الجمال "الافتراضي" يعزّز الـSelfitis

مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، زاد حبّ الأشخاص لالتقاط الصور وتحميلها على مختلف المنصات الرقمية. وانتشر بشكل واسع مفهوم "السيلفي"، واختارها قاموس اوكسفورد عام ٢٠١٣ لتكون هي كلمة العام. بات الاهتمام بالمظهر الخارجي أكبر، وبدأ اعتماد التقنيات المستخدمة من قبل شبكات التواصل الاجتماعي وأهمها الفلتر، الذي كانت انطلاقته عام ٢٠١٥ عندما أصدرت منصة Snapchat ميزة العدسات Lenses.

أحدث الفلتر "ثورة" في العالم الرقمي، وأيضاً في عالم الجمال من خلال استخدام فلاتر التجميل، التي يساعد البعض منها على تحديد طريقة وضع الماكياج، أو تلك التي تظهر الوجه بـ full makeup.

هذا فضلاً عن الفلاتر التي تساهم في تعديل أو تغيير في الشكل، سواء تعديل الأنف، شكل العينين، الظهور بشكل نحيف، تبييض الأسنان وغيرها من الملامح التي يرغب الشخص بإعادة تشكيلها في مظهره الخارجي.

وغالباً ما يلجأ الشخص إلى هذه "الخدعة" المجانية، لأنه يرغب بتغيير صورته "الحقيقية" بعيداً عن حقن البوتوكس والفيلر وخيوط التجميل أو حتى العملية الجراحية، التي هي مكلفة.

الفلتر هو فرصة للبعض للظهور بشكل أجمل، كما مع فلتر gold glamour الذي يعطي المستخدم لمحة عن الشكل الذي "يجدر أن يتحلّى به"، كما يساعدهم على التحسين من مظهرهم، من خلال أخذ قياسات وتفاصيل الوجه ويقارنها بمجموعة من الوجوه الموجودة لديه في قاعدة البيانات، ثمّ يتمّ تحديد كيفية تعديل صورة الوجه وإعادة تكوينه (تغيير في شكل العينين،، الفكّ، تحسين البشرة...).

تزايد الاهتمام بالمظهر الخارجي مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وتزايدت معه المشاكل النفسية، ولربما أوّلها هو الشعور بعدم الرضا عن الشكل الخارجي. إنّ متابعة حسابات المشاهير والمؤثّرين بظهور "دون أي غلطة"، هو من الأسباب التي تؤدي إلى ظهور الاضطرابات منها اضطراب التشوه الجسدي.

وتنصح Saba Harouni Lurie، الاختصاصية في شؤون الأسرة والزواج ومؤسِسة Take Root Therapy، بالابتعاد عن كل ما يسبّب الإحباط بشأن المظهر الخارجي، ومنها منصات التواصل الاجتماعي، لأنّ "هذه الصور غير الواقعية لا تؤدي إلا إلى زيادة الشعور بالنقص (...) وهذا الشكل غير الواقعي للجسم يشجّع على كره الذات".

ومن الأسباب الأخرى وراء الهوس بالاهتمام بالشكل الخارجي:

• البيئة والمجتمع وتحديد معايير جمالية معينة خاصة من ناحية الوزن
• المسلسلات، والإعلانات الخاصة بالتجميل، حيث تظهر المرأة والرجل بشكل perfect.. فتتشكّل صورة نمطية عن الجمال والاهتمام بالمظهر
• الاعتقاد بأنّ الشكل الخارجي جواز سفر لبناء العلاقات مع الآخر، الحصول على فرص عمل أكثر
• تجنّب التنمّر والأحكام المسبقة
• قلة الثقة بالنفس، ومحاولة الاهتمام بالشكل للفت النظر

من الجيّد الاهتمام بالمظهر الخارجي وتوثيق بعض اللحظات بالصور، ولكن إنّ الرضا "المؤقت" عن الشكل الذي تعكسه تقنيات التعديل عبر الهاتف أو الفلاتر على منصات مثل تيك توك وسناب شات وانستغرام، يؤدي إلى اضطرابات مرضية هامة منها: اضطراب التشوّه الجسدي، الناتج عن التركيز في العيوب التي يراها في شكله ؛ واضطراب الـ"selfitis" نتيجة الإدمان على صور الـselfie.

تؤكّد الرابطة الأميركية للطب النفسي، بأنّ الافراط بالتقاط الناس للصور الذاتية selfie ونشرها على مختلف حساباتهم الرقمية، قد يدلّ على الإصابة باضطراب selfitis، وهو مرتبط بالنرجسية وعدم مراعاة الآخر.

هذا ويترافق موضوع التقاط الصور مع إدخال التعديلات عليها، بحيث تصبح الصورة المعدّلة "الافتراضية" مغايرة للصورة الحقيقية. يعاني "المدمنون" على التقاط السيلفي والتعديل عليها، من الشعور بعدم الأمان، رفض ملامحهم الحقيقية.

وبالتالي، يخلقون صورة جمالية افتراضية، من شأنها أن تتسبّب بمشكلة أكبر كالإصابة باضطراب تشوّه الجسم أو رهاب التشوه الجسمي dysmorphophobia.

إنّ اضطراب تشوّه الجسم هو مرض نفسي، وتتفاوت أعراضه حسب الأشخاص، وأهمها: يركّز بقوّة في شكل جسده ومظهره، يحدّق في العيوب الجسدية التي لا ترضيه حتى لو كانت بسيطة، يبالغ في الاعتناء بطريقة ظهوره، ينظر كثيراً إلى المرآة، يقارن بينه وبين الآخرين.

لذلك يلجأ إلى إخفاء العيوب باعتماد وسائل مختلفة منها وضع الماكياج، ارتداء ملابس تخفي ما يراه عيباً، الفلتر أثناء التقاط الصور، وقد يلجأ إلى تكرار الإجراءات الطبية التجميلية.