الـAI في صناعة المحتوى.. تحديات يجب مواجهتها

يعرّف شادي دياب، مستشار إعلامي وباحث وصحفي سابق ومتخصّص بصحافة الذكاء الاصطناعي وإعلام الميتافيرس، إعلام الذكاء الاصطناعي أو صحافة الذكاء الاصطناعي، بأنه مصطلح حديث يُشير عموماً إلى أي محتوى إعلامي تمّ إنتاجه باستخدام إحدى أدوات الذكاء الاصطناعي، والتقنيات التي تُستخدم لعلاج النصوص والصور والصوت بشكل ذكي.

للذكاء الاصطناعي تأثير كبير على عالم صناعة المحتوى بشكل عام، والإعلام والعمل الإخباري بشكل خاص. إنّ كل محرر وصحفي تقريباً، تعامل لمرة واحدة على الأقل مع برامج تحرير النصوص والصور والفيديو التقليدية لصناعة محتوى إعلامي، ذلك بهدف استكمال الفكرة والمحتوى الخاص بالمادة الإعلامية المُستهدفة.

أما اليوم، يوفّر الذكاء الاصطناعي حلولاً متكاملة، وتطبيقات وأدوات تختصر الوقت والجهد، وتتجاوز قدرات البرامج العادية، وتتلقى التعليمات من المُستخدم لتخرج له النص أو الصورة أو الفيديو المطلوب بأفضل شكل وبجودة قد تفوق أحياناً جودة المحتوى الأصلي.

الذكاء الاصطناعي صُمّم وابتُكر من قبل شركات ليست ناطقة بالعربية بالضرورة، وحاولت تطبيقات الذكاء الاصطناعي دوماً التغلب على تحديات اللغات المختلفة، وهي تتطوّر دائماً ليتمكّن المستخدم مهما كانت لغته من التعامل مع التطبيق من دون أي عائق.

انطلاقاً من تجارب ومشاهدات شخصية، يشير شادي دياب أن اللغة العربية ما زالت تُشكل تحدياً هاماً لشركات تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي، بسبب خصوصيتها وتعدد أشكال الكتابة واللفظ للكلمة الواحدة.

وتمكّنت بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي، منها تطبيقات صناعة Avatar، من التغلب على المصاعب أثناء التعامل مع اللغة العربية، من خلال تشكيل كل حرف وكل كلمة قد يتعدد لفظها.

مثالاً على ذلك، لو وضعت كلمة "مرحبا" في تطبيق HeyGen، فإن الذكاء الاصطناعي سيقرأ هذه الكلمة بشكل خاطئ وسيرفع حرف الميم ويشدد حرف الحاء، ولكن عندما تُكتب كلمة "مَرْحَبا" مُشكَّلةً وعند وضع التشكيل الصحيح فوق كل حرف، فإن هذا التطبيق سيقرأ الكلمة بالشكل الصحيح.

نحن اليوم في سباق مع الذكاء الاصطناعي نفسه، الذي قطع شوطاً كبيراً في عالم الإعلام وصناعة المحتوى.

ويوفّر الـAI العديد من الخدمات لقطاع الإعلام، أهمها: الوقت، الجهد، الحصول على محتوى إعلامي أكثر جودة أحياناً من المحتوى "التقليدي" الذي لا يعتمد على هذه الأدوات. لذلك على الإعلامي أن يلجأ اليوم إلى الذكاء الاصطناعي، وأن يُتقن التعامل مع أدواته، ولكن بشكل مسؤول.

الاستخدام المسؤول يبدأ من الفرد نفسه، من خلال الإلمام بأخلاقيات المهنة الإعلامية، بقواعد ومعايير العمل الإعلامي المِهنية، والتعرّف على الفرص والتحديات أثناء التعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي، منعاً للوقوع في أي لغط.

وقد طُرحت مخاوف من قِبل جهات رسمية متعددة منها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجهات أخرى، ركّزت على التحذير من دور الذكاء الاصطناعي في نشر المعلومات المضللة ونشر محتوىً قد لا يكون إيجابياً بالضرورة.

ينوّه شادي إلى ما قاله، في 12 يونيو 2023، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بأنّ العالم يجب أن يواجه "الضرر الدولي البالغ" الناجم عن تفشي الكراهية والأكاذيب عبر الفضاء الرقمي.

ورحّب في الوقت نفسه بفكرة تأسيس كيان دولي خاص بموضوع الذكاء الاصطناعي، قائلا إن هذا المقترح يجب أن ينبع من "إرادة الدول الأعضاء" في الأمم المتحدة.

من هنا أهمية وعي العقل البشري في التحكّم باستخدامه لهذه الأدوات، إلى جانب دور المؤسسات والجهات التي تُعنى بوضع قواعد وضوابط العمل الإعلامي وصناعة المحتوى، بالتثقيف المُبكّر بأسس ومبادئ التعامل مع الذكاء الاصطناعي.

مهما تطوّر الذكاء الاصطناعي، سيبقى عاجزاً أن يضاهي العقل البشري الذي صنعه وابتكر أدواته. ولن تكون أي أداة من الـ AI قادرة أن تحلّ مكان البشر، في إنجاز المهام الابتكارية والعمل الإبداعي، بل ستكون عاملاً مكمّلاً لها.

لذلك لا يجب التخوّف من التعامل مع الذكاء الاصطناعي، بل التعرف عليه ومواكبة كل جديد فيه.

ويشدّد دياب على أهمية الممارسات التدريبية، إلى جانب الطروحات الأكاديمية، التي تشكّل أفضل نهج ممكن للتعامل مع الذكاء الاصطناعي.

وعليه، من المفيد أن تقوم المؤسسات والجهات التي لديها كوادر يتطلب عملها التعامل مع التكنولوجيا الحديثة باستمرار بوضع خطط تدريبية دورية، بحيث تطور أداء كوادرها وتزودهم بكل جديد في عالم الذكاء الاصطناعي، بما هو مرتبط بمجال العمل والتعليم أياً كان نوع العمل الذي تقوم به تلك الجهة.