لايف ستايل
.
أثرت الحرب في سوريا على المجتمع بشكل كبير، وبدأت التقارير تتوارد من مدنها عن زيادة إقبال الشابات على تجميد البويضات، فبحسب موقع "أثر برس" المحلي، أصبح الإقبال في دمشق على هذه التقنية علنيا، بخلاف الشمال السوري الذي لم يعهد بعد هذا الأمر، على ما أكد مسؤول أحد مراكز معالجة العقم وأطفال الأنابيب لـ"بلينكس".
لكن لماذا يلجأن السوريات لمثل تلك التقنية؟ وما علاقتها بالحرب الأهلية السورية؟
تعتمد تقنية "تجميد البويضات" على سحب البويضات من المرأة بعد فترة علاج وتلقي جرعات تحريض الإباضة، وتجميدها في مختبرات الأجنة، لاستخدامها أي تخصيبها مع الحيوان المنوي وإعادتها إلى رحم المرأة.
في العادة لا تلجأ النساء غير المتزوجات إلى هذه التقنية، ومنذ شيوعها خلال العقدين الأخيرين، كانت تُستخدم من قبل المتزوجات، لحالات محددة، منها إصابة المرأة بمرض السرطان، بمعنى سحب وتجميد البويضات قبل تلقي العلاج الكيماوي، الذي يؤثر على الخصوبة.
لكن راهنا، تزايد الإقبال على تقنية التجميد، بين العازبات، كما توضح طبيبة مختصة بمعالجة العقم لمنصة بلينكس من مدينة حلب.
تتحدث الطبيبة التي فضلت عدم ذكر اسمها، عن جملة أسباب تدفع الشابات غير المتزوجات إلى تجميد البويضات، تقول: "نُسأل كثيرا عن إجراءات سحب البويضات وتجميدها، وخاصة بعد الحرب".
وتُضيف: "تأخر سن الزواج يؤرق المرأة، والخوف من انقطاع العادة الشهرية أو ما يعرف بسن اليأس يفعل فعله بتفكير المرأة، لذلك البعض منهن يجري هذه العملية، على أمل أن لا تُحرم الأمومة في حال الزواج لاحقا، حيث يمكن تخصيب البويضة بنطاف الزوج المستقبلي".
الطبيبة لا تعتقد أن هناك تزايدا في الإقبال على هذه التقنية، مرجعة ذلك إلى "الكلفة العالية" التي تزيد على 1500 دولار أميركي، إلى جانب الكلفة المتجددة (الأجور السنوية للتجميد)، وتقول: "الكلفة مرتفعة، وبالتالي لا نستطيع القول إنها باتت ظاهرة، لأن المجتمع السوري يعيش في غالبيته تحت خط الفقر".
لا يعارض القانون السوري تجميد بويضات النساء، وتجميد نطف الرجال، ويورد أستاذ طب الإخصاب والعقم وطب الجنين والوراثة في كلية الطب البشري بجامعة دمشق مروان الحلبي، أكثر من مبرر لذلك.
الحلبي أشار إلى أسباب اجتماعية مثل تأخر سن الزواج، وأسباب صحية مثل إصابة الفتاة ببعض الأمراض مثل الذئبة الحمامية الجهازية والداء الرثواني، التي تضطر بسببها إلى تناول بعض الأدوية الكيميائية التي تضعف الخصوبة وتقلل من مخزون المبيض.
يتابع: "هناك بعض السيدات لديهن قصور مبيض، ومعنى ذلك أنهن يعانين من قصور مبيض مبكر، بسبب ذلك تنفد البويضات قبل أوانها، أي يصبحن بسن اليأس في سن 30 عاما أو 27 عاما".
نادية، شابة سورية تفكر حاليا بتجميد البويضات، وتقول: "تراودني هذه الفكرة، لكن ما زلت أجد أن موعدها لم يحن، ما زلت في سن الثلاثين".
تكمل لبلينكس: "السنوات تمر، وفرصة الزواج القريب واردة.. لكن في حال تأخر هذه الخطوة لن أتردد في تجميد البويضات".
وأورد "تلفزيون سوريا" حالة لشابة أجرت عملية سحب البويضات وتجميدها، قالت في شهادتها: "تمت خطبتي على شاب انتظرته طويلا، إذ حالت ظروفه بأن نتزوج لتستمر خطبتنا نحو 7 سنوات وصلنا فيها مرارا وتكرارا للانفصال، وقررنا في نهاية المطاف بأن نتزوج على أن يبقى كلٌّ منَّا في بيت أهله، على أن نؤجل الإنجاب في الفترة الحالية بعد أن تمكن زوجي الذي يعمل فني أشعة منذ سنة من السفر إلى أربيل".
الباحثة المجتمعية في "مركز الحوار السوري"، كندة حواصلي، تؤكد أن الإقبال على تجميد البويضات في سوريا، يعود لانتشار ظاهرة العنوسة، وهي الظاهرة التي فاقمتها الحرب.
كندة تشير إلى الأرقام "المخيفة"، إذ تقدر مصادر حكومية رسمية نسبة العنوسة بنحو 70% أي 3 ملايين فتاة تجاوزن سن الثلاثين.
وتقول: "أسباب العنوسة باتت معروفة، نتائج الحرب، والهجرة حيث يدفع الفقر والهرب من التجنيد الإجباري الشباب إلى الهجرة".
حواصلي لفتت إلى موجات هجرة الشباب إلى أوروبا، بسبب الحرب وارتفاع نسبة البطالة، وغيرها من المسببات، ونجم عن ذلك، زيادة ظاهرة العنوسة في سوريا، وخاصة في السنوات الأخيرة، وفق الباحثة التي تُضيف: "العنوسة مدعاة للقلق في سوريا، وهناك فجوة واضحة بين عدد الذكور والإناث".
وفي حديثها لبلينكس أشارت إلى تداعيات خطيرة لظاهرة العنوسة، فتقول: "نشاهد كثيرا حالات تعدد الزوجات، وبعض الزيجات ليست بدافع الاستقرار، بل بسبب توفر الفتيات، وهذا يؤدي حتما إلى زيادة الطلاق".
الباحثة الاجتماعية كنده حواصلي، لم تستبعد فرضية "تجارة بشرية" وراء الإقبال على تجميد البويضات من الفتيات، حيث تتساءل: "بسبب الفقر وضعف المتابعة القانونية، ما قابلية استبعاد هذه الفرضية؟".
وفي الشمال السوري الخاضع لسيطرة فصائل معارضة مسلحة، لم تسجل هذه التقنية أي رواج بعد، وفق ما أكد أحد المسؤولين في "مركز سرمدا لمعالجة العقم وأطفال الأنابيب" لبلينكس، موضحا أن "المتوفر هنا تجميد الأجنة "المخصبة والنطف".
ثمة أسباب تجعل هذه التقنية غير متوفرة، منها انعدام الطلب، إذ يقول المسؤول: "تلقينا في المركز خلال 5 سنوات سؤالا واحدا عن تجميد البويضات".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة