وحيدا؟.. بإمكانك مرافقة نفسك هذه العطلة

كشف خبير الصحة العقلية الرائد في جامعة تشارلز داروين، بوافراو رابيفاتهانا، عن مفارقة مدهشة، حيث يقول: "على الرغم من عالمنا المتصل بشكل متزايد، يشعر العديد من الأفراد بالعزلة والوحدة أكثر من أي وقت مضى".

الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 إلى 24 عاما هم الأكثر عرضة للإبلاغ عن الشعور بالوحدة، حيث يعاني 10٪ منهم "في كثير من الأحيان أو دائمًا". على العكس من ذلك، سجلت فئة كبار السن (65+) أدنى مستويات الوحدة، حيث يعاني منها 3% فقط بشكل متكرر.

من المهم معالجة ذلك، فهي ليست "مشكلة تخصك أنت وحدك"، إنها في الواقع مشكلة عالمية حيث يشعر الناس بالوحدة أكثر من أي وقت مضى. حسنًا، يمكن أن تكون أيضًا "مشكلة تخصك أنت وحدك"، لكنك لست الوحيد في هذه المسألة الكبيرة، إذ يواجه العالم وباء الوحدة، وقد ازداد الأمر سوءًا بعد جائحة كوفيد-19.

بين يونيو 2022 وفبراير 2023، أجريت دراسة استقصائية شاملة حول مدى انتشار الوحدة في جميع أنحاء العالم. ومن خلال الوصول إلى ما يقرب من 1000 فرد في كل بلد من خلال مجموعة من المكالمات الهاتفية والتفاعلات وجهاً لوجه، شملت الدراسة نسبة ملحوظة تبلغ 77% من السكان البالغين في العالم، وفق شبكة "سي إن إن".

لم يهدف هذا الجهد البحثي الكبير إلى قياس الشعور بالوحدة فحسب، بل سلط الضوء أيضًا على عواقبه المحتملة.

تتوافق نتائج الاستطلاع مع تقرير نشرته منظمة الصحة العالمية (WHO) في ديسمبر 2020، واستشارة صادرة عن الجراح العام الأميركي في مايو 2022.

وسلط التقريران الضوء على الآثار الضارة للوحدة على الصحة العقلية والبدنية، حتى إنهما يشيران إلى وجود صلة محتملة بزيادة معدل الوفيات.

في الماضي، كان يُنظر إلى مشكلة الوحدة على أنها مشكلة خاصة بموسم الكريسماس، حيث يشعر الناس بالوحدة والانعزال في ظل الأجواء الاحتفالية التي تحيط بهم. ومع ذلك، فقد أظهرت الدراسات الحديثة أن الوحدة مشكلة يعاني منها آلاف الأشخاص، وليست مقتصرة على موسم الأعياد.

في حين أن لسعة الوحدة قد تستمر، فإن احتضان الرعاية الذاتية يمكن أن يوفر العزاء ويجعل العزلة تجربة أكثر إثراء. سواء كنت تغمر نفسك في حمام دافئ وعلاج سبا فاخر، أو تضيع في كتاب آسر، أو تعيد إحياء هواية قديمة، أو تغامر بمهارة جديدة، فإن إعطاء الأولوية للرعاية الذاتية يصبح أكثر أهمية خلال الأوقات الصعبة.

من خلال تغذية نفسك بالأنشطة التي تستمتع بها، فإنك تخلق لحظات من الفرح والإنجاز، وتحول العزلة من مصدر للحزن إلى ملاذ للسلام واكتشاف الذات.

وتذكر دائما أن تكون لطيفا مع نفسك، ولا تَلُم نفسك لأن ليس لديك من تشاركه عيدك، وتحلّي بالقليل من الشجاعة بالاستمتاع وحدك، فهو ليس أمراً معيباً.

دراسة جديدة أجرتها شركة "Mind" على مدى انتشار الشعور بالوحدة الخفية في عيد الميلاد، حيث يحجم 36% من الأشخاص عن مشاركة مشاعرهم. وهذا يؤكد الحاجة الملحة لحملات التوعية ومبادرات الدعم لمكافحة هذه المشكلة المنتشرة.

انسَ التصوير المثالي لعيد الميلاد. بدلًا من ذلك، ركز على ما يجعل هذه المرة مميزة حقًا بالنسبة لك. ما هي التقاليد التي تجلب لك السعادة؟ ما هي الأنشطة التي تثير سعادتك؟

خطط ليومك حول تلك الأشياء. ربما يكون هذا ماراثونًا سينمائيًا مريحًا مع وجباتك الخفيفة المفضلة بدلاً من حفل عشاء كبير. تذكر أن عيد الميلاد الخاص بك يجب ألا يتوافق مع التوقعات المجتمعية.

قم بتغيير فترة الهدوء في موسم الأعياد من خلال تخصيص الوقت للتخطيط لأهدافك وتطلعاتك للعام المقبل. ما هي الإنجازات التي ترغب في تحقيقها على الصعيدين الشخصي والمهني؟

هل تريد إعطاء الأولوية لصحتك الجسدية؟ هل هناك خطوات صغيرة يمكنك البدء في اتخاذها الآن نحو تحقيق طموحاتك؟. التركيز على التطلعات المستقبلية يمكن أن يكون أمرًا مدهشًا بالنسبة للصحة العقلية.

نشر الفرحة من خلال العمل التطوعي

إن العمل التطوعي من أجل قضية تهمك هو تجربة مجزية للغاية. إن مساعدة الأشخاص الأقل حظًا منك يمكن أن تغير وجهة نظرك، مما يدفعك إلى الامتنان للنعم الموجودة في حياتك. فهو يوصلك بالآخرين، ويسمح لك بالمساهمة بشكل إيجابي في المجتمع، ويتركك في النهاية تشعر بالرضا عن نفسك.

إعطاء الأولوية للرعاية الذاتية

عندما تسيطر عليك الوحدة، قم بإعطاء الأولوية للأنشطة التي تغذي رفاهيتك. انغمس في حمام طويل ومريح، أو مارس التأمل للعثور على السلام الداخلي، أو مارس التمارين البدنية لتعزيز مستويات المزاج والطاقة لديك. تعتبر الرعاية الذاتية أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على المرونة العقلية والعاطفية، خاصة خلال الأوقات الصعبة.

انغمس في الطبيعة

التعرض لأشعة الشمس يساعد أجسامنا على إنتاج فيتامين د، الضروري لتنظيم المزاج ووظيفة المناعة.

ويمكن أيضاً تقليل القلق إذ الانغماس للمحيط الطبيعي يقلل بشكل كبير من مستويات التوتر والقلق. وقضاء الوقت في الهواء الطلق يوفر فرصًا للتواصل مع عشاق الطبيعة، مما يعزز الشعور بالانتماء للمجتمع.

لا تنس التجارب الجديدة، إذ تقدم الطبيعة مصدرًا دائمًا للدهشة والرهبة، وتوسع آفاقنا وتقدم استراحة منعشة من الروتين. لذا، احزم أمتعتك وغامر بالخارج، ودع جمال الطبيعة الاحتفالي يرفع معنوياتك.