الذهب "الأرجنتيني" مقابل الطعام

توضح نتاليا، إحدى البائعات في متجر للمشغولات الذهبية: "أتى عدد كبير من الأشخاص في الآونة الاخيرة، بسبب ما تمر به البلاد. هم أشخاص كانوا يملكون قطعا ربما لم يخططوا لبيعها، لكنهم قرروا القيام بذلك لأنه لم يعد بإمكانهم تغطية نفقاتهم".

وتضيف أن المتجر يقوم بأكثر من 300 عملية بيع يوميا، أي ٣ أضعاف ما كان الوضع عليه قبل عام. وتتابع "لقد زدنا عدد الموظفين وساعات العمل لكي نتمكن من مواكبة" الوتيرة الجديدة للأعمال.

يعزز اتجاه التخلص من الذهب، عروض تلفزيونية ومقاطع فيديو تنشر على يوتيوب تحمل عناوين مغرية تشجّع المشاهدين على الذهاب وبيع قطع الذهب التي يملكونها.

لكن الدافع الأساسي وراء هذه الموجة هو تآكل القدرة الشرائية التي خنقها التضخم المزمن وانهيار قيمة البيزو في ديسمبر، الذي دفع بعض الأرجنتينيين في الأشهر الأخيرة إلى استخدام مدّخراتهم. والآن، تحوّلوا إلى مجوهراتهم.

من جهته، يقول دانيال، وهو محاسب عاطل عن العمل يبلغ 56 عاما، يدخل المتاجر الأكثر تواضعا لمحاولة بيع حلقة مفاتيح فضية: "الوضع معقّد، كلفة الحياة في الأرجنتين مرتفعة جدا".

لكن يبدو أن القطعة التي حاول بيعها ستبقى في حوزته، بعد رفض معظم المتاجر التي دخلها دفع نقود في ميدالية فضية، فيما عُرض عليه التنازل مقابل مبلغ زهيد جدا.

يذكر كارلوس الذي يدير متجرا صغيرا للمجوهرات، أن لديه تدفقا مستمرا للزبائن لكنّ أيا منهم لم يأت ليشتري. ويوضح "يجلبون أي شيء ليتم تثمينه، خصوصا في نهاية الشهر، عندما تصلهم الفواتير".

بدورها تقول نتاليا "الشيء الكلاسيكي الذي يأتون لبيعه هو خاتم الزواج، لكنهم يجلبون أيضا مجوهرات من العصر الفيكتوري، من حقبة جميلة، حصلوا عليها من أجدادهم، إنها قطع فريدة".

ورغم الفقر الذي يؤثر رسميا على 42% من السكان، ليس من غير المألوف في الأرجنتين أن تملك الأسر المتواضعة مجوهرات.

وتوضح نتاليا أنه قبل بضعة عقود، كان من الشائع أن يملك الرجال أزرار أكمام ذهبية وأن تُهدى النساء ساعة ذهب عندما يبلغن 15 عاما مضيفة "دائما ما كنا نبيع الذهب.. ما تغير هو سبب بيعه".

وتمضي قائلة "في السابق كان يباع لإعادة تصميم منزل أو شراء سيارة أو إقامة حفلة. أما اليوم، فيقول الراغبون بالبيع: لأنني لا أستطيع تغطية نفقاتي، وبسبب ارتفاع الفواتير، أو لأنني عاطل عن العمل".