من صدفة لتنازل تاريخي.. أقدم ملكات أوروبا تسلم راية الدنمارك

بينما تنتقل السلطة من الملكة مارغريتي الثانية إلى ابنها الذي بات يُعرف باسم الملك فريدريك العاشر، تخللت اليوم تفاصيل بروتوكولية متعددة.

ففي الظهيرة انتقلت مارغريتي الثانية والبالغة من العمر 83 عاما، من قصر أمالينبورغ إذ تقيم إلى قلعة كريستيانسبورغ لحضور مجلس دولة.

هناك وقّعت الملكة على قرار تنازلها عن العرش، في حدث تشهده المملكة الإسكندنافية للمرة الأولى منذ 900 سنة، لتطوي بذلك فترة حكم دامت أكثر من نصف قرن.

لاحقا غادرت المجلس الذي ستشارك فيه الحكومة والملك الجديد وزوجته وابنهما الأكبر كريستيان، ولي العهد الجديد، متحررة من دورها بصفتها ملكة ورأسا للدولة.

بعدها ظهر الملك فريدريك العاشر في شرفة كريستيانسبورغ، كي يتم تقديمه رسميا ملكا للبلاد، ويعكس البروتوكول المُعتمد في هذا اليوم عدم دعوة أي شخصية أجنبية، في حين أن الملك لا يضع تاجا ولا يعتلي عرشا بالمعنى الفعلي.

ويقول المؤرخ لارس هوفباك سورينسن، لوكالة فرانس برس: "هذه الشرفة مخصصة فقط لكي يُعلن فيها رئيس الوزراء الملك الجديد".

وأضاف: "يعود آخر حدث مماثل إلى عام 1972 حين حضر أكثر من 10 آلاف شخص في الساحة، لكن هذه المرة شهد حضور عدد أكبر".

تترك الملكة مارغريتي الثانية العرش في ذكرى توليها الحكم قبل 52 عاما، وتعتبر المراسلة الخاصة بشؤون الملكية والعاملة لصالح التلفزيون الرسمي "دي آر" سيسيلي نيلسن، أن "هذا اليوم ينطوي على رمزية كبيرة".

كانت خطوة الملكة بإعلان تنحيها على التلفزيون خلال التمنيات التقليدية لعيد الميلاد في 31 ديسمبر مُفاجئة، ولم يُبلغ أفراد عائلتها بها سوى قبل ثلاثة أيام.

إلا أن قرار الملكة التي خضعت لعملية جراحية كبيرة في الظهر عام 2023، لقي تقبلا سريعا لدى العائلة والشعب.

ويؤيد أكثر من 80% من الدنماركيين قرار مارغريتي التي ستحتفظ باللقب الملكي وستستمر في تمثيل العائلة الملكية خلال الاحتفالات الرسمية.

في السابق أكدت الملكة أنها لن تتنازل عن العرش حتى مماتها، لكن تنحيها سيتيح لنجلها البالغ من العمر 55 عاما، فرصة البروز في دوره كملك، بحسب الخبراء.

يقول المؤرخ هوفباكي سورينسن، إن الملكة تعتبر أن ولي العهد بات مستعدا لتولي المسؤولية.

وأضاف: "ربما رغبت -يقصد الملكة- في تجنب حدوث ما حصل في بريطانيا حيث أصبح الأمير تشارلز ملكا وهو في سن تتجاوز السبعين".

ويحظى فريدريك، وهو ولي العهد مذ أن كان في الثالثة، بشعبية خاصة، ومن المتوقع أن يفرض أسلوبه على الملكية الدنماركية التي يعود تاريخها إلى ملوك الفايكينغ في القرن العاشر.

وأشار المؤرخ بو ليدغارد إلى أن فريدريك يدرك أنه لا يستطيع تقليد والدته، لكنه نجح في إنشاء صورة خاصة به وإقامة علاقة خاصة مع الدنماركيين.

وقال سورينسن: "سنكون أمام نوع آخر من الملوك، غير رسمي بشكل أكبر في أسلوب حديثه مع الناس عندما يتنقل عبر البلاد".

لدى وفاة الملكة إليزابيث الثانية في العام 2022، أصبحت الملكة مارغريتي الثانية ملكة الدنمارك، أطول ملوك أوروبا حكما.

وتربط الملكتان صلة قرابة، إذ كلتاهما تنحدر من نسل الملكة فكتوريا.

يُعد دور الملك في الدنمارك تمثيليا وفخريا، إلا أنه يتولى توقيع القوانين ويشرف رسميا على تشكيل الحكومة التي يجتمع بها دوريا.

حتى عام 1953، كان من المفترض أن تحظى الأميرة بحياة اعتيادية بعيدة نسبيا عن الأضواء، إذ لم يكن القانون يمنحها حق ولاية العرش بعد وفاة والدها الملك فريدريك التاسع.

إلا أن تعديلا على القانون منح المرأة حق خلافة العرش بشكل ثانوي، وضعها في الصدارة، وغيّر مسار حياتها، بحسب موقع دنمارك، التابع لوزارة الخارجية الدنماركية.

إلى جانب حضورها اجتماعات مجلس الدولة، استعدادا لدورها الجديد في سنوات شبابها، درست الأميرة في جامعات كوبنهاغن وكامبريدج، بالإضافة إلى كلية الاقتصاد في لندن وجامعة السوربون، بحسب الموسوعة البريطانية.