابات في الجهاز التناسلي كأعراض ما قبل الإصابة بسرطان عنق الرحم نتيجة الاعتماد على المياه المالحة في العناية الشخصية كما تصف سالتمارش، بينما تبلغ تكلفة أنظمة جمع مياه الأمطار النظيفة حوالي 350 دولارا فقط.
تقول سالتمارش: "حتى عندما يوجه التمويل لقنوات التكيف مع تغير المناخ لا يصل إلى الأرض، إلى أيدي الأشخاص الذين يحتاجونه بشدة، هناك التزامات وتعهدات لكنها يجب أن تصمم كي تصل للناس على الأرض".
وتُضيف: "أعتقد أن جميعنا يتقاطع مع تغير المناخ، لكن الأزمة مهددة لحياة البعض، وتحدث الآن.. ما نحتاجه الآن هو المزيد من الفعل، وأن نتوقف عن الحديث".
كوب28 ليس مؤتمرا صحيا، بالرغم من ذلك تركت القابلة نيها مانكاني، باكستان لتحضره في مدينة دبي.
ترى نيها أن هناك رابطا قويا بين قضايا الصحة الإنجابية والتغير المناخي، فتشرح أن بعض الدراسات وجدت أن هناك روابط ما بين الولادات المتعسرة والإصابة بسكري الحمل وارتفاع ضغط الدم والولادة المبكرة والإقامة في المناطق شديدة الحرارة.
تواجه مانكاني بعضا من تلك التحديات بشكل مباشر، أثناء عملها في إحدى الجزر الباكستانية المتأثرة بتداعيات تغير المناخ، هناك يعاني السكان من تزايد معدلات التلوث، والأمراض التنفسية والجلدية، بالإضافة إلى الظواهر الجوية المتطرفة كالعواصف والفيضانات.
هنا يأتي دور القابلة كحلقة الوصل في دائرة الاستدامة وفقا لمانكاني، إذ توفر خدمات الرعاية الصحية لمجتمعها المحلي بنفسها، على عكس الطبيب الذي ينشد النساء مساعدته في مراكز صحية بعيدة عن القرى، كما يصعُب الوصول إليه في أحوال الكوارث.
تقول مانكاني إن أحد الفيضانات الباكستانية قضى على قرابة ألفي منشأة صحية، إلا أن القابلة تظل فعالة وقائمة بدورها في مجتمعها، حتى ما إذ اضطر الجميع للنزوح أو حتى الإقامة في خيام.
تشرح لبلينكس: "في وقت الفيضانات، شهدنا قابلات يساعدن النساء على الولادة في خيام، ولكن في الوقت ذاته شهدنا نساء فقدن القدرة على متابعة الحمل أو الحصول على أدوات تنظيم الأسرة بسبب النزوح. حينها يُصبح من الصعب الحصول على رعاية صحية مستمرة".
ترى مانكاني أن وجودها في مؤتمر المناخ ضروري، إذ يمكنها أن تنقل صورة حية عما يمكن أن يبدو عليه العمل الصحي في المناطق الأكثر تأثرا بتغير المناخ، فتشرح أنها تضطر أحيانا للعمل في درجات حرارة مرتفعة للغاية، بينما لا تتمتع المناطق التي توفر لها الرعاية، بمصادر الطاقة.
تقول: "لا يمكنني تقديم خدمة محترمة ما إذا كنت أشعر أنني على وشك الإغماء كل ٥ دقائق".
تأمل مانكاني أن يستمع مؤتمر المناخ لأصوات كل هؤلاء الذين يعانون بالفعل من تغير المناخ: "رسالتي هي أنه عليك أن تستمع لحلول الاستدامة، والتغيير لا بد أن يأتي من المجتمعات المتأثرة ذاتها. ما لم تستمع لاحتياجات الأشخاص الفعلية على الأرض، لن تُفيد الاجتماعات في شيء".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة