"أمهات السوشيال ميديا".. دعم للأم وانتهاك لخصوصية الأطفال

عام ٢٠٢٠، خلال فترة كورونا، انتقلت ريمي سلوم من تقديم محتوى خاص في مجال الموضة، إلى محتوى عائلي تشاركه مع ابنيها رافا وأليكس، وبالتحديد على منصتي إنستغرام وتيك توك.

تقدّم سلوم محتوى تربويا بمشاركة أولادها، وتقول إنه "يساعدها في قضاء وقت أطول مع أبنائها لتتعرّف على اهتماماتهم عن قرب".

المفارقة تحكيها سلوم "يقوم الأولاد بتصوير محتوى مفيد بدلا من قضاء معظم الوقت أمام الشاشة".

وترى ريم أنّ ظهور أطفالها على الشاشة من شأنه بناء طريقة صحيّة في كيفية إدارة الأولاد لوقتهم على السوشيال ميديا خاصة عندما يكبروا وتكون لهم حساباتهم الخاصة، كما يعزّز الثقة بالنفس لدى الأولاد، والتحدث مع الآخر أو أمام الكاميرا.

تحاول ريم إقامة التوازن بين السوشيال ميديا، التي تعتبرها هواية في أوقات فراغ الأطفال من جانب، والمدرسة من جانب آخر، معتبرة أن تعريضهم لوسائل التواصل الاجتماعي في سن مبكرة يعلمهم كيفية التحكم بالشهرة بطريقة مسؤولة وذكية.

دخلت ماما هامو عالم السوشيال ميديا عام ٢٠٢٠، وتقدّم الفيديوهات باللغة الإنكليزية، مع أنها تشدّد كونها عربية فلسطينية رغم هجرتها منذ فترة طويلة إلى كندا.

تقديم المحتوى بطريقة طريفة بالإنكليزية، يعكس هدفها بأن تظهر بعفوية وتزرع الفرح والإبتسامة لدى كل من يتابعها، وبالمقابل اكتسبت "محبة الناس وثقتهم وعندي مجموعة من الأعمار بحبوني"، حسب ما تخبر بلينكس.

"الكلمة الصادقة طالعة من قلبي"، كما تؤكّد ماما هامو التي تتحفظّ على ذكر اسمها الحقيقي "لأنني أحب أن تبقى حياتي الخاصة private". وتكتفي بمشاركة محتوى منوّع بمواضيعه مع احترام عين المتابعين، وبعض من أعمالها اليدوية التي تمارسها كهواية.

بدأت "ليلي" مشاركة يومياتها مع ابنتها ليانا في العام ٢٠٢٢، وبعد ولادة ابنتها يارا انضمّت إلى عالم صناعة المحتوى.

عن قرارها بأن تكون "أمّا" على السوشيال ميديا، تقول لبلينكس إنها اختارت توثيق لحظاتها مع ابنتيها، عبر عرض المشاكل والصعوبات التي تواجهها كأمّ "في قالب كوميدي إلى حدّ ما. ليستفيد الناس ولتعرف كل أمّ أنها ليست وحدها".

تؤكّد ليلي أنّ الفيديوهات واليوميات لا تعكس كل جوانب حياتها، وإنّما تختار بعض اللحظات من يومها والوقت الذي تمضيه مع أولادها، و"طبيعي أن نضحك ونُظهر الجانب الإيجابي الذي يفرّح الناس".

ولكن "حياتنا أنا وغيري ممّن يشارك هذا النوع من المحتوى، ليست مثالية"، كما تشير بعض التعليقات.

تشرح الاستشارية التربوية وصاحبة منصة "علّمتني كنز" غزل بغدادي لبلينكس، إيجابيات وسلبيات مشاركة الأم تفاصيل حياتها مع الأولاد.

عند نشر التفاصيل الحقيقية اليومية لـ"الأم الحقيقية" وتفاصيل التربية الصعبة والسهلة والمعقدة، "فإن كل أمّ متابعة ستشعر بالتضامن. أنتِ لست وحدك".

هنا تشعر الأم بالدعم العاطفي، ما يساهم بتقليل الضغط النفسي الذي تسببه الأمومة. كما أنّ نشر التجارب الناجحة التي مرت بها الأم، يعطي أملاً للمتابِعات، وحافزاً للمرور بهذه التجربة والقدرة على تخطيها والنجاح بها.

تستدرك بغدادي، قائلة "معظم حسابات الأمهات اليوم، تسعى لرسم صورة خيالية غير حقيقية عن أمومتها وأطفالها، الأمر الذي يسبّب ضغطا نفسيا للأم الحقيقية.

لذلك تنصح غزل بغدادي كل أمّ بأن تبقى حقيقية، وتهتمّ بالمحتوى الذي تقدّمه لأنّ "طفلك أهم من الترند، والمحتوى وعدد المتابعين ونسبة الوصول".

تتحدّث حنان عزّ الدين، مؤسسة مبادرة The Family Hub، عن الخطر الذي يهدّد الأطفال خلال تواجدهم في سنّ مبكّر على منصات السوشيال ميديا وعرض تفاصيل حياتهم، لأنهم يصبحون أكثر عرضة للتنمّر والتعليقات السلبية.

تشرح عز الدين مبدأ الـvalidation culture، أو ثقافة السعي خلف "التصديق" من الآخرين، حيث يعتمد الأطفال على العالم الخارجي للشعور بالامتنان، والحصول على الدعم من خلال التعليقات أو المشاركات.

وتضيف: "إعجاب المتابِعين قد يتحوّل إلى إدمان مشاركة أدقّ تفاصيل حياتهم مع الغرباء بهدف تلقي المديح".